رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطيب الأزهر: الأمة الإسلامية لن تنهض وتتقدم إلا إذا أعادت صلتها بالله ورسوله

خطيب الجامع الأزهر
خطيب الجامع الأزهر

ألقي خطبة الجمعة اليوم في الجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "واجبات الأمة نحو كاشف الغمة صلى الله عليه وسلم".

 

لا توجد منة أعظم من أن يكون زعيم هذه الأمة هو محمد

وقال الدكتور ربيع الغفير، إن الله عزّ وجل منّ علي المؤمنين بأن بعث فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه المنة هي العطاء الأعظم والأكبر ولا توجد منة أعظم من أن يكون في هذه الأمة حبيب الله وسيد الخلق الذي جمع الله له من المواهب والمكارم مالم يمنحه لغيره من العالمين، حيث قال تعالي: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ."

وأوضح خطيب الجامع الأزهر أنه في الأمم السابقة كان إذا كذب القوم رسولهم ورفضوا شرع الله سلط الله عليهم عذاب الاستئصال بحيث لا يدع فيهم أخضر ولا يابس وتزلزل الأرض من تحت أقدامهم وتمطر عليهم السماء عذاباً، أما هذه الأمة فرحمة الله بها عظيمة رغم أن كبار قريش طلبوا من الله أن ينزل عليهم العذاب، قال تعالي: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ إلا أن جواب الله عزّ وجل جاء رحمة للعالمين، قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، وكأن الله يقول كيف أعذب أمة فيها حبيبي، فلابد من الوقوف أمام هذه المنة العظمى ونرى حقوقها علينا وواجباتنا نحوها.

وتساءل الدكتور الغفير عن واجبات الأمة نحو كاشف الغمة، وأجاب بأن من هذه الواجبات هو معرفته صلى الله عليه وسلم حق المعرفة، حيث إن الأمة جميعها كبارًا وصغارًا، شيوخًا وشبابًا، رجالًا ونساء تحبه في قلوبها لكن من مقتضيات هذه المحبة أن تعرف هذا الرسول الكريم معرفة الحق ثم تعرف الآخرين به بكل السبل والوسائل الممكنة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي التي يجب استخدامها في التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، هذا النبي الذي شهد الأنام بفضله حتي العدا والفضل فيما شهد به الأعداء.

الواجب علي المسلمين معرفة الرسول حق المعرفة

وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى أن الكتب السماوية السابقة وصفت النبي صلى الله عليه وسلم بمثل صفته في القرآن الكريم، فمن الواجب علي المسلمين معرفته حق المعرفة وأن ننزله قدره وأن نحبه صلي الله عليه وسلم لأنه صلي الله عليه وسلم أجدر بذلك فهو الرسول الذي حنَّ له الجذع، وهو الذي بلغ من المنزلة والمكانة عند رب العالمين بأن جعل الله طاعته من طاعته سبحانه قال تعالي: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾.

وتابع الدكتور الغفير: وجعل رضاه ملازماً لرضاه جلَّ في علاه، كما جعل بيعته صلي الله عليه وسلم من بيعته، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، وهو الذي بلغ من مقامه العظيم عند ربه بأن أخبره بالعفو قبل الفعل، قال تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾، وهو الذي آمن به الكثيرون رغم قصر مدة دعوته بخلاف نوح عليه السلام، وموسي عليه السلام الذي تفجر له الحجر؛ النبي صلى الله عليه وسلم نبع الماء من بين أصابعه، وعيسى عليه السلام أعطاه الله إحياء الموتي؛ أما النبي صلى الله عليه وسلم أنطق الله له الشاة المذبوحة المسمومة فقالت لا تأكلني فإنني مسمومة، الله سخر الريح لسليمان عليه السلام وغدوها شهر ورواحها شهر؛ لكن البراق صعد به صلي الله عليه وسلم إلي السماء السابعة ثم عاد إلى الأرض وصلى في مكة، والله علم سليمان منطق الطير؛ لكن الضب نطق بين يديه صلي الله عليه وسلم.

الأمة الإسلامية لن تنهض وتتقدم إلا إذا أعادت صلتها الصحيحة بالله ورسوله

وأقسم خطيب الجامع الأزهر بأنه لا كرامة لهذه الأمة ولا نهضة ولا رفعة ولا ذكر ولا تقدم لها إلا إذا أعادت صلتها الصحيحة بالله ورسوله وأدت واجبها نحو هذا النبي الذي تحمل وجاهد وكابد الكثير والكثير في سبيل دعوته، وهذا النبي الذي جاء بالخير والهداية وفهمنا من خلاله دين الله عزّ وجل، هذا النبي الذى فتن به المستشرقون فقضوا الساعات والساعات في دراسة حياته وسيرته العطرة وألفوا الكتب التي توضح حكمته وبلاغته صلى الله عليه وسلم.

ثم اختتم الدكتور الغفير حديثه بتوجيه رسالة إلى الأمة الإسلامية بأن تفيق من غفوتها وأن يشكروا الله على هذه النعمة وبتوجيه الاعتذار لرسول الله نحو التقصير والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم وأن يكون ذكره صلى الله عليه وسلم في عقولنا وقلوبنا علي مر الدهور والأعوام والأيام لا أن نتذكره مرة واحدة بالعام.