رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطورات الأوضاع فى كاراباخ.. متى بدأت الأزمة وهل يستمر اتفاق وقف إطلاق النار؟

كاراباخ
كاراباخ

تعود أزمة إقليم ناجورنو كاراباخ للنزاع التاريخي والسياسي بين أرمينيا وأذربيجان بشأن هذه المنطقة، والتي تعرف أيضا باسم "قره باغ" في أذربيجان.

وتعود أصول هذا النزاع إلى الفترة السوفيتية السابقة وتحديدا إلى عام 1923 عندما تم تقسيم "ناجورنو كاراباخ" بين أذربيجان وأرمينيا.

أصول الأزمة في كاراباخ

وفي هذا السياق، قال أحمد السيد، الباحث بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية: تكمن المشكلة الرئيسية في الطابع الاثني والتاريخي للمنطقة، حيث يعيش فيها أغلبية سكانية من الأرمن ولكنها جزء من أراضي أذربيجان، وعلى مر العقود، نشبت توترات ونزاعات دموية متكررة بين الجانبين بسبب المطالب الإثنية والوطنية والتنازع على السيادة على هذه المنطقة.

وأشار السيد في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن النزاع نشب  بشكل أكبر في نوفمبر 2020، عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الأذربيجانية والقوات الأرمينية حول ناجورنو كاراباخ، وباندلاع الصراع العنيف الذي راح ضحيته قرابة 3 آلاف جندي أذربيجاني و4 آلاف جندي أرمني في ستة أسابيع من القتال، سارعت جميع دول العالم إلى الدعوة إلى وقف الحرب واللجوء للحلول سلمية، وتم نشر قوات حفظ سلام روسية لمراقبة وقف إطلاق النار الجديد الذي توسطت فيه موسكو.

وتابع السيد: "في عام 2022، اندلع القتال بين القوات الأرمينية على طول الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، وقتل نحو 100 جندي أرميني و70 جنديًا أذربيجانيًا في الاشتباكات، ما تسبب في النهاية بأزمة إنسانية داخل الإقليم نتج عنها نقص الغذاء والدواء والوقود".

وأوضح السيد، أنه مُنذ ذلك الحين ولم تنجح المحادثات في التوصل إلى اتفاق سلام دائم، إذ تشارك روسيا وفرنسا والولايات المتحدة في رئاسة مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي كانت تحاول إنهاء النزاع ولكن أصبح هذا الأمر موضع شك بسبب الحرب الروسية لأوكرانيا، ويسعى الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى المساعدة في التوصل إلى حل سلمي للقضية.

تداخل القوى الدولية في كاراباخ

ولفت السيد إلى أن مشكلة هذا الإقليم تتمثل في تداخل القوى العظمة في هذه الأزمة، وربما هذا الأمر ما سيجعل البلدين المتحاربين تعيدان التقدير الاستراتيجي للأطراف التي ستنخرط هذه المرة في الصراع، وإلى أي طرف ستنحاز كل قوى كبرى، وهنا نتحدث عن أربعة لاعبين أساسيين وهم روسيا والولايات المتحدة وأوروبا وتركيا.

وحول روسيا، قال السيد: تلعب روسيا دورًا مهمًا كوسيط في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان،  وتاريخيا، لديها علاقات قوية مع الجانبين، وهي عضو في منظمة مجلس الأمن والتعاون في البحر الأسود الذي يضم أيضًا أرمينيا وأذربيجان ومنظمة معاهدة الأمن الجماعية باعتبارها جزءًا من رابطة الدول المستقلة، وكانت روسيا وسيطًا في التوصل إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020، ولكن بتغير وتسارع الأحداث الدولية الأخيرة، شككت أرمينيا وقادتها في فعالية الدور الذي تقوم به روسيا في حفظ السلام، خاصة وأن موسكو قد رفضت مساعدتها ضد التوغلات الأذربيجانية، ولم تفعل شيئًا حيال هذا الهجوم الجديد، وإلى جانب النزاع، شعرت موسكو هي الأخرى بالإهانة من تقديم أرمينيا المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، هذا بالإضافة إلى أن الحرب في أوكرانيا قللت بالفعل من قدرة روسيا على العمل في مسرح أرمينيا.

وأوضح السيد أن الولايات المتحدة تعتبر أرمينيا وأذربيجان دولتين مهمتين في منطقة القوقاز وقد قدمت دعمًا لأرمينيا من خلال المساعدات الإنسانية والتنموية، لكنها أيضًا تتعاون مع روسيا وغيرها من القوى الدولية في محاولة لحل النزاع.

فيما يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا مهمًا في دعم جهود تسوية النزاع والتنمية في المنطقة، ويسعى إلى تعزيز الحوار بين الجانبين وتعزيز الاستقرار في القوقاز.

فيما تدعم تركيا بقوة أذربيجان في النزاع وتعتبر نفسها داعمًا للقومية التركية، قد أثرت دعم تركيا لأذربيجان على التوترات في المنطقة، وفقا للسيد.

وأكد السيد أن انخراط هذه القوى الدولية الكبرى ودورها في النزاع يعقد جهود تحقيق تسوية دائمة ويؤدي إلى تعقيد المسألة، لذا يتمثل الحل في تعاون هذه القوى معًا لتحقيق السلام والاستقرار في "ناجورنو كاراباخ" والمنطقة المحيطة بها.

واختتم السيد تصريحاته قائلا: "تشير الأحداث المتكررة بين أرمينيا وأذربيجان في ناجورنو كارباخ إلى استمرار التنافس الجيوسياسي في المنطقة، وعلى الرغم من الدعوة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار إلا أن الوقائع السابقة تشير إلى أنه لن يكون هناك وقف دائم وأن هذا الاتفاق سيتم اختراقه على المدى القريب".