رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشكلة الزواج المبكر غير الموثق فى مصر

ضمن "مشروع تمكين المرأة من الحصول على حقوقها الإنسانية"، أقامت رابطة المرأة العربية، فى صباح السبت الموافق 24 يونيو 2023، مائدة حوار، ناقشت من خلالها ورقة سياسات "مشكلة الزواج المبكر غير الموثق فى مصر"، والتى كتبها وعرضها لنا خبير النظم والتشريعات البرلمانية ومنسق المشروع، الأستاذ عبد الناصر قنديل، وذلك بحضور مجموعة من ممثلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى وعدد من النواب والنائبات.
وفى البداية تحدثت المهندسة الأستاذة فاطمة بدران، عضو الاتحاد العام لنساء مصر، ورئيسة رابطة المرأة العربية، وأوضحت الدور الذى تقوم به الرابطة، فى تدريب عضوات وأعضاء الجمعيات الأهلية، لبناء كوادر وقيادات تتبنى مفاهيم التنمية القائمة على تمكين الفئات المهمشة فى المجتمع، خاصة فى القرى والمناطق الريفية.
كما تحدثت الأستاذة منى على الدين خبيرة مجتمع مدنى والمدير التنفيذى لمشروعات رابطة المرأة العربية وتناولت فى حديثها موضوع الزواج المبكر غير الموثق فى مصر وهو مايطلق عليه زواج القاصرات، أو زواج الأطفال، سواء ولد أو بنت، وخطورة انتشار هذه الظاهرة فى الريف والحضر وفى الفئات الفقيرة وأيضا نسبة من العائلات الثرية تقوم بتزويج الأطفال قبل سن 18 عاما.
وأضافت أن هذا يتسبب فى مشكلات كثيرة منها ارتفاع نسبة الطلاق فى هذه الزيجات، وضياع حقوق النساء، والأطفال الذين يولدون نتيجة هذا الزواج غير الموثق، فى حالة وفاة الزوج أو اختفائه أوهروبه، غير المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية الناجمة عن الزواج فى سن مبكرة.
كما أوضحت أن هذا الزواج يقع تحت بند الاتجار بالبشر، حيث أن الأب يكون هو المسؤول عن تزويج ابنته للتخلص من أعباء تربيتها أو الاستفادة من منافع مادية فى حالة تزويج الطفلة لرجل ثرى يكبرها بعشرات الأعوام.
أشار الأستاذ عبد الناصرقنديل إلى عدد من النقاط الهامة، فى ورقته عن الزواج المبكر غير الموثق، منها أن زواج القاصرات أو الأطفال يعد أبرز التحديات التى تواجه المجتمع الدولى بصورة عامة، والمجتمعات الشرقية بشكل خاص، حيث تستشرى الظاهرة كنتاج عن اضطراب الأوضاع السياسية والاقتتال الداخلى وشيوع الفقر وهيمنة نمط للثقافة الشعبية يميز ضد النساء ويرسخ للنيل من مكانتهم الاجتماعية.
وأضاف أن من أسباب الزواج المبكر داخل مصر، رغبة العائلات الفقيرة فى تزويج بناتهن القاصرات، لتخفيف الأعباء الاقتصادية وذلك بالتخلص من أعبائهن المادية، أوتحسين أحوال الأسرة عن طريق المهر، وأيضا التزويج المبكر لحماية شرف الأسرة. أما فى العائلات الثرية فيكون الإسراع فى زواج الأقارب حتى لايختلط نسل العائلة بعائلات غريبة مما قد يتسبب فى تبديد الميراث وضياع ثروة العائلة.
وتشير الورقة إلى عدد من الإحصاءات المتوفرة الخاصة بظاهرة تزويج الفتيات، والصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2018، حيث وصل عدد حالات زواج القاصرات فى مصر إلى 118 ألف حالة زواج سنويا تعادل (40%) من إجمالى حالات الزواج، من بينهم (1200) مطلقة وأكثر من (1000) أرملة. 
كما أظهرت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أنه هناك علاقة بين جريمة تزويج القاصر والتسرب من التعليم حيث أنه (39%) من إجمالى الحالات أميين، و(27%) من أصحاب الشهادة الإعدادية، و(18%) من أصحاب الشهادة الابتدائية. 
وفى نهاية الجلسة وعقب المناقشات التى دارت كان هناك العديد من التوصيات التى جاءت على لسان المتحدثين وفى ورقة الأستاذ عبد الناصر قنديل منها:
تبنى حزم من برامج التوعية ورفع الوعى المجتمعى بخطورة هذه الظاهرة وما يترتب عليها من أثار سلبية ونفسية وبدنية وصحية للفتيات وأيضا مشاكل أسرية كبيرة.
تعزيز وتفعيل آلية الاتصال والتواصل الاستباقى (الخط الساخن) للإبلاغ عن انتهاكات تزويج الفتيات، مع مراجعة وتحليل عمليات التواصل بشكل دورى للوصول للشكل الأمثل لتحجيم هذة الظاهرة الخطيرة.
وضع خطة للحد والقضاء على هذة الظاهرة الخطيرة، ذات مدة زمنية محددة، ومصادر تمويل، وآليات تنفيذ، وذلك بتشارك منظمات المجتمع المدنى مع مؤسسات الدولة والوزارات المعنية (التربية والتعليم، والتعليم العالى والثقافة والإعلام، والشباب والرياضة التضامن الاجتماعى، والصحة) المؤسسات الدينية الممثلة للأزهر والكنيسة والمجالس القومية المتخصصة (المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للسكان، والمجلس القومى لذوى الإعاقة).
دعم المبادرات التنموية لمكافحة الفقر، وتنمية المجتمع إنتاجيا وتوفير فرص العمل مع أجور عادلة تكفى الاحتياجات الضرورية للأسرة مما يساهم فى تقليص ظاهرة الزواج المبكر.
تجريم ظاهرة التسرب من التعليم وخاصة بين الإناث، وذلك للحد من فرص الزواج المبكر.
العمل على إصدار تشريع وطنى مستقل للقضاء على جريمة تزويج الفتيات ومعاقبة مرتكبيها، على أن تكون العقوبات رادعة، وتفعيل وتنفيذ القوانين والعقوبات.
توسيع دائرة التجريم لتشمل كافة المشاركين وأصحاب المصلحة فى ارتكاب الجريمة وبصفة خاصة ولى الأمر والزوج، وموثق العقد، أومقدمى الأوراق الثبوتية التى تعززمن المخالفة ووقوعها.
حرية توافر وتداول المعلومات لإمكانية الوصول إلى أبحاث ودراسات دقيقة مما يساعد على وضع حلول مناسبة للأزمات والمشكلات التى تواجه المجتمع.