رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة لوزير الشباب


      تابعنا مع عموم المصريين ذلك اليوم الاحتفالي بتفوق جامعات مصر، الذي شهدته محافظة الإسماعيلية وشرّفه بالحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه اليوم الذي يمكن اعتباره يومًا شبابيًا علميًا بامتياز، وهو ما يمثل حلقة جديدة من حلقات متتالية تعكس اهتمام القيادة السياسية بالشباب المصري، فلا يمكن لمنصف أن يتجاهل اهتمام الدولة بملف الشباب منذ تولى الرئيس السيسي سدة الحكم.

      والملاحظ أن معظم الجهود والبرامج التي شهدتها مصر، والخاصة بالشباب يتم تنظيمها وإدارتها بعيدًا عن وزارة الشباب والرياضة وقطاعاتها المختلفة، إذ اكتفت الوزارة بتنفيذ برامجها المعتادة واستحداث بعض البرامج الأخرى.

وإقرارًا بالفضل، فإن من واجبنا أن نشهد بأن كثيرًا من المشروعات والبرامج تم استحداثها خلال تولي مهندس خالد عبد العزيز الوزارة، والذي تحرك بديناميكية ونشاط في كثير من المحاور؛ فاستمع باهتمام للشباب، وابتكر العديد من الأفكار والمشروعات، كقيامه بتطوير عدد كبير جدًا من مراكز الشباب، فضلًا على ابتكاره مسابقة "إبداع"، التي استهدفت اكتشاف الموهوبين في مختلف القطاعات.

    وقد كان لي شرف طرح اقتراح باستحداث مسابقة للموهوبين في التقديم الإذاعي والتليفزيوني ضمن تلك المسابقة، وبسرعة شديدة تتناسب مع إيقاع الشباب رحبت بالفكرة د.أمل جمال سليمان، وكيلة الوزارة حينها، وأم الشباب- كما كانوا يلقبونها- فتشكّلت لجنة تحكيم من كبار الإعلاميين، وتم اكتشاف عدد من الموهوبين الحقيقيين حينها، ملأنا الأمل أن يتم تقديم رعاية لاحقة لمواهب "إبداع" في كل أفرع المسابقة، لكن للأسف لم تهتم الوزارة بتقديم الدعم لهؤلاء الشباب، فالأهم من الفوز بالجائزة هو رعاية الموهبة حتى تثبّت أقدامها ومن ثم يتحقق لها النجاح والانتشار.

