رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

120 يوم حرب| السودان يواصل النزيف.. والجيش يقترب من حسم الأزمة

السودان
السودان

مرت 120 يومًا على بدء الحرب في السودان منذ تمرد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في الخامس عشر من أبريل 2023 على مجلس السيادة الانتقالي والقوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ما أسفر عن أزمة إنسانية طاحنة بخلاف التداعيات التي خلفتها الأزمة على دول الجوار وسط مساعٍ من أجل حل الأزمة.
ومع مرور أكثر من 120 يومًا على هذه الحرب، حذرت المنظمات الدولية من زيادة عدد النازحين واللاجئين بخلاف ارتفاع أعداد الضحايا خاصة وسط المدنيين في ظل سعي أطراف الصراع لإحكام سيطرتهم على المناطق الحيوية.

خرائط السيطرة في السودان

السياسي السوداني الدكتور أحمد المفتي،  مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، مؤسس الحركة الجماهيرية الحقوقية وتعليقًا على  مرور أربعة أشهر على الحرب أكد أن الجيش ما زال مسيطرًا بنسبة تفوق الـ95% على أراضي السودان.

لكن على مستوى العاصمة فإن موقف الجيش قوي جدًا، ولكن تضعفه عدة عوامل بحسب تصريحات خاصة لأحمد المفتي لـ"الدستور" تتمثل في التالي:

  • سيطرة الدعم السريع على مبانٍ عامة مهمة جدًا مثل القصر الجمهوري، وجزء من القيادة العامة للجيش، وجزء من مطار الخرطوم، والإذاعة والتليفزيون القومي، وبعض المرافق العامة، والمقرات العسكرية لكن يمنع الجيش من استردادها، الدمار الضخم جدًا الذي  سوف يلحق بالمباني، ولهذا الجيش يعتمد على حصارها ثم إخراج الدعم السريع من أماكن تواجده الأخرى بالخرطوم ومن ثم تستسلم تلك المواقع من دون تدمير.
  • وجود قوات الدعم السريع بالعديد من مساكن المواطنين والأماكن المدنية الأخرى، ويتركز جهد الجيش حاليًا على إخراجه من تلك الأماكن، إلا أن وجود المدنيين يعيق تحركه كثيرًا لدرجة أنه طلب من بعض قاطني مساكن أم درمان القديمة مؤخرًا، أن يخلوا مساكنهم حتى يتمكن من مهاجمة قوات الدعم السريع الموجودة بها.
  • تركيبة قوات الدعم السريع غير النظامية، تعطيهم مرونة في الحركة وإعادة الظهور في المناطق التي أعلن الجيش عن تحريرها، ولو بإعداد رمزية، وذلك يحبط الرأي العام.

موقف سلبي للمجتمع الدولي نحو السودان

رغم الدعوات الدولية خاصة من قِبل القوى الكبرى لوقف الحرب، إلا أن موقفها بدا سلبيًا بشكل أكبر، فلم تفرض عقوبات على قوات الدعم السريع التي تمارس الانتهاكات وتهاجم الحكومة الشرعية ومؤسسات الدولة خاصة القوات المسلحة.

وأمام هذا الوضع اعتبر أحمد المفتي في حديثه لـ"الدستور"، أن الموقف الدولي والإقليمي، كان داعمًا لاستيلاء الدعم السريع على السلطة بالقوة في ساعات قليلة، للتخلص من الإسلاميين، وقد مكنوه بكل ما يمكن أن يحقق ذلك، ولكن كان صمود الجيش، وخبرته القتالية، هي القشة التي قصمت ظهر البعير.

