رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قائد «الدفاع الجوى»: امتلاك القدرات والإمكانات القتالية لتمكين القوات من أداء مهامها بكفاءة عالية (حوار)

قائد قوات الدفاع
قائد قوات الدفاع الجوى، الفريق محمد حجازى

 

- قواتنا منعت طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة المصرية خلال حرب أكتوبر

- حائط الصواريخ كان تجميعًا قتاليًا من الصواريخ والمدفعية لصد وتدمير الطائرات المعادية

- جولدا مائير قالت إن كتائب الصواريخ كعش الغراب كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى

قال قائد قوات الدفاع الجوى، الفريق محمد حجازى، إن ملحمة «الدفاع الجوى» تجسدت فى يونيو عام ١٩٧٠، حيث تمكنت القوات من إسقاط ٢ طائرة فانتوم، و٢ طائرة «سكاى هوك»، وأسر ثلاثة طيارين إسرائيليين، وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم، وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل إلى ١٢ طائرة بنهاية الأسبوع، الذى أطلق عليه «أسبوع تساقط الفانتوم».

وأضاف، فى حواره مع «الدستور»، بمناسبة الاحتفال بعيد قوات الدفاع الجوى، الذى يحل فى ٣٠ يونيو من كل عام، أن هناك اهتمامًا دائمًا من قوات الدفاع الجوى، بامتلاك القدرات والإمكانات القتالية التى تمكنها من أداء مهامها بكفاءة عالية، من خلال تطوير وتحديث أنظمتها، مع مراعاة تنوع مصادر السلاح، طبقًا لأسس علمية.

 

                

 

■ تحتفل قوات الدفاع الجوى فى الثلاثين من يونيو من كل عام بعيدها.. ما سر اختيار هذا اليوم بالتحديد؟

- صدر القرار الجمهورى رقم «١٩٩» الصادر فى الأول من فبراير ١٩٦٨ بإنشاء قوات الدفاع الجوى، لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة، وتحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصل بأحدث الطائرات «فانتوم، وسكاى هوك»، ذات الإمكانات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت، وتم إنشاء حائط الصواريخ، ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف، تمكنت تجميعات الدفاع الجوى صباح يوم ٣٠ يونيو عام ١٩٧٠ من إسقاط ٢ طائرة فانتوم، و٢ طائرة سكاى هوك، وتم أسر ثلاثة طيارين إسرائيليين، وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم، وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل إلى ١٢ طائرة بنهاية الأسبوع، وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم، واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام ١٩٧٠ عيدًا لها.

ويعد ذلك اليوم هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة، ومنع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة المصرية.

■ يتردد دائمًا فى أثناء الاحتفال بعيد قوات الدفاع الجوى كلمة «حائط الصواريخ».. ماذا تعنى هذه الكلمة وكيف تم إنشاء هذا الحائط؟

- حائط الصواريخ، هو تجميع قتالى متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، فى أنساق متتالية داخل مواقع ودشم محصنة، قادر على صد وتدمير الطائرات المعادية فى إطار توفير الدفاع الجوى عن التجميع الرئيسى للتشكيلات البرية والأهداف الحيوية والقواعد الجوية والمطارات على طول الجبهة غرب القناة، مع القدرة على تحقيق امتداد لمناطق التدمير لمسافة لا تقل عن ١٥ كم شرق القناة، هذه المواقع تم إنشاؤها وتحصينها تمهيدًا لإدخال الصواريخ المضادة للطائرات بها.

وتم بناء هذا الحائط فى ظروف بالغة الصعوبة، وهنا يجب الإشارة إلى التلاحم بين الشعب المصرى وأبنائه من قوات الدفاع الجوى فى أثناء الإعداد والتجهيز للحرب، حيث كان الصراع بين الذراع الطولية لإسرائيل المتمثلة فى قواتها الجوية، لمنع إنشاء هذه التحصينات، وبين رجال الدفاع الجوى ومن خلفهم أبطال الشركات المدنية للإنشاءات، فى أثناء تجهيز الدشم المحصنة وكذلك توفير الوقاية المباشرة عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات.

