رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد عبده.. «إمام الليبرالية»

الإمام الراحل محمد
الإمام الراحل محمد عبده

لم يكن يعلم الإمام الراحل محمد عبده أن ما نادى به قبل قرن ونصف القرن من الزمن، بإبعاد رجال الدين عن حكم الشعوب، يمكن أن يتحقق بعد رحيله وفى الأزمنة المختلفة.

فقد كان الإمام محمد عبده بفكره الثاقب يرى أن استخدام الدين مطيّة للسياسة يضر بالدين والسياسة معًا، وأن وصول التيارات التى تستخدم الدين وسيلة للحكم فى بعض الدول يضر بالدين وبالسياسة وبالحياة.

لذا يعد الإمام الراحل، الذى تحل غدا الذكرى الـ١١٨ على رحيله، ١١ يوليو عام ١٩٠٥- واحدًا من أبرز المساهمين فى تجديد الفقه الإسلامى فى العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة. ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده فى تحرير العقل العربى من الجمود الذى أصابه لعدة قرون، والرجوع عن الآراء الظلامية والانطلاق لعالم أرحب، كما ساعد فى إيقاظ وعى الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهى لمواكبة التطورات السريعة فى العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره فى مختلف النواحى السياسية والاقتصادية والثقافية. ودائمًا نجد أن آراء وأفكار الإمام الراحل تؤكد أن مشكلة المجتمعات العربية ليست فى الدين، وإنما فى الفهم الخاطئ له، وما تراكم على هذا الفهم من أفكار استمرت أعوامًا، واكتسبت قداسة طمست حقيقة الإسلام التى يدعو للبناء والرُّقى المادى والروحى، باتساع المكان والزمان ووفق متطلبات كل عصر. ويقول الإمام عن منهجه: «إن الفساد يهبط من أعلى إلى أدنى، والإصلاح يصعد من أدنى إلى أعلى، وإن شر السلاطين من خافه البرىء، وإذا ما جهل المرء بأمر فما أيسر عليه من معارضته، وإن حياة كل أمة تقوم باستعدادها لكل زمان بما يناسبه، ومن غالب الزمان غلبه الزمان».