رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا لو لم تنجح "ثورة 30 يونيو"؟

وافتح كتاب مصر واقرا القصة بالعربى
وما جرى فيها فى يونيه فى يوم تلاتين
كان مين قدر والا يقدر يتنى راية مصر
ومصر اهه لسه عايشة ولِسّه بتعافر
وعزمها المر.. صبرها على الغازيين
فاصحى وفوق ياللّي بنعيم الوطن كافر
(من كتاب الثورة – قصيدة عبدالرحمن الأبنودي في ذكرى 30 يونيو)
كأنها اليوم، أتابع الأحداث من صالة تحرير إحدى الصحف الإلكترونية المعروفة بوجودها في قلب الأحداث، الحشود تظهر وتزداد شيئًا فشيئًا فى الثانية من ظهر الثلاثين من يونيو 2012 حتى وصلت ذروة التجمعات فى الثالثة من عصر ذات اليوم إلى الاحتشاد بشكل لم يكن يتخليه أحد، لم أنم أنا وزملائي.. الأحداث مشتعلة وتمتزج بالفرح والحذر والخوف من الساعات والأيام المقبلة، فأقل التخمينات تشير إلى احتمالية حرب أهلية سببها جماعة الإخوان.

لم أكتف حينها بموقف المتابع، ففى بعض الأحيان فضّلت أن أكون الشاهد وليس المشاهد، شاركنا الزملاء وجحافل المصريين هتافات الثورة والخلاص والأمل، علمنا حينها بأننا إما أن تتخطّى مصر وإمّا أن تضيع، لم يكن الحظ معنا، بل (كان الله معنا).

جاء بيان القيادة العامة للقوات المسلحة في الأول من يوليو كأنه ترياق الحياة الذي انتظره المصريون، لتعود لهم الروح وتطمأنهم بأن درعهم وسيفهم لن يرد في وجوههم، بل سيحميهم من بطش من يحاول الهبث بهم وبمستقبل أبنائهم، وحينها تحدى الرئيس المعزول محمد مرسي الجيش والشعب والقضاء وكل مؤسسات الدولة، لتعلو أصوات المصريين في السماء بشعار "يسقط يسقط.. حكم المرشد"، لتستجيب لهم القوات المسلحة ويخرج وزير الدفاع حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسي ويعلن تعطيل العمل بالدستور وخارطة طريق للخروج من المأزق.

"مرسي ميتر"
أتذكر ما جرى كأنه اليوم وكأن شريطًا من الذكريات يمر أمام عيني، حتى أننا أتذكر التقرير الذي أعددته في ملف ضخم حمل اسم "الطريق إلى 30 يونيو" وكان حينها حول "مرسي ميتر" وهو الموقع الشعبي المعنى بتقييم ورصد أداء محمد مرسي، حيث قام بتنفيذ وعد واحد من أصل 64 كان قد تعهد بتنفيذها في ملفات متعددة تمس الحياة اليومية للمواطن المصري، فيما عرف إعلامي بـ"خطة 100 يوم".

أتذكر حينها، حسبما أفاد موقع "مرسي ميتر"- أن الوعد الوحيد الذي بدأ الرئيس في العمل عليه، وكذلك الإنجاز الوحيد الذي تم به، وهو الوعد الذي تحقق في قسم النظافة، فيما فشل في على عدم التنفيذ بقية عناصر الخطة، سواء في الوعود السبعة المتبقية بملف النظافة أو في الملفات الأخرى، وهى "الأمن" الذي يحتوي على 17 وعدا و"المرور" الذي تعهد الرئيس فيه بتحقيق 21 وعدا أو "الخبز" الذي احتوى على 13 وعدا، وأخيرا "الوقود" الذي يحتوى على 5 وعود، كما أظهر الموقع أنه لم يتم بدء العمل فيها.

أعود الآن وفي عقلي سؤالاً واحدًا لا يمكنني تخيل ‘جابته لكني على كل حال سأحالول: ماذا لو لم تنجح "ثورة 30 يونيو"؟

بالتأكيد أمور كثيرة كانت ستحدث، خاصة وأنا أنظر إلى ما يجرى على يد طالبان الآن بعدما تمكنوا من حكم أفغانستان، ربما يعتبر العض ذلك محض خيال، لكني وبشكل واقعي مجرد كنت أظن أنه سيحدث لأن المقدمات تؤدي بالطبع للنهايات المتوقعة.

