رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحرك إيجابى.. خبراء اقتصاديون: رفع الفائدة يكبح التضخم الناتج عن الأزمات العالمية

البنك المركزى
البنك المركزى

أشاد عدد من الخبراء الاقتصاديين بقرار لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركــزى المصـرى برفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع ١٠٠ نقطة أساس.

وقال الخبراء، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، إن قرار اللجنة برفع سعر الفائدة، إضافة إلى طرح شهادات ادخارية جديدة بالجنيه والدولار، سيسهم فى جمع السيولة النقدية من الأسواق، فى ظل وجود زيادة فى المعروض النقدى، وارتقاع أسعار السلع.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزى المصـرى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع ١٠٠ نقطة أساس ليصل إلى ١٩.٢٥٪ و٢٠.٢٥٪ و١٩.٧٥٪، على الترتيب، بجانب رفع سعر الائتمان والخصم بواقع ١٠٠ نقطة أساس ليصل إلى ١٩.٧٥٪.

وحسب بيان صادر عن لجنة السياسات النقدية، جاء القرار لتفادى الضغوط التضخمية، والسيطرة على توقعات التضخم، فى ظل توقعاتها بوصول معدلات التضخم إلى ذروتها فى النصف الثانى من عام ٢٠٢٣، قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقًا، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن. 

وتعهدت اللجنة باستمرار متابعة التطورات والتوقعات الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، مع عدم التردد فى استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة، بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة ٧٪ «± ٢ نقطة مئوية» فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام ٢٠٢٤ و٥٪ «± ٢ نقطة مئوية» فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام ٢٠٢٦.

استكمال لإجراءات طرح الشهادات الدولارية 

ذكر الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن قرارات لجنة السياسة النقدية تؤكد أن لصانع القرار رؤية أخرى ناتجة عن معلومات وبيانات مالية. 

وأضاف «عبدالمنعم» أن البنك المركزى المصرى يحاول من خلال هذه الخطوة تخفيض معدلات التضخم، وإيصاله إلى المعدلات المستهدفة، وتوجيه الأفراد إلى الادخار بالجنيه المصرى، لتحقيق معدلات ربحية أفضل والابتعاد عن «الدولرة».

ورأى أن قرارات البنك المركزى جاءت مكملة لإجراءات البنوك فى الأيام القليلة الماضية، من طرح شهادات دولارية بفائدة ٢٠٪، بهدف تحجيم التضخم، وزيادة السيولة داخل القطاع المصرفى. وتابع: «طرح أذون خزانة بقيمة ٤٣ مليار جنيه، أمس الأول، نيابة عن وزارة المالية، وتراوح أسعار الفائدة على أذون خزانة التى طرحت بين ٢١.٥٠٪ و٢٤.٢٢٪، وبلوغ المتوسط المرجح للأسعار ٢٤.٠٧٪، و٢٤.٢٢٪، كل هذا يؤكد اتجاه الناس إلى الادخار أو شراء الذهب».

وأشاد بطرح مبادرات للأنشطة والقطاعات السياحية والصناعية والزراعية، لافتًا إلى مبادرة القطاع السياحى التى أعلنها البنك المركزى، وتلغى المبادرة السابقة ذات العائد المنخفض.

وأضاف: «الفائدة على القطاع الصناعى أصبحت ١١٪، حيث يتم منح الشركات فى قطاعى الصناعة والزراعة قروضًا منخفضة العائد بنسبة ١١٪، والحكومة تستخدم موارد الموازنة العامة لتغطية القروض، بعد تسلمها مسئولية تنفيذ المبادرة المدعومة من البنك المركزى».

وقال الخبير الاقتصادى إن صندوق النقد الدولى حث مصر على نقل تبعية المبادرات التمويلية منخفضة العائد التى كانت مسئولة عن إقراض القطاعات والمبادرات الاستراتيجية بما فى ذلك التمويل العقارى بأسعار أقل من السوق، إلى الوزارات المتخصصة، إذ كانت الحكومة تتحمل أعباء بـ١٥٠ مليار جنيه بسببها. وأضاف: «مع زيادة سعر الفائدة ستزيد الأعباء التى ستتحملها الحكومة على المبادرات من ١٠ إلى ١٥ مليار جنيه إضافية، نتيجة تحمل الحكومة فرق مبادرات تمويل مشروعات القطاع الصناعى والزراعى، ما يعنى زيادة عجز الموازنة». 

وواصل: «من يقول إن رفع سعر الفائدة سيؤدى إلى تخفيض التضخم وتقليل معدلات زيادة الأسعار فهو مخطئ، لأن أسباب ارتفاع الأسعار ترجع لزيادة تكلفة الإنتاج، وارتفاع تكاليف الحصول على المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، سواء من الداخل أو من الخارج».

وأكمل: «ارتفاع الأسعار سببه أيضًا جشع بعض التجار، واستغلالهم المواقف، ومحاولة تحقيق ثروات ومكاسب باهظة، وما يؤكد ذلك أن سعر الفائدة فى مصر زاد من ٢٠٢١ وحتى الآن فى حدود ١١٪ تقريبًا، ولم ينخفض التضخم، بل على العكس معدلات الأسعار فى زيادة».

