رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البسكويت.. وسوء الظن!!


تقول إحدى القصص، التي غيرت نظرتي كثيرًا  لمواقف الأشخاص، إنه في أحد المطارات كانت سيدة شابة تنتظر طائرتها.
وعندما طال انتظارها اشترت علبة بسكويت لتأكلها وكتاباً تقرأه أثناء انتظارها الطائرة.
وأثناء قراءتها الكتاب جلس إلى جانبها رجل وأخذ يقرأ هو أيضاً  كتاباً.
وعندما بدأت السيدة في تناول أول قطعة بسكويت، كانت موضوعة على الكرسى إلى جانبها، فوجئت بأن الرجل بدأ بتناول قطعة بسكويت من نفس العلبة التى كانت هى تأكل منها.
فبدأت تتضايق وأخذت تفكر بعصبية بأن تلكمه لكمة فى وجهه لقلة ذوقه.
ولاحظت أنه كلما كانت تتناول قطعة بسكويت من العلبة كان الرجل يتناول قطعة أيضاً، مما جعلها تزداد عصبية ونرفزة، ولكنها كتمت غيظها.
وعندما لم يبق فى العلبة إلا قطعة واحدة فقط من البسكويت نظرت إليها وتساءلت "ترى ماذا سيفعل هذا الرجل قليل الذوق الآن بآخر قطعة بسكويت؟!!".
وبينما هي مستغرقة في التفكير قام الرجل بتقسيم آخر قطعة بسكويت إلى نصفين، ثم أكل النصف وترك لها النصف الآخر.
فقالت فى نفسها "هذا رجل قليل الذوق وتصرفه  لا يحتمل"، ولكنها كظمت غيظها مرة أخرى وأخذت كتابها وهمت بالصعود إلى الطائرة.
وبعد أن جلست فى مقعدها في الطائرة فتحت حقيبتها وإذ بها تتفاجأ بوجود علبة البسكويت الخاصة بها كما هى مغلفة بحقيبتها!!
كانت الصدمة كبيرة بالنسبة لها وشعرت بالخجل الشديد.
عندها فقط أدركت بأن علبتها كانت طوال الوقت فى حقيبتها، وبأنها كانت تأكل من العلبة الخاصة بالرجل!!
فأدركت متأخرة بأن الرجل كان كريماً جداً معها وقاسمها علبة البسكويت الخاصة به دون أن يتذمر أو يشتكى!!
وازداد شعورها بالخجل والعار لأنها لن تجد وقتاً آخر أو مناسبة أخرى لتعتذر للرجل عما حدث من قلة ذوقها!
قارئي العزيز... ما أكثر المرات التي فيها نظلم الآخرين ونسىء الظن بهم، بينما يكون الأجدر بنا أن نفكر بطريقة إيجابية ونحسن الظن بهم أولاً قبل أن نتسرع.
فهناك دائماً أشياء إذا فقدناها لا يمكننا استرجاعها:
لا يمكن استرجاع الحجر بعد إلقائه.
لا يمكن استرجاع الكلمات الجارحة بعد نطقها.
لا يمكن استرجاع الفرصة بعد ضياعها.
لا يمكن استرجاع الشباب بعد رحيله.
لايمكن استرجاع الوقت بعد مروره.
لذلك ما أحوجنا لأن نحرص دائماً على ألا نتسرع في الحكم على الأشخاص، ولنكن إيجابيين ونبدأ بحسن الظن قبل فوات الآوان وإقلاع طائرة الحياة!!