رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجارديان: مصر نجحت في ترتيب المنطقة وإنهاء أسطورة إسرائيل بعد حرب 73

انتصارات أكتوبر
انتصارات أكتوبر

قبل 50 عامًا نجحت مصر في طرد جيش الاحتلال الإسرائيلي من سيناء في حرب 6 أكتوبر أو كما يطلق عليها الغرب حرب يوم الغفران، ليُعيد النصر المصري ترتيب الشرق الأوسط من جديد، فلا تزال آثار هذه الحرب محسوسة حتى اليوم، حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

أصداء حرب أكتوبر على إسرائيل والشرق الأوسط

وأكدت الصحيفة أنه قبل 50 عامًا شنت مصر وسوريا هجوم مفاجئ على إسرائيل، نجحت مصر بعده في استرداد شبه جزيرة سيناء بالكامل، وغيرت هذه الحرب إسرائيل والمنطقة ولاتزال أصداء انتصار مصر الكبير محسوسة في إسرائيل والمنطقة بالكامل حتى اليوم.

وقال أحد الجنود القدامى الذي كان يتمركز على مرتفعات الجولان المحتلة ويدعى نير عتير:"كنا 12 رجلًا وثلاث دبابات، وفي الوادي أدناه، كانت هناك ثلاثة ألوية سورية، مع 177 دبابة، كما اتضح بعد بدء الهجوم، كنا الشيء الوحيد الذي يمنع السوريين من دخول الجليل وغور الأردن، إلى منزلي، وعائلتي".

وتابع "اليومان التاليان كانا جحيما، لقد فقدنا العديد من الإخوة، ونفدت ذخيرتنا، في وقت ما كان العرب على بعد 350 مترًا فقط؛ أستطيع أن أرى بياض عيونهم، قررنا أننا نفضل الموت جالسين على قنبلة يدوية، ونأخذ بعضًا منهم معنا، بدلًا من أن نصبح أسرى حرب، لم يكن لدينا خيار وإلا لكانت إسرائيل قد دمرت".

أوضحت الصحيفة أن مصر قادت العملية العسكرية تحت قيادة الزعيم الراحل أنور السادات وكان معها سوريا بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وتلقى الثنائي دعم كبير من الدول العربية والتي تحالفت بقوة غير عادية، واستعادوا ما استولت عليه إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 التي شعرت إسرائيل بعدها بالغطرسة عقب استيلائها على مرتفعات الجولان السورية وشبة جزيرة سيناء وقطاع غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية.

وقال دودي بانيث، المظلي الذي أنهى خدمته العسكرية قبل أشهر قليلة من اندلاع الحرب، وتم استدعاؤه إلى جبهة سيناء: "بعد حرب الأيام الستة، كانت إسرائيل في حالة من النشوة، لقد كان انتصارًا هائلًا".

وتابع "شعرنا بأننا أبطال؛ لقد سار القتال كما خططنا، وكما تدربنا، وكما كنا نعتقد، ثم في عام 1973 واجهنا تهديدا وجوديا وكانت مفاجأة تامة، ليس لدي كلمات لوصف الشعور بأن كل شيء يمكن أن ينهار، وقد لا يكون لديك منزل لتعود إليه من ساحة المعركة".

عبور مصر وانهيار الأسطورة الإسرائيلية

أفادت الصحيفة البريطانية أنه في الثانية ظهرًا من يوم 6 أكتوبر والذي تصادف في هذا العام مع يوم الغفران، عبرت مصر وسوريا في وقت واحد خط وقف إطلاق النار الخاص بهما مع إسرائيل، وفي الجنوب، أرسل السادات خمس فرق يبلغ مجموعها 100 ألف جندي و1350 دبابة عبر قناة السويس، وفي الشمال، لمدة ساعة تقريبًا، شنت 100 طائرة ميغ سورية غارات جوية بينما قصفت 600 قطعة مدفعية كامل الجولان الذي تحتله إسرائيل، بما في ذلك منازل المدنيين والبنية التحتية، ووطأت كتيبة من المظليين السوريين أقدامها على الجانب الإسرائيلي من جبل الشيخ بعد حوالي ثلاث ساعات، واستردت على موقع المراقبة المهم التابع لجيش الدفاع الإسرائيلي هناك.

كانت القوات الإسرائيلية أقل عددًا بكثير على كلا الجبهتين، ولم تكن مستعدة على الإطلاق، ولكن بعد ثلاثة أيام من القتال العنيف، وصلت الأرض الهجومية المصرية إلى طريق مسدود، وفي الجولان، تمكن الإسرائيليون من إرجاع سوريا ثم شن هجوم مضاد، والتوغل في عمق الأراضي السورية بما يكفي حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من قصف المنطقة، ولكن الوضع في مصر كان أكثر تعقيدًا، حيث كانت مصر أكثر جاهزية للقتال والحرب واسترداد أرضها بالكامل، خصوصًا مع التحالف العربي القوي، وبعد أسبوعين ونصف، جرت محاولة ثانية لوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، وتلا ذلك محادثات فض الاشتباك في عام 1974.

تغيير خريطة الشرق الأوسط

وأوضحت الصحيفة أنه بعد الحرب لم يعد الشرق الأوسط كما كان مرة أخرى، وبسبب شعورها بالرضا عن أدائها العسكري، تمكنت مصر من الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات أسفرت عن مغادرة الإسرائيليين لشبه جزيرة سيناء بالكامل كجزء من أول اتفاق سلام عربي مع إسرائيل، والذي تم التوصل إليه في عام 1979، وهي الاتفاقية التي مهدت للسلام مع الأردن في تسعينيات القرن الماضي ومع عدد من الدول العربية مؤخرًا، وتحولت مصر لقيادة المنطقة فيما يخص محادثات السلام.

صدمة في إسرائيل

وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه في إسرائيل أحدثت صدمة حرب يوم الغفران تحولًا في المشهد السياسي، حيث استقالت رئيسة الوزراء جولدا مائير مع حكومتها بأكملها، أما حزب العمل الديمقراطي الاجتماعي الذي حكم إسرائيل حتى ذلك الحين فقد شهد انحدارًا منذ ذلك الحين، ورغم أنه استوعب الدرس الواقعي المتمثل في أن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد على التفوق العسكري فحسب، فقد بدأ خليفتها إسحق رابين عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

وقالت ديانا بوتو، المحامية ومفاوض السلام الفلسطيني السابق: "لقد تغير فهم كيفية ضمان الأمن الإسرائيلي بعد عام 1973، ولا تزال هناك أوجه تشابه مع الوضع الحالي".

وتابعت "في الضفة الغربية وقطاع غزة، بغض النظر عن مدى صعوبة محاولتهم، لن يتمكن الإسرائيليون أبدًا من تحقيق هزيمة عسكرية دائمة، لذا يصبح السؤال: متى سيستيقظون ويرون أن إنهاء الاحتلال ضروري؟ كما حدث في مصر قبل 50 عامًا، بعد حرب يوم الغفران لم يصبح أي شيئًا مستحيلًا".