قرار يتلاءم مع خطوات «الفيدرالى الأمريكى» والبنوك العربية والأوروبية 

أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن قرار لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى جاء بعد قرار البنك الفيدرالى الأمريكى برفع سعر الفائدة على الدولار، الذى تبعه عدد من البنوك العربية والأوروبية. وأضاف «غراب» أن القرار يهدف إلى تفادى الضغوط التضخمية، والسيطرة على توقعات التضخم، مبينًا أن اللجنة قررت فى آخر اجتماعين لها تثبيت سعر الفائدة دون تغيير، بينما رفعته فى اجتماعها الأخير من أجل مواجهة الضغوط التضخمية، والسيطرة على التضخم المتوقع أن يصل إلى ذروته فى النصف الثانى من العام الجارى، ثم يعاود الانخفاض إلى معدلاته المستهدفة.

ورأى أن قرار اللجنة برفع الفائدة، إضافة إلى شهادات الادخار بالجنيه والدولار التى طرحتها البنوك، كلها أمور ستسهم فى جمع السيولة النقدية من الأسواق، نظرًا لوجود زيادة فى المعروض النقدى، وارتفاع أسعار السلع. وأكمل: «قرار اللجنة جاء بعد رؤيتها أن هناك ارتفاعًا فى أسعار جميع السلع فى الأسواق، وهذا يعنى أن هناك ارتفاعًا فى الطلب عليها، مع وجود سيولة نقدية لدى المستهلكين، لذا قررت رفع سعر الفائدة لسحب هذه السيولة النقدية».

وأشار إلى أن القرار جاء مفاجئًا للسوق، فى ظل توقع الأغلبية بتثبيت سعر الفائدة، معتبرًا أن هذا يعكس رغبة البنك المركزى فى تشديد السياسة النقدية بعد ارتفاع معدل التضخم.

خطوة ضرورية لامتصاص السيولة من السوق

وصف الدكتور مجدى عبدالفتاح، الخبير المصرفى، رفع سعر الفائدة على الجنيه بأنه «إجراء ضرورى»، وذلك لامتصاص السيولة، والسيطرة على معدلات التضخم.

وقال «عبدالفتاح»: «معدلات التضخم لا تزال مرتفعة، وكما قالت لجنة السياسة النقدية فى بيانها، من المتوقع أن تظل مرتفعة خلال عام ٢٠٢٣، لذا كان لابد من رفع سعر الفائدة على الجنيه، لامتصاص السيولة، والسيطرة على معدلات التضخم».

وأضاف الخبير المصرفى: «البنوك المركزية على مستوى العالم لا تزال مستمرة فى سياساتها النقدية تجاه أسعار الفائدة».

إجراء مهم لمواجهة ارتفاع أسعار الحبوب والطاقة

قال عزالدين حسنين، الخبير المصرفى، إن رفع سعر الفائدة بواقع ١٠٠ نقطة أساس له العديد من المبررات، أبرزها التوقعات بارتفاع معدلات أسعار الحبوب على المستوى العالمى خلال الأشهر المقبلة، إثر انسحاب روسيا من مبادرة «تصدير الحبوب عبر البحر الأسود»، وتدمير ميناء «أوديسا» الأوكرانى المسئول عن تصدير الحبوب إلى العالم.

وأضاف «حسنين»: «هذه التطورات الخطيرة ستؤدى إلى مضاعفة مشاكل توافر الحبوب، وتحد من تدفقاتها إلى العالم، ما قد يسبب ضغوطًا تضخمية إضافية على الدول غير المنتجة للحبوب، أو تلك التى ليس لديها اكتفاء ذاتى».

وأشار إلى تزامن القرار أيضًا مع توقعات بارتفاع أسعار الطاقة خلال الأشهر المقبلة، فى ظل دخول الشتاء، ونقص إمدادات الغاز والطاقة من أوكرانيا وروسيا، ما يسهم أيضًا فى ارتفاع أسعار المحروقات عالميًا.

وخلص إلى أنه مع تأثر مصر بموجات التضخم العالمية جراء هذه الأزمات، كان واجبًا استخدام آليات السياسة النقدية لسحب السيولة من السوق، وتقليل معدلات التضخم وفقًا للمستهدف تدريجيًا.

توقعات بزيادة معدلات الاكتتاب فى «الشهادات» 

اتفق أحمد معطى مع سابقيه حول أهمية قرار رفع سعر الفائدة، فى ظل استمرار الضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار النفط على المستوى العالمى، ما كان يستوجب رفع الفائدة لسحب السيولة.

وقال «معطى»: «ذروة التضخم ستكون خلال النصف الثانى من ٢٠٢٣، لذا فإن قرار رفع سعر الفائدة إجراء مهم لكبح جماح التضخم، من خلال سحب السيولة».

وأضاف: «تثبيت سعر الفائدة يسهم فى زيادة معدلات التضخم، خاصة، أن البنوك العالمية المركزية لا تزال تتبع سياسة رفع سعر الفائدة، وعلى رأسها الفيدرالى الأمريكى، لذا فإن رفع سعر الفائدة فى مصر يحدث توازنًا فيما يتعلق بدخول الأموال الساخنة والاستثمار فى أدوات الدين».

وواصل: «كما أن رفع سعر الفائدة يسهم فى زيادة معدلات الاكتتاب فى الشهادات بالجنيه المصرى، خاصة من جانب المصريين فى الخارج، واختفاء ظاهرة الدولرة».

وأكمل: «رفع سعر الفائدة يكبح جماح التضخم، ويقلل من ارتفاع الأسعار، عن طريق سحب السيولة، وبالتالى تبدأ الدورة التيسيرية بدلًا من التشديدية».