سر مقولة الفنان "سراج منير": لولا المقامرة لما دخلت عالم السينما

قدم الفنان سراج منير ــ والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1904 ــ عشرات الشخصيات السينمائية عبر مشواره الفني، من أبرزها أدواره في أفلام: جعلوني مجرمًا، عنتر ولبلب، البنات شربات، الدنيا حلوة، معلهش يا زهر، الوسادة الخالية، تمر حنة وغيرها العديد.

ويعد الفنان سراج منير، من أشهر نجوم الوسط الفني في السينما المصرية خلال حقبتي أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم، كون مع زوجته الفنانة ميمي شكيب ثنائيًا فنيًا وزوجيًا، حيث دام زواجهما لأكثر من 25 عامًا.

وفي عددها الـ 77 والصادر بتاريخ 20 يناير من عام 1953، نشرت مجلّة «الكواكب» الفنية صورة قلمية للفنان سراج منير، باح خلالها بما تيسر من ملامح سيرته الذاتية والحياتية.

تحدث "منير" عن الملابسات التي قادته للعب القمار خلال دراسته للطب في ألمانيا، مشيرًا إلى: كنت في ألمانيا أتلقي أصول الطب في أعرق الجامعات هناك، كان هذا في عام 1924، وكانت أسرتي تغدق علي أغداقًا هائلًا، كان سعر المارك الألماني سعرًا تافها نظرًا للتضخم النقدي الذي ساد ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وكان المبلع الذي ترسله لي الأسرة يساوي عشرة أضعافه حين يتحول إلي عملة ألمانية، وما دام المال متوفرًا في يد طالب في بلد أجنبية فلا بد من وسيلة ينفق بها الزائد، وكان أن تعلمت القمار.

ــ هكذا تحول سراج منير إلى مقامر

ويوضح سراج منير:  تعلمت القمار ليلة بعد ليلة، وأسبوعًا بعد أسبوع، وانتقلت من ناد لثان لثالث حتي ذاع صيتي، وكنت أتقدم في القمار بسرعة لا توازيها إلا السرعة التي أتقهقر بها في كلية الطب، وكونا أنا وشلة أصدقاء من الألمانيين والمصريين "بارتيته" وانقطعت "البارتيته" على مر الأيام للمقامرة، حتى صارت الحرب سجالًا بين أفرادها بحيث لم يقبل واحد منا أن يكف عن محاولة تسجيل نصر في كل ليلة.

وفي إحدي الليالي حدث في النادي هرج ومرج، ولم يكن هذا الهرج والمرج يعنياني في قليل أو كثير، ولم أكن أكلف نفسي عبء رفع عيني عن الورق لأنه كل دنيا المقامر، ولكني هذه المرة وجدت نفسي أرفع عيني لأجد رجلًا ضخمًا قد ثبت علي عينه "مونوكلا" وقد وقف يحدق في ويراقب حركاتي.

ــ فرتز لانج يكتشف سراج منير

ويمضي سراج منير في حديثه عن دخوله عالم السينما: وقال لي بالألماني: أنت منير؟ قلت نعم، قال أنا فرتز لانج، لا بد أنك سمعت عني، وكنت قد سمعت عنه فعلًا لأن "فرتز" كان أكبر المخرجين في أستديوهات "أوفا" الألمانية.

 واستطرد يقول: نحن نخرج فيلمًا فيه "شوط" عن ناد للمقامرة، وأنا أحب أن اختار الكومبارس من الطبيعة والحياة، لذا جئت للنادي لاختار مغامرًا عتيدًا يستطيع أن يؤدي الدور، وقد سألت عن المقامر الأول فقيل لي أنه أنت، ووقفت أراقبك فسررت وأرجو أن تحضر لي باكر في الاستديو.

ــ فيلم ألماني أول ظهور للفنان سراج منير

ويلفت الفنان سراج منير إلى: كان الفيلم بطولة الفنان الألماني المشهور "فلي فرتز" وكان اسم الفيلم "الجواسيس"، وقد ترددت كثيرًا قبل أن أذهب إلى الاستديو ولكني قلت لنفسي في النهاية: "أذهب إنها تسلية" وأرشدني فراتز إلي ما سأفعله، ووجدتني أنفذ ما يقول بكل دقة، ولم يعد الشوط الذي ظهرت فيه إلا مرة واحدة.

وهنأني الرجل بعد أن انتهيت من دوري، وكنت في طريقي للخروج من الاستديو حين رأيت شابًا مصريًا هو الأستاذ "محمد كريم" المخرج، وكان قد ذهب لألمانيا ليدرس الإخراج، فتعرفت عليه. 

ــ فيلم زينب الصامت أول أفلام سراج منير

ويتابع سراج منير حديثه عن دخوله المجال السينمائي في مصر: وحدث أن عدت إلى مصر دون أن أكمل علومي، وفي هذه الأثناء كان الأستاذ محمد كريم قد عاد لمصر، وتعاقد مع الأستاذ يوسف وهبي على أن يخرج له فيلم "زينب" الصامت لحساب الأستاذ يوسف، وقابلني الأستاذ كريم، فطلب مني أن أقوم بدور في فيلم زينب.

وكان الأستاذ يوسف وهبي يحضر إلي الاستديو ليراقب العمل بصفته منتج الفيلم، وفي الاستديو تعرف علي وعرض أن أنضم لفرقة رمسيس فوافقت وظهرت على المسرح.

ويختتم سراج منير حديثه مؤكدًا على: أعود فأعترف بأن المقامرة كانت صاحبة الفضل علي، فلولاها لما تعرفت علي فراتز لانج ومحمد كريم ويوسف وهبي، ولولاها لما عرفت الطريق إلى السينما، ولكني جحدت فضلها بدليل أنني لا أقترب من موائدها حتى بائع اليانصيب ــ أخف ألوان القمار ــ ليس بيني وبينه حساب جار.