     ومع تولي د. أشرف صبحي الوزارة زاد تفاؤلي بانخراط الوزارة في مزيد من الأنشطة والفعاليات التي تجذب معظم الشباب إلى مراكز الشباب، فأنا أعرف الرجل ومنهجيته في التفكير كأستاذ إدارة رياضية، ثم كمسئول عن العلاقات العامة والتسويق بنادي الزمالك، ثم كرئيس لهيئة استاد القاهرة، وكمساعد لوزير الشباب، ففي كل تلك المراحل تميز الرجل بالخلق الحسن والشياكة في التعامل والإنجاز في صمت.
  وبالفعل بدأ الوزير في استحداث برامج جديدة، كان من بينها تأسيس منظومة إعلامية متكاملة باسم "بوابة الشباب"، كلف بإدارتها الصحفي الكبير جمال نور الدين، الذي بذل جهدًا كبيرًا لخروج البوابة إلى النور متحديًا البيروقراطية المعتادة، حلم الرجل ومن اختارهم لمساعدته من ذوي الخبرات بأن تكون البوابة منصة لتأهيل وتدريب شباب الإعلاميين من خريجي كليات الإعلام، والبارزين في مسابقة المذيع ضمن مهرجان "إبداع" للعمل في راديو وتليفزيون تبثهما الوزارة أونلاين. كان المستهدف هو جعل تلك البوابة منصة حقيقية تعكس أنشطة الوزارة وتبرز مشروعات الدولة الخاصة بالشباب بأصوات الشباب أنفسهم وبإشراف عدد محدود من الكفاءات من ذوي الخبرات في العمل الإعلامي وفي التعامل مع هذه الفئة العمرية، لكن السؤال: أين هذه المنظومة الآن وماذا أنجزت حتى اليوم؟ 
   كما يحسب للدكتور صبحي إعادة إحياء مشروع قديم كان قد حقق نجاحات كبيرة قبل عام 2011، وهو مشروع "محكى الشباب"، الذي كان يستهدف توجيه الرسائل الوطنية والتربوية للشباب، من خلال قيامهم بتنفيذ مشاريع عملية تتعلق بما لديهم من مواهب، إذ كان المشروع قائمًا على تجميع عدد من شباب المحافظات في منشأة شبابية بواحدة من محافظات الإقليم كنوع من تعريف الشباب بمحافظات مصر، ثم توزيعهم- وفقا لرغباتهم- بين ورش عمل مختلفة تتنوع بين الفن التشكيلي والغناء والمسرح والإعلام والشعر والتمثيل، وبعد عدة أيام من التدريب الجاد يكون هؤلاء الشباب مؤهلين لتقديم عرض ختامي احترافي متكامل، يبرز ما أنجزته كل ورش العمل ومحمّل بكثير من الرسائل الوطنية والتربوية التي تلقاها الشباب بصورة غير مباشرة خلال أيام المحكى، لكن أيضا كما بدأ المشروع بحماس عاد وتوقف فجأة بعد دورة ناجحة له في الأقصر وأخرى بالجيزة ودورة أخيرة بالإسكندرية.
 كل هذه ليست إلا نماذج لجهود كثيرة شرعت فيها وزارة الشباب، منها ما توقف ومنها ما استمر على استحياء، ولكن السؤال الملّح الذي يطرح نفسه وانتبه إليه السيد الرئيس فوجّه وزير الشباب إلى الاهتمام به: كم من المواطنين- عامة وشبابنا خاصة- يتابع بل يعرف بكل تلك الجهود؟ فكل هذه النشاطات- كما أشار السيد الرئيس- لا يتم إظهارها وتوجيهها وتسويقها؛ ليعرف الشعب ما يتم بذله لصالح قطاع الشباب، الذي يمثل نحو 65% من إجمالي عدد السكان، وليتأكد الجميع أن شبابنا محل دعم واهتمام كبيرين من الدولة.
  وبشفافية شديدة تحدث الرئيس أيضًا عن تجنيس بعض المواهب الواعدة من الرياضيين المصريين لصالح دول أخرى، فحجة كل الهاربين من الرياضيين هي أن ممارستهم هذه اللعبة أو تلك تستنزفهم ماليًا، في حين أنهم لا يجدون ما يوازي جهدهم عند تحقيقهم إنجازًا أوليمبيًا أو عالميًا أو قاريًا، وهنا سأل السيد الرئيس أين دور وزارة الشباب في علاج تلك الظاهرة القديمة الحديثة؟ وفي ملمح اتسم بالإنسانية والواقعية أيضًا وجّه سيادته بضرورة زيادة دعم الأبطال، وبمزيد من الإنفاق على تأهيلهم للبطولات العالمية والقارية، ثم مكافأة من يحققون إنجازات بما يوازي ما بذلوه من جهد ويسد كل المنافذ على الجهات التي تسعى لجذبهم إليها.
     نكتب هذا بتجرد شديد وبإخلاص أشد لوطننا، آملين من الوزير "صبحي"، بما أعرفه عنه من ذكاء وتقبل للأفكار، البحث عن آلية تجعل برامج ومجهودات وأنشطة الوزارة تحت سمع وبصر واهتمام عموم المصريين، وجاذبة لمزيد من الفئة المستهدفة. ويقيني أن لفتة السيد الرئيس وتوجيهه الراقي هي فرصة للوزارة لإعادة النظر في ملفاتها وإعادة تقييم المشاريع والبحث عن آلية فاعلة للإعلام بكل تلك المنجزات، وظني أن الوزير صبحي سيفتح الأبواب لكل أصحاب الأفكار التي تحقق المستهدف وتنفذ التوجيه الرئاسي، ولا يساورني أدنى شك أن الوزير سيجد حوله كثيرين من عشاق هذا الوطن المخلصين له على أتم الاستعداد لتقديم يد العون بالعمل الجاد وطرح الأفكار القابلة للتنفيذ، سواء من المنسوبين للوزارة الذين يعملون في قطاعات قد لا تناسب كفاءاتهم وخبراتهم، أو من خارج الوزارة من ذوي الخبرات بالعمل الشبابي.