رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وليد الخشاب: صناعة نشر الكتاب الورقي في تراجع على مستوى العالم

وليد الخشاب
وليد الخشاب

ما بين أول الكتب المنشورة وصولا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبان ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتي حقوق الملكية الفكرية وغيرها. في سلسلة حوارات تقدمها الــ “الدستور” يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.

يحدثنا الشاعر والمترجم دكتور وليد الخشاب، أستاذ الدراسات العربية بجامعة يورك، كندا عن تجربته مع دور النشر وعالمه. و"الخشاب"، سبق وصدر له: “دراسات في تعدي النص” “مهندس البهجة .. فؤاد المهندس ولا وعي السينما” كتاب نقدي، المجموعات الشعرية: “الموتي لا يستهلكون”، “كشك اعتماد”، “قمر مفاجئ” ، "مدخل إلى الشعر الشفاهي" ترجمة، غير ذلك.

 

ـ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟

أول كتاب نشرته حظي بدعم كبير وظهر بمنتهى السهولة. كانت وزارة الثقافة تعيش واحداً من عصورها الذهبية في التسعينات وكان الدكتور جابر عصفور هو الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وكلف الصديق الروائي منتصر القفاش بإدارة سلسلة الكتاب الأول، مانحاً إياه صلاحيات وحريات كبيرة. فاقترح علي منتصر أن أبني على دراساتي التي كانت منشورة بالفعل في مجلات فصول وأدب ونقد وغيرها مشروعاً لعمل كتاب نقدي متكامل. هكذا ولد كتابي "دراسات في تعدي النص" وكان من باكورة الإصدارات في تلك السلسلة عندما أعاد الدكتور عصفور إطلاقها عام 1995.

الصعوبة واجهتها عندما نشرت ديواني الأول "الموتى لا يستهلكون" لأن الناشرين عادة ما يواجهون صعوبات في نشر الشعر بشكل لا يعرضهم للخسارة. لكني في نهاية المطاف، وجدت ترحيباً من الناشر محمد هاشم ونشر ديواني في دار ميريت عام 2001.

 

ــ ما المشاكل التي واجهتها بخصوص حقوق النشر والملكية الفكرية؟

لم أواجه في حياتي مشاكل خاصة بالملكية الفكرية، لكن في المقابل، لم أتلق يوماً مقابلاً مادياً لنشر قصائدي، وأعتقد أن تلك هي القاعدة الآن: مكافأة المبدع هي نشر شعره أو نثره. لكن ما زالت إلى اليوم هناك جهات -بين المجلات والصحف والمواقع- تمنح المبدعين مكافآت نظير نشر أعمالهم. أما الترجمات فعادة ما كنت أتلقى مقابلا لنشرها. المؤلف الأصلي بالفرنسية هو الذي لم يكن يتلقى مقابلاً في القرن العشرين. وإن كانت برامج دعم الترجمة التي تقدمها الهيئات الأوروبية قد أصبحت تمول حقوق المؤلف والمترجم عند نشر عمل مترجم عن لغة أوروبية إلى العربية.

 

ــ كيف تواجه هذه المشكلات مع الناشر؟ وما أصعب موقف تعرضت له؟

لم أتعرض لمثل هذه المشاكل في تجربتي في نشر الإبداع أو النقد أو الترجمات. أما أصعب موقف تعرضت له فكان مع الصديق الناشر “حسني سليمان” صاحب دار شرقيات، عندما تأخرت في تسليم ترجمتي لكتاب "مدخل إلى الشعر الشفاهي" لبول زومتور، مما هدد مصير النسخة العربية للكتاب، الذي يشكل مرجعاً أساسياً في دراسات الشفاهة في العالم أجمع. لكن انتهى الأمر بنشر الكتاب في دار شرقيات عام 1999 بعد عدة سنوات من توقيعي عقد الترجمة مع إدارة دعم الترجمة بالمكتب الثقافي الفرنسي برئاسة المستعرب الكبير ريشار جاكمون، والذي غادر البلاد قبل أن يرى ترجمتي بسبب تأخري في تسليمها.

ــ هل سبق ووصلت خلافاتك مع ناشر ما إلي ساحات المحاكم؟

لا ولله الحمد.

ــ هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك ؟

لم أساهم في تكاليف نشر أي من ترجماتي لكتب، مثل ترجمتي لديوان منى لطيف غطاس "ترانيم الكروان" أو ترجمتي لكتاب بول زومتور "مدخل إلى الشعر الشفاهي". ولم أدفع شيئا لنشر كتبي النقدية المحررة أو المؤلفة، مثل "دراسات في تعدي النص" أو "مهندس البهجة"، فقد تولى الناشر في هذين المثالين تكاليف النشر. لكني ساهمت في تكاليف طباعة كافة دواويني الشعرية.

ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟

أحلم باستكمال دراستي لعالم فؤاد المهندس الإبداعي في كتاب جديد، لأن كتابي "مهندس البهجة" الصادر في دار المرايا قد ركز على فترة عصر المهندس الذهبي في السينما، بينما أحب أن أتناول أيضاً مسرح المهندس، والذي عاش عصراً ذهبياً أطول من فترة نجوميته في السينما. للأسف لا يتسع كتاب واحد لتغطية كافة أوجه مساهمة فؤاد المهندس الفنية والثقافية.

 

ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟

بشكل عام، صناعة نشر الكتاب الورقي كما كنا نعرفها في القرن العشرين في تراجع في العالم كله. ما زال هناك سوق للكتاب الورقي، لكن النشر الإلكتروني يتسع نصيبه من السوق وخلال بضعة عقود سوف يكون النشر إلكترونيا بالأساس ويصبح الكتاب الورقي مجرد عنصر رمزي يضفي قيمة على المنتج الثقافي، لكنه لن يكون الوسيط الأساسي حامل المنتج. أما في العالم العربي فارتفاع أسعار الورق تجعل سعر الكتاب عالياً وتعجل بتنمية وسائل النشر الإلكتروني سواء عن طريق بيع نسخ رقمية أو إتاحة الكتب على منصات افتراضية. وبمعنى ما، هذا تطور وتغير في صناعة النشر، وليس تراجعا بحتاً.