رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمى للسلام

فى عام 1981، تم بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/67 تحديد الاحتفال باليوم العالمى للسلام ليكون متزامنًا مع موعد الجلسة الافتتاحية لدورة الجمعية العامة التى تُعقد كل عام فى ثالث يوم ثلاثاء من شهر سبتمبر.
وقد احتُفل بأول يوم للسلام فى سبتمبر 1982، وفى عام 2001 صوَّتت الجمعية العامة بالإجماع على القرار 55/8282، والذى يعيِّن تاريخ 21 سبتمبر يومًا للامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار.
وفى هذه المناسبة، تدعو الأمم المتحدة الأمم والشعوب كافة إلى الالتزام بوقف للأعمال العدائية خلال هذا اليوم، وإلى إحيائه بالتثقيف ونشر الوعى لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام، وموضوع فعاليات اليوم العالمى للسلام لسنة 2023 هو "العمل من أجل السلام طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية حيث يمثل دعوة للعمل تقر بمسئوليتنا الفردية والجماعية عن تعزيز السلام ويسهم تعزيز السلام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي سيؤدي تحقيقها إلى تكوين ثقافة سلام للجميع.
والسلام كلمة ما أحلاها، والسلام صناعة ما أسماها، وبغير السلام يكون عالمنا جحيمًا، والإنسان فى حاجة دائمة إلى السلام، فالسلام هو حُلم الإنسانية المتعبة، وهو أمل النفس الخائفة المضطربة، وهو الرجاء الباسم الذى يتطلع إليه عالم اليوم.
إنه حاجة الأغنياء والفقراء.. حاجة العظماء والأدنياء.. إنه حاجة البشرية جمعاء بغير استثناء، ولا جدال فى أن السلام هو أسمى الأحاسيس فى هذا الوجود، ولكن من المؤسف أن نرى أن كلمات مثل العنف والإرهاب، والتدمير فرضت نفسها بقوة فى الآونة الأخيرة، وأصبحت صناعة الحروب هى الصناعة الأولى الرائجة فى العالم.
ومن المؤسف أنه رغم التمدين والحضارة، ورغم تغلب الإنسان على كثير من المشكلات، والأمراض الفتاكة، ورغم اخترع الإنسان لكثير من الاختراعات الباهرة، وصعوده إلى الفضاء فى رحلات ناجحة.. من المؤسف أن نقول إن عدد قتلى الحروب فى هذه الأيام يفوق كثيرًا الذين قُتلوا فى الحروب الماضية فى كل تاريخ البشرية السابق.. أين السلام؟
لقد أصبحت كلمة السلام اليوم فى عالم الخيال، وأصبح الناس ينظرون إلى السلام كما ينظرون إلى حُلم جميل عذب صعب المنال يتراءى فى أعماق الغيب، وصار كل شخص لا يذكر هذه الكلمة، إلا وقلبه يتقطع من الحزن والأسى، فما أغزر الدموع التى تسيل مدرارًا، وما أكثر الدماء التى تُسفك أنهارًا، فالدول من حولنا تحارب بعضها بعضًا، والإنسان يقتل أخاه فى الإنسانية، والقوى يريد أن يفتك بالضعيف، والغنى يصُم آذانه عن سماع تأوهات الفقير.. لقد فقد عالمنا هدوءه وسلامه، وأصبحنا نعيش فى شبه غابة موحشة يتصارع فيها المخلب والناب، غابة صار فيها البقاء للأقوى، وأضحت الاستمرارية للعنيف.
إن عالمنا فى مسيس الحاجة للسلام، فبغير السلام يصبح البيت عذابًا، وبغير السلام يصير القلب أتونًا، فطوبى لصانعى السلام، هل لك يا أخى أن تجاهد لتصنع السلام؟!.. إن الجهاد الحقيقى الذى تُباركه السماء هو الجهاد الذى يكون لأجل صنع السلام، وليس زرع الخصام.
إن السعادة الحقيقية هى للذين يصنعون السلام مهما كلفهم الأمر، والغبطة هى لمن يشترون السلام، ولو كلفهم تضحيات كثيرة، والفرحة هى لمن يُوجِدون السلام حيث توجد الكراهية، ولمن يَزرعون الحب حيث يوجد العنف، ولمن يُوجَدون الصلح حيث يوجد الخصام.
صلى أحدهم هذه الصلاة:
يا رب اجعلنى أداة لنشر سلامك
حيثما توجد الكراهية اجعلنى أبذر بِذَار المحبة
وحيثما توجد الإهانة اجعلنى أبذر بذار العفو
وحيثما يوجد الباطل اجعلنى أبذر بذار الحق
وحيثما يوجد الشك اجعلنى أبذر بذار الإيمان
وحيثما يوجد اليأس اجعلنى أبذر بذار الرجاء
وحيثما يوجد الظلام اجعلنى أبذر بذار النور
وحيثما يوجد الحزن اجعلنى أبذر بذار الفرح
آمين.. آمين.