رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصابتها لعنة "تيتانيك".. مأساة الغواصة "تيتان" ونقاط الشبهات حولها

أرشيفية
أرشيفية

بعد التأكد من المصير المأساوي الذي لاقاه ركاب الغواصة "تيتان" الخمس عقب نفاذ الأكسجين والعثور على الحطام، أصبحت كارثة تحطم "تيتان" التي خرجت لتكتشف حطام السفينة “تيتانيك” هي حديث العالم التي ربما سيحفر التاريخ ذكرياتها المأسوية هي الأخرى، مثلما حفر ذكريات “تيتانيك” وكأنها أخذت من "تيتانيك" جزء من اسمها ونفس مصيرها وجاور حطامها حطامها بل وكأنها أصيبت بلعنة "تيتانيك".

إذ تم العثور على أجزاء من الغواصة" تيتان" يوم الخميس على بعد حوالي 1600 قدم (487 مترًا) من مقدمة حطام تيتانيك وذلك بعد أن اختفت يوم الأحد، وفي مؤتمر صحفي يوم الخميس 22/6/2023 قال الأدميرال جون موغر من خفر السواحل الأمريكي إن الحطام يعتقد أنه غواصة تيتان.

كذلك قال خفر السواحل الأمريكي أن الغواصة تيتان التي فقدت في المحيط الأطلسي قبل أيام قد تعرضت على الأرجح لانفجار داخلي كارثي ما أودى بحياة ركابها الخمسة.

وقد تم إطلاق "تيتان" في حوالي الساعة 4 صباحًا يوم الأحد 18 يونيو، وبدأت هبوطها إلى قاع البحر في الساعة 8 صباحًا، لكنها فقدت الاتصال بسفينة الدعم قرب نهاية غوصها الذي كان ينبغي أن يستمر لساعتين للوصول إلى حطام السفينة تيتانيك الذي مضى عليه قرن من الزمن.

أما ركاب الغواصة تيتان كانوا هم خمس رجال من أغنى أغنياء العالم وهم ستوكتون راش، الرئيس التنفيذي لشركة OceanGate والبالغ من العمر 61 عامًا، وكذلك رجل الأعمال البريطاني الباكستاني شاهزادا داود 48 عامًا وابنه سليمان، 19 عامًا، ورجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينج، 58 عامًا، وأيضًا بول هنري نارجوليت، غواصًا سابقًا في البحرية الفرنسية والمستكشف الشهير الذي يبلغ من العمر 77 عامًا.

وبكلمات أخيرة مؤثرة تظهر فرحة وشغفه الشديد للقيام بهذه الرحلة على متن تلك الغواصة، وهو لا يعلم مصيره المجهول، وطريقة موتته الصعبة التي تتنتظره، قال رجل الأعمال هاميش هاردينج رئيس مجلس إدارة شركة Action Aviation ، وهي شركة مبيعات وعمليات تقدم مجموعة من الخدمات في Busi، على صفحته الشخصية على حساب الفيسبوك قبل اختفاء الغواصة بخمس أيام "أنا فخور بأن أعلن أخيرًا أنني انضممت إلى OceanGate Expeditions في مهمة RMS TITANIC الخاصة بهم كأخصائي مهمة في الغواصة التي تنزل إلى تيتانيك.

 

تابع جورج "نظرًا لأسوأ شتاء في نيوفاوندلاند منذ 40 عامًا، فمن المحتمل أن تكون هذه المهمة هي المهمة الأولى والوحيدة المأهولة إلى تيتانيك في عام 2023، تم فتح نافذة الطقس للتو وسنحاول الغوص غدًا، بدأنا بالبخار من سانت جونز، نيوفاوندلاند، كندا أمس ونخطط لبدء عمليات الغوص في حوالي الساعة 4 صباحًا غدًا. حتى ذلك الحين، لدينا الكثير من الاستعدادات والإيجازات التي يجب القيام بها.

وجورج هاميش ليفينجستون هاردينغ هو رجل أعمال بريطاني وطيار وكذلك مستكشف ومغامر وسائح فضاء كان مقيم في الإمارات العربية المتحدة، وتعد شركته هي شركة وساطة طائرات دولية مقرها في دبي.

وكان جورج كذلك عضوًا في The Explorers Club الذي زار القطب الجنوبي عدة مرات وحطم رقمًا قياسيًا في موسوعة جينيس للإبحار حول الأرض، كما سافر إلى الفضاء.

وOceanGate هي شركة أمريكية مملوكة للقطاع الخاص في إيفريت وهي توفر غواصات مأهولة للسياحة والصناعة والبحث والاستكشاف، وقد تأسست عام 2009 بواسطة Stockton Rush وGuillermo Söhnlein.

