رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محطات فى مسيرة "ساطع الحصرى" أحد أبرز من حددوا مفهوم القومية العربية

ساطع الحصري
ساطع الحصري

تحل اليوم ذكرى ميلاد فيلسوف القومية العربية، المفكر السوري ساطع الحصري، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1879. وهو أحد رموز القومية العربية في العصر الحديث.

 

اختاره الرئيس جمال عبد الناصر عميدا لمعهد الدراسات العربية العليا في القاهرة خلال خمسينيات القرن العشرين. ولد الحصري في اليمن نظرا لعمل والده رئيسا لمحكمة الاستئناف في صنعاء. 

 

في بدايات حياته عمل ساطع الحصري في التدريس بالمدارس العثمانية في اليونان، ومع قيام الثورة العربية الكبري ضد الدولة العثمانية بقيادة الشريف ابن الحسين بايع الحصري الأمير فيصل.

 

وخلال خمسينيات القرن العشرين، عمل ساطع الحصري مستشارا للجامعة العربية في القاهرة. كما شغل منصب أول وزير لوزارة المعارف السورية عام 1920. وفي العراق تولي إدارة المعلمين العليا في بغداد، إلا أن أفكاره الليبرالية ودعواته لفصل دروس الدين عن دروس اللغة العربية، كما رفض إنشاء جامعة دينية في العراق فقوبلت آرائه وأفكاره بالرفض والاستهجان، حتى تم إبعاده عن العراق عام 1941.

 

ويعد المفكر السوري ساطع الحصري، أحد أعلام ورواد النهضة العربية الحديثة خاصة في مجال التربية والتعليم. كما أنه من أبرز المفكرين الذين حددوا بشكل واضح مفهوم الهوية القومية العربية. 

 

نادي ساطع الحصري بأن القومية العربية هي التي تشكل العمود الفقري لأية أمة، وهي المؤثر الأكبر حياة الأمم، وأن هناك فصل بين الدين والقومية، وهو ما دفع به للتفكير في حال الأمة العربية الراة تحت الحكم العثماني آنذاك فتوصل إلي حقيقة أن الأتراك ليس من حقهم أن يستعمروا العرب، أن يسحقوا القومية العربية تحت حجة الانتماء إلي نفس الدين ــ الدين الإسلامي ــ وهكذا تبلورت لدي ساطع الحصري فكرة الهوية القومية العربية.

 

ناهض ساطع الحصري حكم السلطان عبد الحميد القائم علي الحق الإلهي في الخلافة. وفي هذه الفترة بدأ في إدخال أساليب تربوية وتعليمية جديدة في مناهج التعليم في البلاد، إلي أن اندلعت الحرب العالمية الأولي وانهارت الأمبراطورية العثمانية وبدأت الثورة العربية الكبري عام 1916 وعلي أثرها نصب الملك فيصل نفسه ملكا علي بلاد الشام والتي كانت تضم آنذاك لبنان وسوريا والأردن والعراق وفلسطين، وتشكلت الحكومة العربية الأولي، وبأمر الأمير فيصل نفسه عين ساطع الحصري وزيرا للتربية والمعارف.

 

ــ يوم ميسلون .. صفحة من تاريخ العرب الحديث

وفي مذكراته المعنونة بــ “يوم ميسلون .. صفحة من تاريخ العرب الحديث”، يذهب ساطع الحصري، إلي أن "يوم ميسلون"، من أخطر الأيام التي سجلها تاريخ الأمة العربية، في العصور الحديث. لأنه كان اليوم الذي انقرضت فيه أول دولة عربية عصرية تأسست في الشام بعد الحرب العالمية الأولي.

 

ويوضح "الحصري": لقد كانت هذه الدولة، في الواقع. قصيرة العمر جدا، لأن المدة التي انقضت بين بدء تكوينها ــ عقب دخول جيوش الثورة العربية إلي دمشق ــ وبين انتهاء عهدها ــ باستيلاء الجيوش الفرنسية علي عاصمتها ــ كانت أقل من سنتين، 1 أكتوبر 1918 ــ 24 يوليو 1920.

 

ويستدرك ساطع الحصري: ولكن هذه الدولة الفتية علي قصر عمرها كانت عظيمة الدلالة، وجليلة الشأن، لأنها وليدة الثورة العربية وقبلة آمالها، إنها كانت دولة عربية عصرية بكل معني الكلمة. تشعر بعروبتها شعورا واضحا، وتعمل للقومية العربية عملا متواصلا، وتقدر في الوقت نفسه مقتضيات الحياة العصرية تمام التقدير. وقد تضافرت علي تأسيسها جهود أحرار العرب ومفكريهم، وتركزت حولها آمالهم وأمانيهم، بعد أن كان قد مضي علي عهود استقلال الأمة العربية ومجدها سلسلة طويلة من قرون الانحطاط والاستسلام.

 

و"يوم ميسلون". هو اليوم الذي اندثرت فيه هذه الدولة الفتية، إثر حملة عسكرية ماكرة، شنت عليها بعد سلسلة طويلة من المناورات والمخادعات السياسية.