ورغم التضحيات العظيمة التى تحملها رجال الدفاع الجوى والمدنيون من شعب مصر العظيم، كان العدو ينجح فى معظم الأحيان فى إصابة أو هدم ما تم تشييده، ودرس رجال الدفاع الجوى بناء حائط الصواريخ باتباع أحد الخيارين: أولهما القفز بكتائب حائط الصواريخ دفعة واحدة للأمام، واحتلال مواقع ميدانية متقدمة دون تحصينات وقبول الخسائر المتوقعة لحين إتمام إنشاء التحصينات.

أما الخيار الثانى، فهو الوصول بكتائب حائط الصواريخ إلى منطقة القناة على وثبات، أطلق عليها «أسلوب الزحف البطىء»، وذلك بأن يتم إنشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفى له، وهو ما استقر الرأى عليه، وفعلًا تم إنشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وتم احتلالها دون أى رد فعل من العدو، وتم التخطيط لاحتلال ثلاثة نطاقات جديدة، تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة، وتم تنفيذ هذه الأعمال بنجاح تام وبدقة عالية.

وجسد ذلك بطولات وتضحيات رجال الدفاع الجوى، وكانت ملحمة عطاء لهؤلاء الرجال فى الصبر والتصميم والتحدى، ومنع العدو الجوى من الاقتراب من قناة السويس.

وخلال خمسة أشهر؛ بدءًا من أبريل حتى أغسطس عام ١٩٧٠، استطاعت كتائب الصواريخ المضادة للطائرات من إسقاط وتدمير أكثر من ١٢ طائرة فانتوم وسكاى هوك وميراج، ما أجبر إسرائيل على قبول «مبادرة روجرز» لوقف إطلاق النار؛ اعتبارًا من صباح ٨ أغسطس ١٩٧٠.

وصرحت جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، فى حيرة قائلة: «إن كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى»، لتسطر قوات الدفاع الجوى أروع الصفحات وتضع فى عام ١٩٧٠ اللبنة الأولى فى صرح الانتصار العظيم للجيش المصرى فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.

■ الحديث عن حرب أكتوبر لا ينقطع.. ماذا قدم الدفاع الجوى المصرى لتحطيم أسطورة الذراع الطولية لإسرائيل فى حرب أكتوبر ١٩٧٣؟

- إن الحديث عن حرب أكتوبر ٧٣ لا ينتهى، وإذا أردنا أن نسرد ونسجل الأحداث كلها فسوف يتطلب ذلك العديد من الكتب، وسوف نكتفى بذكر نبذة عن دور قوات الدفاع الجوى فى هذه الحرب، ولكى نبرز أهمية هذا الدور، فإنه يجب أولًا معرفة موقف القوات الجوية الإسرائيلية، وما وصلت إليه من كفاءة قتالية عالية وتسليح حديث متطور فى ذلك الوقت، حيث بدأ مبكرًا التخطيط لتنظيم وتسليح القوات الجوية الإسرائيلية بأحدث ما وصلت إليه الترسانة الجوية فى ذلك الوقت، بشراء طائرات ميراج من فرنسا، والتعاقد مع الولايات المتحدة على شراء الطائرات الفانتوم وسكاى هوك، حتى وصل عدد الطائرات قبل عام ١٩٧٣ إلى ٦٠٠ طائرة من أنواع مختلفة.

لقد بدأ رجال الدفاع الجوى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير، واستعادة الأرض والكرامة فى أكتوبر ١٩٧٣، من خلال استكمال التسليح لأنظمة جديدة لرفع مستوى الاستعداد القتالى، واكتساب الخبرات القتالية العالية خلال فترة وقف إطلاق النار، ووصل عدد من وحدات الصواريخ الحديثة «سام- ٣» «البتشورا»، وانضمامها لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام ١٩٧٠، وإدخال منظومات حديثة من الصواريخ «سام- ٦» فى عام ١٩٧٣.

وخلال فترة وقف إطلاق النار، نجحت قوات الدفاع الجوى فى حرمان العدو الجوى من استطلاع قواتنا غرب القناة، بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى «الإستراتوكروزار»، صباح يوم ١٧ سبتمبر ١٩٧١.

وكانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة، لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس، بل يشمل مساحة مصر كلها؛ بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية، وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ استراتيجية.

وفى اليوم الأول للقتال، يوم السادس من أكتوبر ١٩٧٣، هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور، حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى، توالت بعدها الهجمات الجوية بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلتى ٦ و٧ أكتوبر، وتصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، حتى نجحت فى إسقاط أكثر من ٢٥ طائرة، إضافة إلى إصابة أعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين.