شيدت هذه الشركة غواصة Titan في عام 2021 واستقبلت السياح في تيتان لزيارة حطام السفينة تايتانيك اعتبارًا من عام 2022.

والسعر لكل راكب في رحلة استكشافية من OceanGate إلى حطام سفينة تايتانيك 250 ألف دولار أمريكي للشخص الواحد.

وفي تصريح لبعض الخبراء إلى شبكة الأخبار العالمية بي بي سي إن جمع وتحليل الحطام، وخاصة ألياف الكربون التي صنع منها الهيكل الرئيسي، قد يلقي بعض الضوء على سبب الكارثة.

علامات وجود شبهات بالشركة المصنعة

  • ادعائها الكاذب أن الغواصة صممتها ناسا وبوينج

في أوائل عام 2023 ادعت OceanGate أن تيتان قد تم تصميمها وهندستها بواسطة شركة OceanGate Inc، و بالتعاون مع خبراء من وكالة ناسا وبوينغ وجامعة واشنطن.

أما بعد اختفاء تيتان خرجت قالت شركة UW أن APL لم تشارك في تصميم أو في هندسة وكذلك في اختبار غواصة تيتان.

الأمر نفسه حدث مع متحدث شركة "بوينج" الذس خرج ليعلن أن "بوينج " كذلك لم تكن شريكًا في تيتان ولم تصممها أو تبنيها".

كذلك نأت وكالة ناسا بنفسها هي الأخرى عن مزاعم OceanGate بأنها شاركت في تطوير غواصة "تيتان" و قال المتحدث باسم ناسا أن مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لناسا لديه اتفاقية قانون فضائي مع OceanGate، لكنه "لم يجرِ الاختبار والتصنيع من خلال قواها العاملة أو منشآتها".

وكانت قد أثير إنذارًا بشأن عدم اتخاذ شركة OceanGate التي غرقت غواصتها "تيتان" بشأن عدم اتخاذها كفاية الشروط اللازمة للسلامة والأمان وخاصة المتعلقة براكبها.

  • تشكيك ديفيد لوشريدج

يرجع الأمر عندما قام ديفيد لوشريدج، مدير العمليات البحرية في OceanGate بعام 2018، بفحص السفينة Titan أثناء تسليمها من الهندسة إلى العمليات ليقدم تقريرًا لمراقبة الجودة بها، والذي ذكر فيه أنه لم يتم إجراء أي اختبار غير مدمر لهيكل ألياف الكربون للتحقق من وجود فراغات وتفريغ يمكن أن يضر بقوة الهيكل. بدلاً من ذلك.

وردًا على ذلك قيل للوشريدج أن OceanGate ستعتمد على نظام المراقبة الصوتية في الوقت الفعلي، وحينها شعر ديفيد أن هذا الأمر لن يتمكن من تحذير الطاقم من الفشل المحتمل مع الوقت الكافي لإجهاض المهمة والإخلاء بأمان.

وقال  لوشريدج في دعواه القضائية التي قدمها ضد OceanGate أنه طلب من OceanGate إجراء عدد من الاختبارات على الهيكل بعد الإعراب عن مخاوفه بشأن سلامة "Titan" قائلًا "حان الوقت الآن لمعالجة العناصر التي قد تشكل خطرًا على سلامة الأفراد بشكل صحيح".

وتابع التقرير الذي قدمه لوشريدج بالتفصيل أن هناك العديد من القضايا التي شكلت مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة داخل الغواصة بما في ذلك مخاوف شركة Lockridge من أن "العيوب المرئية" في ألياف الكربون المقدمة إلى OceanGate هي عيوب تزيد من احتمالية تحول العيوب الصغيرة إلى شقوق أكبر أثناء "دورة الضغط".

كما أشار التقرير نفسه إلى أن هناك نسخة طبق الأصل من الهيكل التي تم فحصها سابقًا أظهرت "عيوبًا سائدة"، وأضاف أنهمن الممكن أن تكون مركبات ألياف الكربون أقوى وأخف من الفولاذ وهو ما يجعل الغواصة طافية بطبيعتها ولكن في الوقت نفسه قد تكون أيضًا عرضة للانهيار غير المتوقع تحت الضغط.

في الوقت نفسه طلبت شركة Lochridge من "تيتان" الخضوع لاختبارات غير مدمرة للتأكد أنها "منتجًا قويًا وآمنًا"،  ولكنها أبلغت بأن مثل هذا الاختبار لم يكن عمليًا وأن OceanGate سيعتمد بدلاً من ذلك على نظام المراقبة الصوتية الذي نال استحسانًا كبيرًا.

