رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدرسة يونى فى أوغندا

كنت أعرف أن هناك قبائل يهودية صغيرة فى إفريقيا، لكن الحديث الكبير دائمًا عن يهود الفلاشا فى إثيوبيا، لم يهتم أحد بيهود أوغندا!، خلال الأيام الأخيرة وصلت الأنباء من هناك! وربما حان الوقت لنعرف كيف تعيش الجالية اليهودية الصغيرة فى أوغندا.

القصة بدأت أن عائلة «كوشير» الإسرائيلية تواصلت مع الجالية اليهودية فى قرية بوتى بأوغندا للتبرع بأموال للمساعدة فى إنشاء أول مركز يهودى فى أوغندا، ليس هذا فقط، بل دشنت العائلة حملة لجمع تبرعات لتلك القرية الفقيرة «تم جمع نحو ٤٠ الف شيكل حتى الآن».

بدأت القصة عندما عرض الابن على والده التبرع بجزء من أموال «هدايا الفرح» لصالح فكرة تسهم فى شىء جيد فى إفريقيا، بعد أن سمعوا عن محاولات القرية لإنشاء مدرسة مركز يهودى يقيم أنشطة ويعطى دروسًا لكن ليس لديهم ما يكفى من المال ليحققوا كل الخطط، قال الأب: «الآن سيتمكنون أخيرًا من إنهاء ما بدأوه، للتوسع وبناء نظام شمسى للطاقة والكهرباء والمياه النظيفة، وأشياء أخرى يحتاجون إلى تمويل من أجلها، وكانت الأسرة قد سمعت حول الاحتياجات المحلية من أفراد من المجتمع أتوا من بوتى إلى إسرائيل».

المجتمع اليهودى فى بوتى متواضع، فى الكنيس الصغير بقرية بوتى تُقام الصلوات ودروس التوراة، فضلًا عن الفعاليات والاحتفالات، الحى اليهودى يتكون معظمه من أكواخ طينية متهالكة، توجد به مزوزاه ورموز لنجمة داود والشمعدان، توجد فى المطابخ لبنة مخصصة تضىء عليها النساء شموع السبت والعطلات، كل شىء متواضع.

قصة اليهودية فى أوغندا، بدأت منذ وقت طويل، وأوغندا كانت حاضرة فى القصة الإسرائيلية أيضًا، فهى التى أطلق عليها ونستون تشرشل «لؤلؤة إفريقيا»، وكانت هى الدولة الإفريقية التى وعد هرتزل أن تكون إسرائيل بها، فى حين أوغندا لم يكن بها يهود، ولسبب ما لم يختر اليهود الهجرة إليها، وهو أمر مثير للدهشة تمامًا، لأنه لا توجد نقطة فى العالم تقريبًا لم يصل إليها اليهود، ويقول الباحثون إن «ظاهرة اليهودية فى أوغندا ظاهرة جديدة نسبيًا وغير معروفة حتى ثلاثينيات القرن الماضى، عندما تشكلت مجموعة أبيودايا، الذين لم يحصلوا على اعتراف من الحاخامية بيهوديتهم، هم يقولون لقد ولدنا يهودًا، واخترنا بمحض إرادتنا أن نكون يهودًا»، لكن الحاخامية لها رأى آخر.

جماعة بوتى اليهودية هى جزء من مجموعة أبيودايا، وتعنى «أطفال يهوذا»، التى يبلغ عدد أفرادها نحو ٤٠٠٠ شخص منتشرين فى ثمانى قرى، معظمها فى شرق أوغندا، قول الحاخام بيرنباوم: «اليوم هناك مجموعتان تشكلان جزءًا من (أبيودايا)، الاختلاف بينهما هو طبيعة التحول، فالمجموعة الأصلية خضعت لتحول محافظ فى بداية القرن الحادى والعشرين قبل نحو ٢٥ سنة، والمجموعة الثانية هى (بقايا إسرائيل) التى تضم سكان بوتى، وهم مهتمون بالتحول إلى اليهودية الأرثوذكسية وينتظرون ذلك منذ سنوات، لكن المؤسسة الحاخامية فى إسرائيل لم تعترف أبدًا بيهوديتهم. حاول العديد منهم الهجرة إلى إسرائيل، لكن البيروقراطية الإسرائيلية لم تسمح لهم بذلك». 

الجالية اليهودية الصغيرة تعيش فى قرية بوتى التى تبلغ مساحتها نحو ٢٠ كيلومترًا مربعًا ويبلغ عدد سكانها ١٥ ألف نسمة، فيما يبلغ عدد أفراد الجالية اليهودية ٢٥٠ شخصًا فقط.

أما المدرسة اليهودية الوحيدة فى القرية فهى مدرسة «يونى» إحياء لذكرى يوناتان نتنياهو «شقيق بنيامين نتنياهو» الذى سقط فى عملية عنتيبى عام ١٩٧٦، وهى المدرسة التى تفتقر إلى العديد من الأشياء مثل المعدات المدرسية والكهرباء والمياه والألعاب والمعدات الرياضية وغير ذلك، ولكن من المنتظر أن يتم تطويرها بأموال التبرعات وتوسيعها بالمركز اليهودى الجديد.

القصة اليهودية فى أوغندا لم تنته إلى هذا الحد، المجتمع اليهودى فى «بوتى» لم يكن صغيرًا هكذا، كان عددهم ٧٠٠٠ يهودى، لكن مع معاداة السامية ومنع ممارسة اليهودية من قبل الحكومة، ومصادرة أراضيهم، تحول عدد كبير منهم إلى المسيحية والإسلام، وهذا هو السبب فى قلة عددهم الآن.

المركز اليهودى الجديد سيكون موطنًا جديدًا لليهودية فى بوتى، وكذلك لليهود الذين سيأتون من جميع أنحاء العالم، بمن فى ذلك المسافرون الإسرائيليون الذين يأتون إلى أوغندا، إنها الخطة لضمان اليهودية فى أوغندا.