وعلى ضوء ذلك، أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة لا تقل عن ١٥ كم، وفى صباح يوم ٧ أكتوبر ١٩٧٣ نفذ العدو هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار، ولكنها لم تجنِ سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين.

وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب، فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذين كان يتباهى بهم، وخرجت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر، ما جعل موشى ديان يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، وذكر فى أحد الأحاديث التليفزيونية يوم ١٤ أكتوبر ٧٣ «أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها.. ثقيلة بدمائها».

■أكدت خبرات الحروب المصرية أن سر نجاح القوات المسلحة يكمن فى العنصر البشرى.. فماذا أعددتم للارتقاء بأداء الجندى المقاتل؟

- إن تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوى يعتمد على منهج علمى مدروس بعناية فائقة بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات، وإجراء أعمال التطوير والتحديث الذى تتطلبه منظومة الدفاع الجوى المصرى وطبقًا لعقيدة القتال المصرية.

وتدرك قيادة قوات الدفاع الجوى أن الثروة الحقيقية تكمن فى الفرد المقاتل الذى يعتبر الركيزة الأساسية للمنظومة القتالية لقوات الدفاع الجوى، فكان لزامًا علينا أن نعمل على تأهيله «معنويًا ونفسيًا وبدنيًا وفنيًا وانضباطيًا»، طبقًا لأسس ومعايير دقيقة، إذ يجرى رفع المستوى التدريبى من خلال اتباع سياسة راقية تعتمد على الاستفادة من جميع وسائل وطرق التدريب المتطورة، إضافة إلى التوسع فى استخدام المقلدات الحديثة وتدريب الأفراد على الرمايات التخصصية فى ظروف مشابهة للعمليات الحقيقية، بالاستفادة بما يمتلكه مركز التدريب التكتيكى لقوات الدفاع الجوى من تجهيزات متطورة تتواءم مع الأنظمة المتطورة للصواريخ المضادة للطائرات، مع استمرار العمل فى تطوير وتحديث مراكز التدريب طبقًا للخطط المصدّق عليها من القيادة العامة للقوات المسلحة للوصول بمقاتلى الدفاع الجوى لأعلى مستويات الاحتراف.

وتقام التدريبات المشتركة مع الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة؛ لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب تخطيط إدارة العمليات بقوات الدفاع الجوى بهذه الدول.

وبالتالى وصل مستوى الفرد المقاتل بقوات الدفاع الجوى إلى درجة من المهارة والاحتراف فى استخدام أسلحة ومعدات الدفاع الجوى تجعله يتفوق على أقرانه من الدول الأخرى، كما تولى قيادة قوات الدفاع الجوى الاهتمام الكامل بمقاتليها فى جميع مواقعهم، من خلال إعادة توفير سبل الإعاشة الحضارية، وذلك بإنشاء معسكرات الإيواء الحضارية للوحدات المقاتلة، والميسات المتطورة، ومجمعات الخدمات المتكاملة للترفيه عن الضباط وضباط الصف والجنود، ورفع الروح المعنوية ولا نغفل أهمية ترسيخ العقيدة الدينية المتفردة للمقاتل المصرى التى تميزه عن باقى المقاتلين.

■ تعد منظومة الدفاع الجوى المصرى من أعقد منظومات الدفاع الجوى فى العالم، حيث تشتمل على العديد من الأنظمة المتنوعة.. هل يمكن إلقاء الضوء على عناصر بناء المنظومة؟

- هناك صراع دائم ومستمر بين منظومات الدفاع الجوى، وأسلحة الجو المتمثلة فى العدائيات الجوية الحديثة التى أصبحت لا تقتصر على الطائرات المقاتلة، بل شملت أسلحة الهجوم الجوى الحديثة المسلحة بها الطائرات.

وبرز حاليًا التحدى الأكبر، وهو الطائرات الموجهة بدون طيار، بتعدد استخداماتها وأساليبها وإمكاناتها، وأضيفت عليها الصواريخ البالستية والطوافة وكل أنواع الأسلحة الذكية ذات الأبعاد المتعددة، والمزودة بإمكانات تكنولوجية وفضائية، وما زال التطور فى العدائيات مستمرًا بظهور الصواريخ الفرط صوتية.

