رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وعى "هاينرش بول" المبكر بعبثية الحرب وكيف عبر عنه فى أعماله الإبداعية

الكاتب الروائي الألماني
الكاتب الروائي الألماني هاينرش بول

يعد الكاتب الروائي الألماني هاينرش بول، والذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 1985، من أبرز كتاب الألمانية في أدب الحرب. نال جائزة نوبل العالمية في الآداب عام 1972، وعرف بغزارة إنتاجه الإبداعي الأدبي.

 

ومن أشهر روايات هاينرش بول والمترجمة للعربية، روايات: “وصل القطار في موعده”، “نهاية مأمورية”، “الملاك الصامت”، “شرف كاترينا بلوم الضائع”، “ولم يقل كلمة”، “صورة جماعية مع سيدة”، “نساء أمام طبيعة نهرية”، “اعترافات صائد كلاب”، “مصير فنجان بلا مقبض”، “ليس فقط في أعياد الميلاد” وغيرها الكثير.

 

وفي تقديمه لترجمته العربية لرواية هاينرش بول، “الملاك الصامت”، يذكر المترجم طلعت الشايب، أن “بول” بدأ محاولاته الأولي في الكتابة بين عامي 1936 ــ 1938 وهي الفترة التي غادر فيها خيرة الأدباء الألمان بلادهم ليعيشوا في المهجر. 

 

ويقول هاينرش بول عن بداياته الأولي في الكتابة: “لقد حاولت دائما أن أكتب، وجربت ذلك في وقت مبكر، ولكنني لم أجد الكلمات إلا بعد ذلك بوقت طويل”

 

 نشر هاينرش بول أعماله الأولي في عام 1946، و1947 لتفوز إحداها في عام 1952 بجائزة “جماعة 47”، وهي مجموعة “أين كنت يا آدم؟”. 

 

ــ وعي هاينرش بول المبكر بعبثية الحرب

ويلفت “الشايب” إلي أن: انطلاقا من وعي مبكر بأن الأديب لا بد أن يكون ضمير أمته واصل “بول” في جميع أعماله هذه ذاكرة الأمة لكي تظل يقظة، وإبراز عبثية الحرب ومحنة الأخلاق التي تدفع البعض إلي إشعالها، فلم تتهرب كتابته من الماضي رغم بغضه ورغم ما خلفه من دمار، ولم تكف عن إدانة مجتمع ما بعد الحرب، المجتمع الذي شغل نفسه بالإنتاج والتوزيع والاستهلاك وفوت علي نفسه فرصة محاسبة النفس وتجديدها بالأخلاق.

 

ــ هاينرش بول مبدع في أكثر من مجال 

 وهكذا كانت خبرات الحرب أساسية ومركزية بالنسبة لأعماله الإبداعية التي توالت والتي تضم القصة القصيرة والرواية والتمثيلية الإذاعية والمقال وإخراج الأفلام الروائية، وتستمر مسيرته إلي أن يحصل علي نوبل للأدب 1972 (بدوره البارز في تجديد الأدب الألماني منذ الحرب العالمية الثانية) وليكون أول كاتب ألماني يحصل عليها بعد الحرب العالمية الثانية، وقبل ذلك كان قد انتخب رئيسا لنادي القلم الألماني والعالمي من 1971 ــ 1974.

 

ــ أوقات عصيبة في مسيرة هاينرش بول

ويمضي طلعت الشايب في حديثه عن الكاتب الألماني هاينرش بول: كانت رواية هاينرش بول “الملاك الصامت” في حكم المفقودة حيث أنها لم تنشر في ألمانيا ولأول مرة، إلا في عام 1992 أي بعد كتابتها بأكثر من أربعين عاما. كان هاينرش بول قد كتبها بين عامي 1949 ــ 1951 بعد عودته إلي “كولونيا” من جبهة القتال التي قضي فيها ست سنوات جنديا في مشاة ألمانيا وكان وصفه الصادق للمدينة المدمرة وآثار الحرب مرعبا، ولم يكن هناك ناشر يجرؤ علي نشرها.

 

وفي شهر يناير 1950 لم يكن هاينرش بول قد نشر روايته الأولي بعد، وكان يمر بحالة من اليأس الشديد. في رسالة إلي صديقه “بول سكاف” كتب عن تلك الظروف المحبطة، وكيف أنه كان علي وشك أن ينفض يده من الأمر كله. 

 

يقول هاينرش بول في رسالته لصديقه “سكاف”: لو شرحت لك حالتي في الشهور الثلاثة الأخيرة لما صدقت، وأعتقد أن الأمور لا يمكن أن تستمر علي ذلك النحو. لا زوجتي تستطيع أن تتحمل أكثر من ذلك ولا أنا. والروايات والقصص لا تساوي شيئا أمام دمعة واحدة تذرفها، فإلي الآن لا أستطيع أن أكون كاتبا حرا يعيش من الكتابة، ويبدو أنني قد اخترت أمرا مستحيلا. لا بد من الاعتراف بأنني قد وصلت إلي طريق مسدود."