رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية وطن| "العفى محدش ياكل لقمته".. كيف أعاد السيسى تسليح الجيش المصرى ودعّم "أسود البحر"؟

تسليح الجيش المصري
تسليح الجيش المصري

ربما سمع الكثير من المصريين مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسي "العفي محدش ياكل لقمته" التي وجهها لشباب مصر في أحد المؤتمرات، لتعكس مدى القوة الصلبة لمصر فى مواجهة من يحاول المساس بها، وقد قاد الرئيس السيسي عملية تحديث وتطوير القوات المسلحة بالتزامن مع جهود مجابهة الخطر الإرهابي الذي شهدته مصر بعد عام 2013.

تحركت القيادة السياسية بالتوازي في إجراء تحديثات عاجلة وفعالة لجميع أفرع الجيش المصري، وقد فرضت الظروف التي عانت منها مصر خلال المدى الزمني المحيط بعام 2011 - والتي كانت تهدد بمنع الدولة المصرية من ممارسة دورها الإقليمي والدولي المنشود - الحاجة إلى قوة ردع تسمح للقاهرة بصيانة مقدراتها السياسية والاقتصادية، خاصة في ظل التهديدات التي طرأت على المحيط الإقليمي لمصر خاصة في الاتجاه الغربي والجنوبي، وكذلك في شرق المتوسط.

وقد بدأت عمليات تطوير مكثفة للقوات المسلحة المصرية، على المستويين التكتيكي والاستراتيجي، ضمن خطة عامة لتطوير التسليح على جميع المستويات بشكل يضمن لمصر قدرة الردع من جهة، وقدرة تنفيذ عمليات هجومية خارج الحدود من جهة أخرى. مع الوضع في الاعتبار تطوير قوات خفيفة الحركة وثقيلة التسليح. وتدريبها على مواجهة المخاطر غير النمطية مثل عمليات التنظيمات الإرهابية في سيناء.

وبحسب كتاب "حكاية وطن.. الرؤية والإنجاز" الصادر عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد وضعت مصر خطة تحديث شاملة للقوة العسكرية المصرية. سعت مصر طيلة السنوات التي أعقبت عام 2014 إلى تنويع مصادر التسليح، بهدف القضاء على فكرة احتكار التسليح من جانب دولة من الدول، وذلك لعدد من الاعتبارات من بينها الحفاظ على استقلالية القرار المصري وعدم الخضوع للضغوط والابتزاز الذي يمكن أن تمارسه الدولة المصدرة للسلاح، ناهيك عن أن مصر استفادت من جميع القدرات والإمكانات التسليحية المتطورة لدول العالم بما يضمن لها الحفاظ على أمنها القومي ضد التهديدات والتحديات التي نواجهها، ويستعرض الجزء الثاني عناصر خطة تحديث القوات المسلحة المصرية.

تطوير القوات البحرية

كما وضعت البحرية المصرية خلال عام 2011 خطة عاجلة لتحديث تسليحها على مستوى الكم والنوع، لأسباب عديدة تأتي على رأسها التهديدات الإقليمية الجدية المتعلقة باستخراج الغاز الطبيعي شرقي المتوسط. وقد ركزت هذه الخطة على زيادة أعداد الفرقاطات وزوارق الصواريخ والغواصات، والحصول على سفن للإنزال البرمائي، ما يوفر للبحرية المصرية قدرات كبيرة على شن عمليات خارج نطاق السواحل المصرية، كذلك روعي في هذه الخطة تقسيم القوة البحرية المصرية إلى قسمين: الأول، باسم "أسطول البحر المتوسط"، والثاني، باسم "أسطول البحر الأحمر" وكذا تجهيز البنية التحتية لتكوين لاحق لقسم جديد في القوات البحرية المصرية وهو قسم "طيران البحرية".

وقد تضمنت الخطة كذلك عقد العديد من صفقات التسلح التي مثلت إضافة نوعية إلى البحرية المصرية على مستوى الكم والنوع، حيث تعاونت مصر في عام 2014 مع فرنسا لشراء أربعة طرّادات صاروخية من الفئة "جويند 2500" في صفقة تعدت قيمتها مليار يورو، وتتميز هذه الفئة من الطرادات بتسليح ممتاز يضع في الحسبان أنواع التهديدات، حيث تتسلح بمدافع من عياري 20 و76 ملم، بجانب 16 خلية لإطلاق صواريخ الدفاع الجوي من نوع "ميكا"، وثمانية صواريخ مضادة للسفن من نوع "إكسوسيت"، وأنابيب لإطلاق الطوربيدات المضادة للغواصات.

وكان عام 2015 عامًا ذهبيًا في سياق هذه الخطة؛ ففي يوليو 2015 وقعت مصر مع فرنسا عقدًا تسلّمت البحرية المصرية بموجبه فرقاطة متعددة المهام من الفئة "مريم"، فسلحة بالنسخة الثالثة من صواريخ "أكسوسيت" المضادة للقطع البحرية وقاذفي طوربيدات من عبار 323 ملم، بجانب صواريخ "اشتر 15 للدفاع الجوي"، ومدافع من عياري 20 و76 علم وتسلمت البحرية المصرية في أغسطس من نفس العام زورق الصواريخ الهجومي من الفئة مولينيا بي - 32 روسي الصنع كهدية، وهو إضافة نوعية أيضًا حيث يتسلّح بأربع منصات لإطلاق صواريخ "موسكيت" المضادة للسفن. بجانب مدافع من عياري 30 و76 ملم وصواريخ "سام- 18 المضادة للطائرات".

وكانت الإضافة الأهم إلى الأسطول البحري المصري خلال عام 2016 حين تعاقدت مصر مع فرنسا على شراء سفينتي هجوم برمائي من الفئة "ميسترال" بقيمة وصلت إلى مليار دولار لتكون مصر الدولة الوحيدة في المنطقة، بالإضافة إلى الجزائر التي تمتلك مثل هذا النوع من أنواع السفن الحربية التي أضافت إلى البحرية المصرية قدرات برمائية مثالية تسمح لها بتنفيذ عمليات متكاملة في نطاق بعيد عن القواعد البحرية المصرية. وبهذا انتقل سلاح البحرية المصرية إلى مرتبة أعلى في التصنيف العسكري البحري ليصبح قادرا على العمل في نطاق سواحل الجمهورية وفي البحار والمحيطات التي تقع في الحد الإقليمي لها بعد أن كان يصنف في السابق على أنه بحرية تعمل في نطاق "الأنهار والسواحل" فقط مثل أغلب أسلحة البحرية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وكان من أهم الإضافات التسليحية التي تلقتها البحرية المصرية وصول الفرقاطة "العزيز" من الفئة "E-A200" إلى ميناء الإسكندرية في نوفمبر عام 2022، لتنضم رسميًا إلى أسطول القوات البحرية المصرية، وتعد هذه الفرقاطة واحدة من أربع فرقاطات من هذه الفئة، وقد قامت مصر وألمانيا بتوقيع عقد لتصنيعها في أغسطس 2019، بحيث يتم بناء ثلاث فرقاطات في ترسانة "SBN" الألمانية في حين يتم بناء الرابعة في مصر بالشراكة مع شركة ترسانة الإسكندرية البحرية.