وهذا يستوجب وجود منظومة دفاع جوى متكاملة مزودة بأنظمة من مصادر تسليح متنوعة، من دول مختلفة سواء الشرقية أو الغربية بتقنيات حديثة وتكنولوجيا معقدة، يجعلها من أعقد المنظومات فى العالم.

وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا ليتوافق عمل هذه الأنظمة مع بعضها البعض للتكامل، وتكون قادرة على التعامل مع تلك العدائيات، ويتم بناء المنظومة من عناصر استطلاع وإنذار باستخدام أجهزة رادار ذات مدايات مختلفة، تتولى أعمال الكشف والإنذار وعناصر مراقبة جوية بالنظر، إضافة إلى عناصر إيجابية من المقاتلات والصواريخ والمدفعية م ط، والصواريخ المحمولة على الكتف لتوفير الدفاع الجوى عن الأهداف الحيوية للدولة، وعن التشكيلات التعبوية على كل الاتجاهات الاستراتيجية.

ووصولًا إلى مستوى الحماية الذاتية، تتم السيطرة على المنظومة بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة على مختلف المستويات، يعمل فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى، ومنعه من تنفيذ مهامه وإفشال هدفه وتكبيده أكبر خسائر ممكنة.

وتولى القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة اهتمامًا كبيرًا فى دعم قوات الدفاع الجوى بتوفير أحدث الأنظمة من عناصر الاستطلاع والإنذار والعناصر الإيجابية، وكذا تطوير مراكز القيادة والسيطرة لتتمكن قوات الدفاع الجوى من التعامل مع كل التهديدات والتحديات الحديثة.

■ لو راجعنا سيناريو الحرب الحديثة سواء السابقة أو الحالية نجد أن تحييد سلاح الدفاع الجوى يأتى كأسبقية أولى فى أى حرب.. نرجو توضيح ما يمثله ذلك من عبء على قوات الدفاع الجوى؟

- نتيجة المتغيرات الحادة التى تشهدها الساحة الدولية اليوم والتطور السريع والحاد فى تكنولوجيا التسليح، فإن امتلاك قوة الردع وأساليب مجابهتها أصبح أكثر طلبًا وأشد إلحاحًا، وأصبحت القوة العسكرية لأى دولة من المتطلبات الأساسية، للدفاع عن الحقوق ولحماية المصالح ولدرء المعتدين صونًا لأمنها القومى، وأصبحت الحروب وتطورها مبنية على العلم والتكنولوجيا.

وتظهر أهمية دور الدفاع الجوى والتركيز على تحييدة دائمًا فى بداية العمليات العسكرية، من خلال طبيعة المهمة الملقاة على عاتقه، من تأمين المجال الجوى وتأمين التجميعات الرئيسية للقوات المسلحة والأهداف الحيوية المهمة على كل الاتجاهات الاستراتيجية، وعند تحييد الدفاع الجوى يصبح لدى العدو الفرصة للحصول على السيطرة الجوية، وامتلاك مسرح العمليات وتحقيق التأثير على كل الأهداف، خاصة فى ظل التوسع فى استخدام الهجمات السيبرانية والعدائيات الجوية الحديثة من أسلحة ذكية وصواريخ طوافة، وطائرات بأنظمة غير مأهولة وأنظمة حرب إلكترونية بصورها ومداياتها المختلفة. 

كل ذلك لتحييد عناصر الدفاع الجوى، وهذا يتطلب استعدادًا قتاليًا وكفاءة قتالية عالية فى السلم والحرب، لاستيعاب التكنولوجيا المتقدمة، فرجال الدفاع الجوى هم عيون مصر الساهرة.

■ تهتم القوات المسلحة بالتعاون العسكرى الذى يُعد إحدى الركائز المهمة للتطوير مع العديد من الدول العربية والأجنبية.. كيف يتم تنفيذ ذلك فى قوات الدفاع الجوى؟