وأكدت شركة Ocean Gate أن تقنيتها المطورة داخليًا تستخدم مستشعرات صوتية للاستماع إلى ضوضاء منبهة لألياف الكربون في الهيكل المفكك من أجل تقديم "كشف إنذار مبكر"، ولكن أعرب لوكريدج عن قلقه من أن النظام لن يعطي سوى "أجزاء من الثانية" من الإشعار وذلك قبل حدوث انفجار داخلي كارثي، وذلك لأنه قد لا يكتشف المشاكل حتى تنهار السفينة.

كما حضر لوكريدج في عددًا من الاجتماعات التي تتعلق بمراقبة جودة وسلامة تيتان، خاصة رفض Ocean Gate إجراء اختبار حاسم وغير مدمر للتصميم التجريبي للبدن".

وخلال واحدًا من هذه الاجتماعات اكتشف أن وجهة النظر تم بناؤها فقط لضغط معتمد يبلغ 1300 متر على الرغم من أن OceanGate تعتزم نقل الركاب إلى عمق 4000 متر، وهو ما جعل لوكريدج يحذر في ذلك الوقت من أن السفينة لن تكن قادرة على النزول إلى الأعماق القصوى اللازمة لمشاهدة حطام تيتانيك.

وحسب ملفات شركة Lockridge فإنه كذلك تم استخدام مواد خطرة قابلة للاشتعال داخل الغاطسة إذ قيل "لن يكون الركاب الذين يدفعون الثمن على علم بهذا التصميم التجريبي كما لن يتم إبلاغهم بهذا التصميم التجريبي، أو عدم وجود اختبار غيرمدمر للبدن، أو استخدام مواد خطرة قابلة للاشتعال داخل الغواصة".

ونتيجة لذلك فصل لوكريدج من منصبه، كما رفعت OceanGate دعوى قضائية ضده متهمة إياه بمشاركة أسرار تجارية مملوكة بشكل غير صحيح وصنع سببًا لفصله عن طريق الاحتيال، وفي نوفمبر 2018 تمت تسوية الدعوى. 

  • عدم تصنيفها من قبل جمعية تصنيف السفن

وفوق ذلك تعد الغواصة "تيىتان" ليست مصنفة من قبل جمعية تصنيف السفن، وردًا على هذا الأمر خرجت شركة OceanGate صاحبة الغواصة بمنشور في عام 2019، تبرر فيه سبب عدم "تصنيف" تيتان المعتمد من قبل جمعية تصنيف السفن حيث قالت إن "الغالبية العظمى من الحوادث البحرية (والجوية) هي نتيجة لخطأ المشغل، وليس عطل ميكانيكي".

كما ادعت أن التصنيف يركز فقط على الحالة المادية للسفينة وليس إجراءات الشركات، والتي وصفتها بأنها "جهد مستمر وملتزم وثقافة مؤسسية مركزة" تتمثل في "الحفاظ على مستوى عالٍ من السلامة التشغيلية".

  • ملاحظة الصحفي بوج

كذلك لاحظ الصحفي ديفيد بوج عام 2022 خلال بعثته في "تيتان" أنها غير مزودة بمنارة لتحديد مواقع الطوارئ، وهوما جعل سفينة الدعم السطحي تفقد مسار تيتان "لمدة خمس ساعات تقريبًا، وتمت مناقشة إضافة مثل هذه المنارة.

أستاذ موانئ بحرية: عيب فني وراء الحادث والتشكيك في سلامتها من قبل إشارة قوية

من جهته قال الدكتور أيمن النحراوي أستاذ التخطيط ‫ ‫واقتصاديات ‫وإدارة ‫الموانئ ‫البحرية، أن فرص العثور على ركاب الغواصة تكاد تكون منعدمة ، وذلك بسببالضغط الكبير الذي تتعرض له الغواصة على هذا العمق الكبير أسفل المياه ، بالإضافة إلى نفاذ الأكسجين، وصعوبة مياه المحيط.

ورجح أيمن أن يكون خطأ فني في تصميم الغواصة مثل عيب في تصميم موتورها، أو كذلك خطأ في التكنولوجي الخاصة بها، أو في هيكلها الخارجي هو السبب وراء وقوع هذا الحادث، مشيرًا إلى أن تشكيك أحد العاملين في الشركة المصممة للغواصة في إجراءات السلامة والأمان بها مؤشر قوي على ذلك.

كما لفت إلى أن احتمالية الخطأ في تصميم هذه ا لغواصة كبيرة خاصة أنها غواصة تجارية سياحية تجارية وليست غواصة حربية، موضحًا أن الأخيرة تكون مصممة على أعلى جودة وتكون بها نسبة الأخطاء شبه منعدمة.