رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد سالم.. شيطان غافل أحد الملائكة وسرق ثيابه أم ملاك أغواه شيطان؟

الفنان أحمد سالم
الفنان أحمد سالم

أحمد سالم، المبدع في أكثر من مجال، فهو  فنان ممثل، ومخرج، وإذاعي، ومهندس طيار. رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العالم 1949. صاحبة الجملة الأشهر في الإذاعة المصرية، “هنا القاهرة”، وهو أول من أطلقها.

درس الطيران

درس أحمد سالم الطيران في بريطانيا، وعاد منها بعدما أنهي دراسته وهو يقود بنفسه طائرته، اكتشف الفنانة كاميليا، وتزوج من أسمهان، ومديحة يسري وتحية كاريوكا. 

وفي السينما مارس أحمد سالم العمل والإبداع في أكثر من مجال، في مجالات السينما، فأنتج ومثل، وألف، وأخرج. ومن هذه الأفلام التي جمع فيها أحمد سالم بين أكثر من فرع سينمائي: رجل المستقبل، أجنحة الصحراء، الماضي المجهول، دنيا، المنتقم، حياة حائرة وغيرها.

 

ــ أحمد سالم في مرآة ذكي طليمات

في عددها الـ 109 الصادر بتاريخ 1 سبتمبر عام 1953، نشرت مجلة الكواكب مذكرات الفنان زكي طليمات، وفي جزء منها حديث عن أحمد سالم، استهله بالحديث عن امتلاء حياة “سالم” بالعديد من الحيوات رغم قصرها: حياة أحمد سالم، وهي قصيرة، تؤلف قصص ذات اعتبار، وهي حياة تدور على محورين، وتقدم وجهين واضحين رجلا من نار في دنيا العمل، ورجلا من نار في ساعات المتعة ومغامرات الهوى والشباب. وبين هذين المحورين ترتفع الشائعات وتهدر الإدعاءات، ويذوي فحيح الحاسدين. وتختلف الآراء في هذا الشاب الذي أبدعته الطبيعة على أحسن ما يكون الرجل، وهو في مقتبل العمر.

ــ أحمد سالم شيطان غافل أحد الملائكة وسرق ثيابه 

ويضيف “طليمات”: فمن الناس من يراه شيطان غافل أحد الملائكة وسرق ثيابه، ومنهم من يراه ملاكا أغواه شيطان ومنهم من يعده قد جمع بين الأثنين. ولكن الذي لا شك فيه أنه جمع بين الأثنين، وأنه بهذا وذاك ذو شخصية ملفتة، شخصية كل إنسان يعمل في معترك الحياة وخلفه رصيد غني مما تمنحه الطبيعة، ثم يعمل في جرأة لا تعرف أين تقف.

ويلفت زكي طليمات إلى أن: أحمد سالم وصل إلى مصر قادما من إنجلترا حيث كان يدرس الهندسة في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، وكان يريد أن يهبط أرض مصر علي متن طائرة يقودها بنفسه، ولكن الحظ خانه وهو معلق في الهواء، تحطمت الطائرة، ولكن أحمد سالم خرج منها سالما يحمل قلبا جريئا مغامرا ليصبح حديث الناس.

وتمضي أيام وليال، وإذا بالشاب المهندس الطيار يعين مديرا لاستديو مصر، وتوضع بين يديه صناعة السينما. وتمضي أيام قليلة وليال، فإذا هو يتولي إدارة دار كبيرة للنشر والطباعة. ثم هو يشرف بعد ذلك علي عمل آخر في مؤسسة جديدة.

هذا والشباب في جسمه وفي روحه فوار ثائر، هذا والمال تفيض به جيوبه وذلك من مرتباتهم في إدارة هذه المؤسسات، ثم مما يأتيه من غلة أرضه، فسرعان ما سطع نجمه في النوادي الليلة، وفي ميادين السباق وفي مجالات الهوى والشباب.

 

ــ كيف جمع أحمد سالم بين كل هذه المواهب؟

ويمضي زكي طليمات في حديثه عن الفنان أحمد سالم: "وتساءلت مع الناس كيف يسع ذهن واحد تولي هذه الإدارات المتناثرة طبيعة وعملا، وكل إدارة منها تتطلب أخصائيا يتولي على شئونها؟ وكيف يجمع ذهن واحد تكاليف هذه الأعمال مع مشاغل السباق ومجالات الشباب؟

 

ثم ما العلاقة بين الهندسة والطيران، وبين إدارة استديو للسينما؟، وما؟ .. وما إلى آخره مما أثاره هذا الموقف من تساؤل. وقالوا إنه النبوغ الذي يقدر على كل شئ حتي إدخال السيارة في كوب ماء. وقالوا إنه الحظ الذي يعطي بلا حساب وقالوا وقالوا .. وما أكثر ما يكون الحساد والمتعطلون.

 

واستدرك “طليمات”: ولكنني أطرقت، وقد عقل لساني، بعد أن سمعت أن أحمد سالم يباشر عمله في هذه المؤسسات بنشاط عجيب، وأنه على أقساط غنية من الكياسة والظرف والذكاء وسعة الأفق. 

أطرقت متأملا لأرى هل يغني النشاط والظرف وما يتبعهما من الصفات، هل يغني هذا في تولي هذه الأعمال الفنية عن العلم المكين والمعرفة الواسعة والتخصص في هذه الأعمال وأطرقت لأري إلي أي حد يصدق المثل المعروف “أعط العيش للخباز ولو يأكل نصفه. ودار عجلة الزمن، والزمن قاسي على من يخرج على حقائق الأشياء”.

 

ــ رؤية أحمد سالم في السينما والمسرح

ومما أدركه الفنان زكي طليمات من معرفة وصداقة بزميله الفنان أحمد سالم، ينقل في مذكراته، رؤية الأخير عن السينما والمسرح، مشيرا إلى: قال ــ أحمد سالم ــ إنه يجد أن تنشئ الحكومة أكثر من فرقة واحدة لكي يقوم التنافس بينهما فوافقته رأيه ولكن على شريطة أن يتوافر عدد من الممثلين والممثلات يصح أن تقوم عليهم فرقتان قويتان بعناصرها. ثم سألني لماذا لا أكون للسينما مخرجا بعد أن عملت بها ممثلا؟، فقلت له أنني درست وتخصصت في الإخراج المسرحي فقط، ولا أحب أن أعمل في فن لم أتخصص في دراسته. ووجدت الفرصة سانحة لأتحدث في السينما لأسمع وأري رأي قائد من قوادها، فسألته عن حال السينما. فأجاب: أننا في أول الطريق، فوافقت.

 

ــ أحمد سالم يحرج طليمات

وسألته لماذا لا تستعين إدارة استديو مصر ببعض كبار السينمائيين ذوي الشهرة العالمية في أمريكا من أجل تعليم جيل جديد من الشبان، باعتبار أن السينما فن جديد ويقوم على الآلة ونواحيها المختلفة. وأجاب أحمد سالم: أن البركة في الموجودين، وأشار برأسه إلي بعض رؤساء الأقسام بالاستديو، ورفعت وجهي إليهم فإذا هم ينظرون إلي نظرات لا تدل على الرضا، فلم يسعني إلا أن أحني رأسي مبتسما وقد أحسست بحرج شديد، ولعنت صراحتي، ولكن سرعان ما جاء الفرج، جاء سكرتير المدير ــ أحمد سالم ــ ببرنامج السباق المقدم في نادي الجزيرة.