وكشف السياسي السوداني عن أن هذه الأطراف الخارجية لجأت للخطة "ب" وهي إخلاء جالياتها خلال 48 ساعة بطريقة لا يمكن أن تكون إلا معدة مسبقًا، وفي كل بياناتها حول الموضوع تفادت إدانة الدعم السريع بل كانت تدين الانتهاكات التي حدثت.
 مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، أكد أيضًا أن هذه الدول لجأت سريعًا جدًا وأسست منبر جدة بقيادة السعودية وأمريكا لضمان عدم خروج الأمر من تحت يديها ولمعرفتها بأنه يستحيل عليها استخدام مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي والصيني، لجأت إلى الاتحاد الإفريقي والإيقاد للعمل تحت مظلتهما وعندما طرحت مصر مبادرة دول الجوار السوداني، سعت إلى جرها كذلك للجهود الدولية القائمة، حتى لا تخرج من تحت يديها، إلا أن مصر حرصت على عدم إفشال هذه التحركات لجهودها، ومن ثم إبعادها عن الملف السوداني وهي أكثر الدول اهتمامًا به.

أوضاع إنسانية متردية

 الأمم المتحدة، وفي تقرير لها أمس الثلاثاء تزامنًا مع ذكرى مرور 120 يومًا على الحرب، أكدت أن أكثر من مليون شخص فروا من السودان إلى الدول المجاورة معظمهم لمصر، فيما يعاني السكان في الداخل من نفاد الغذاء بل يموت بعضهم بسبب غياب الرعاية الصحية.

 منظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) كشفت هي الأخرى أمس، عن أن القتال  في السودان هدد بجعل 1.5 مليون طفل فريسة للجوع بحلول سبتمبر، وسط تأكيدات بوجود ثمانية ملايين طفل في السودان يعانون من الجوع ومن المتوقع زيادة العدد إلى 9.5 مليون بما يعادل 17000 طفل إضافى فى اليوم.

أحمد المفتي وفي تعليقه على هذه الأوضاع الإنسانية أكد أنها سيئة للغاية، وبصورة لم تحدث في أي منطقة في العالم، لأن قوات الدعم السريع استهدفت المدنيين بطردهم من منازلهم وحرق ونهب متأجرهم  ومصانعهم.
وأوضح المفتي أن ضعف وجود الحكومة للإشراف على توزيع المساعدات أدى الى تسرب أجزاء مقدرة منها للسوق وعدم وصولها للمستهدفين، مشيرًا إلى أن الإشراقة الوحيدة، التي خففت المعاناة، هي استضافة الأسر في الوسط والشمال للهاربين من الحرب، لكن تصعيب إجراءات الدخول لبعض دول الجوار زاد من المعاناة، وتسهيلها من دول أخرى خفف من المعاناة.

سيناريوهات انتهاء حرب السودان

ومع مرور 120 يومًا على حرب السودان تباينت الرؤى بشأن إمكانية إنهائها سلميًا، وتجنب الدخول في حرب أهلية ممتدة كما حدث السنوات الماضية في ظل نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.

أحمد المفتي، كان له رأي مغاير، متوقعًا انتهاء الأزمة قبل نهاية العام الجاري، موضحًا أن المجتمع الإقليمي والدولي ليس من مصلحته استمرار الاحتراب في السودان، لأنه بخلاف النزاعات المسلحة الأخرى في مختلف دول العالم، يمكن أن ينتشر في كل دول الجوار، كما أن تغيير نظام الحكم في بعض دول الجوار الغربي للسودان، يصب في مصلحة الجيش السوداني، لأن قوات الدعم السريع كانت تعول كثيرًا على إمدادها بالمال والرجال. 
السياسي السوداني كشف أيضًا عن أنه من المتوقع أن الضغط العسكري المتواصل على قوات الدعم السريع سيعجل بإنهاء الحرب بجانب تمتع الجيش بحاضنة اجتماعية من كل المواطنين ضمن معادلة (جيش واحد.. شعب واحد)، وكذلك استنفار المواطنين بأعداد كبيرة جدًا يرفد الجيش بأعداد ضخمة من القوات.

وتوقع المفتي في نهاية حديثه، انتهاء الأزمة قبل نهاية هذا العام لأن استمرارها أكثر من ذلك لا يفيد أي طرف أو أي جهة من المسهلين، بل قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.