- هناك اهتمام دائم من قوات الدفاع الجوى بامتلاك القدرات والإمكانات القتالية التى تمكنها من أداء مهامها بكفاءة عالية، من خلال تطوير وتحديث أنظمة الدفاع الجوى، مع مراعاة تنوع مصادر السلاح، طبقًا لأسس علمية ونتيجة للخبرات والمستوى التدريبى العالى لقوات الدفاع الجوى، تسعى الدول الصديقة والشقيقة للتعاون العسكرى بمجالاته المختلفة، فى ظل العلاقات السياسية المتنوعة وأهميتها بالمحيط الإقليمى والدولى، وهذا يتم تنفيذه فى قوات الدفاع الجوى من خلال ثلاثة مسارات، أولها تنفيذ التدريبات المشتركة مثل «التدريب المصرى/ الأمريكى المشترك» «النجم الساطع»، والتدريب المصرى/ اليونانى/ القبرصى المشترك «ميدوزا»، والتدريب البحرى المصرى/ الفرنسى المشترك «كليوباترا»، والتدريب المصرى/ الأردنى المشترك «العقبة»، والتدريب المصرى/ الكويتى المشترك «اليرموك»، والتدريب العربى المشترك «درع العرب»، «لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول.

وهناك تدريبات ذات طبيعة خاصة بقوات الدفاع الجوى، تتميز بالتخصصية، مثل التدريبات مع الجانب الأمريكى لمجابهة الطائرات الموجهة دون طيار، والتدريب المصرى/ الروسى المشترك «سهم الصداقة»، والتدريب المصرى/ الباكستانى المشترك «حماة السماء»، والتدريبات الخاصة بقوات الدفاع الجوى بحضور المراقبين من اليونان وقبرص والبحرين وباكستان والسعودية.

ونخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب، بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة، ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات، ونظرًا للدور الرائد لقوات الدفاع الجوى المصرى على المستويين الإقليمى والعالمى، يسعى عدد من الدول لزيادة محاور التعاون فى كل المجالات «التدريب، والتطوير، والتحديث» معنا، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وجمهورية باكستان، والهند، اليونان وقبرص.

أما المسار الثانى فخاص بتأهيل مقاتلى قوات الدفاع الجوى من القادة والضباط، من خلال إيفاد عدد من ضباط الدفاع الجوى المتميزين للتأهيل بالدول الشقيقة والصديقة لدراسة العلوم العسكرية الحديثة بالكليات العسكرية المتميزة، وكذلك التأهيل العلمى بالدراسات العليا الدكتوراه والماجستير من الخارج لمواكبة التطور التكنولوجى للمعدات.

والمسار الثالث خاص بتطوير وتحديث الأسلحة والمعدات، بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات والمحافظة على حالة الاستعداد القتالى لمنظومة الدفاع الجوى، طبقًا لعقيدة القتال المصرية، إضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حاليًا، وتقديم الدعم الفنى فى إطار التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، من خلال خطة محددة ومستمرة والاشتراك بالمعارض الدولية، للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه ترسانة التسليح العالمية، كما نشترك بمعرض EDEX، الذى يعتبر لبنة أساسية فى المنافسة والتطوير لأنظمة التسليح.

■ أدى التطور الهائل فى أسلوب الحصول على المعلومات وتعدد مصادرها إلى عدم وجود أسرار تخص أنظمة التسليح فى معظم دول العالم.. ما الحل من وجهة نظر سيادتكم للحفاظ على سرية أنظمة التسليح بقوات الدفاع الجوى؟

- فى عصر السماوات المفتوحة أصبح العالم قرية صغيرة، وتعددت وسائل الحصول على المعلومات، سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية، إضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة وتوفر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية، ما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها.

ولكنَّ هناك شيئًا مهمًا، وهو ما يعنينا فى هذا الأمر، وأقصد فكر استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات الذى يجعل تنفيذ المهام يتم بأساليب وطرق غير نمطية فى معظم الأحيان، والدليل على ذلك أنه فى بداية نشأة قوات الدفاع الجوى جرى تدمير أحدث الطائرات الإسرائيلية «الفانتوم» من خلال منظومات الصواريخ المتوافرة لدينا فى ذلك الوقت، وكذا التحرك بسرية كاملة لإحدى كتائب الصواريخ لتنفيذ كمين لإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى «الإستراتكروزر» المزودة بأحدث وسائل الاستطلاع الإلكترونى بأنواعه المختلفة.

حينها حرمنا العدو من استطلاع القوات غرب القناة باستخدام أسلوب قتال لم يعهده العدو من قبل، وهو «تحقيق امتداد لمناطق تدمير الصواريخ لعمق أكبر شرق القناة»، ونحن لدينا اليقين بأن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات، ولكن بما لدينا من قدرة على تطوير أسلوب استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة علاوة على الارتقاء المستمر بمستوى تأهيل الفرد المقاتل.