إذا استمر حكم الإخوان، لعادت نساء مصر إلى عصور ما قبل حقوق الإنسان والمرأة، لنموذج طالبان، حيث التفضل عليهن بالتعليم والعمل، لم تكن المرآة الآن قاضية أو فى الوظائف العليا للدولة ولم تكن شريكة في كل مؤسسات الدولة، لكانت لا زالت الفتيات تخاف السير في الشوارع وحدهن خوفا من مضايقات من يعتقدون أنهم مفوضون من الله في الأرض.

لكانت مصر انخرطت في حروب لا ناقة لها ولا جمل، وتحول خيرة شبابها لميليشيات موازية للجيش، ألم يقف محمد مرسي العياط في مؤتمر أمام العالم يقول بعلو صوته "لبيك يا سوريا" ومن بعدها بدء السلفيين والإخوان يسهلون تسفير الشباب المصري إلى هناك لخوض المعارك، وحينما يعودون يحولون بلادهم إلى منطقة حرب تدار بمخطط شيطاني.

لو استمر حكم الإخوان، لكانت الجماعة محت هوية مصر وغيرتها تدريجيا، بتدمير ثقافاتها وموروثاتها الثقافية والعلمية، بل وبات الإعلام أداة لنشر أفكارهم المسمومة فقط، فقد شهدنا السيناريو من قبل حينما كان وزير اعلام الاخوان يتفاخر بأن قنواتهم جاهزة لتشكيل الرأى العام.

لو كان استمر حكم الإخوان، لعادت كل التماثيل إلى المخازن بل وتم تدميرها وتفجيرها – باعتبارها أصناما حسبما يظنون – ولعل وضع النقاب لتمثال أم كلثوم حدث لم ينسه المصريون، أو لو لكانت المتاحف مجرد مواخير ممنوع المصريين دخولها لأنها تخالف الشريعة حسبما يتصور الاخوان وحلفائهم.

لو كان استمر حكم الاخوان، لكانت سيناء الآن مرتعًا للإرهاب من كل أنحاء الدنيا ولكانت باتت ضمن مخططات أخرى بتغيير ديموغرافيتها وتاريخا وأهلها، أو لكانت تنفصل عن مصر باعتبارها أصبحت ولاية ضمن مخطط ارهابي عالميا.

لو كان استمر حكم الإخوان، لظل المصريين فى ظلام حالك ودامس يغطى جميع أنحاء الجمهورية بعد انقطاع الكهرباء المتكرر والذي يستمر لساعات كثيرة، وذلك نتيجة لنقص إمدادات الوقود المغذي للمحطات، بنسبة عجز في التيار الكهربي وصلت ل 25 %، هذا إلى جانب تلف عدد كبير من الآلات واضطرار عدد كبير من المصانع إلى الغلق نتيجة لتلف الماكينات أو لعدم وجود كهرباء تغطي احتياجات المصنع، حتى وإن لجأ بعضهم إلى شراء مولدات كهربية إلا إنه لم يكن حلا ناجزا نتيجة نقص المتاح من الوقود اللازم لتشغيله.

لو كان استمر حكم الإخوان، لكانت طوابير البوتجاز كما هي جنب إلى جنب مع طوابير البنزين، حتى يمكننا الإشارة إلى مشكلة فرعية أخرى نتجت عن نقص الوقود كانت أزمة الطرق والتي تشهد تكدسات مرورية بحثا عن الوقود. على الجانب الأخر لم تشهد منظومة النقل أي تطورات خلال العام فلم نشهد تشييد أي طرق جديدة، أو إصلاح الطرق القائمة، فضلا عن تراجع أداء مرفق السكك الحديدية.

أعدّد تلك الأمور، بينما يعيش المصريون الآن، ويشاهدون ويرصدون تغييرًا فى كل المناحي، طرق تمهّد فى كل أنحاء الجمهورية، جبال تشق لتدشين مشروعات عملاقة، تطور كبير فى مستوى التعليم والصحة والعلاقات الخارجية وتوطين الصناعة وعودة السياحة.