رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فهم جسد الأنثى!


هذا واحد من الموضوعات الحميمة؛ فالحديث عن الجسد الأنثوي لا ينقطع البتة إن في مجتمعات الرجال أو النساء أنفسهن، وهذه هي الحميمية المقصودة، ولكن الاهتمام به ليس على نفس المستوى، وهو ما أومأت إليه بلفظ الفهم فيما جعلته عنوانًا للمقال.
لجسد الأنثى جمال خاص مبهر، ولكن من الخطورة بمكان أن يلتفت إليه الملتفت، وما في خواطره إلا هذا الجمال الأخاذ، يحسد تجليه أو يتمنى نواله، ولا يعرف أن الثديين المرضعين المشبعين يحتاجان إلى مراقبة شخصية من صاحبتهما وعناية فائقة بهما؛ فهما معرضان للمرض الخبيث بتقدم السن، ولا بد من متابعتهما طبيًا والاطمئنان عليهما، ومثلهما الرحم، والدورة الشهرية لا بد من متابعة اندفاقها وانقطاعها، بالإضافة إلى الجلد فبتغيره يتغير المزاج الأنثوي.. كل هذه الأمور مؤثرة تمامًا في مسيرة الأنثى على عكس مسيرة الذكر التي تخلو من مثلها، فلا يرتبط بجسده كارتباطها. ما أود قوله، باختصار، هو أن محاورة الأجساد الأنثوية ضرورية للغاية، أعني بالمحاورة استنطاق الأعضاء لاكتناه أعماقها، والحالة النفسية للأنثى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحالة الجسدية، هذا يجب أن يكون واضحًا تمامًا، فالأنثى سليمة النفس هي الأنثى سليمة الجسد تقريبًا، والأنثى التي تعاني اضطرابًا نفسيًا جسدها معتل لا محالة؛ وعلى هذا فإن الرجال الذين يعاملون الأنثى يكونون في غفلة عن حقيقتها لو غضوا الطرف عن حالتها الجسدية، والنساء مثيلاتها كالرجال أيضًا، ولكن لا يعني الأمر، كما سبق وأشرت، أن يلتفت الناس إلى الجسد الأنثوي التفاتة طامحة أو طامعة، مقدار ما يعني أن يكون الجميع على وعي تام بطبيعة هذا الجسد، تطوراته وتقلباته، من خلال العلم الصحيح بكل كبيرة وصغيرة تتصل بهذا الكيان الذي يجري النظر إليه على أنه قطعة لحم محضة للأسف، وهكذا يتركه التارك أو يأكله الآكل، وليس على أنه مبنى عظيم منظم تتحكم فيها هرمونات شتى، تمنحه معناه، ومن غير اللائق أن يجهل الإنسان حركته وسكونه وآماله وآلامه.
كلمة الحب التي يوجهها الرجل للمرأة تكون منقوصة ما دام احترام جسدها ليس في حسبانه، واحترام الجسد يعني انطباع صورته في الذهن، والسؤال عن عافيته، والارتفاع به إلى مرتبة عليا كالتي ترتفع إليها الأرواح في الظنون البشرية، ولا عجب؛ فالجسد هو حاوية الروح، ومن التناقض المؤسف أن يكون المحتوى عاليًا في التصور البشري، والضلعان الحاويان منخفضا المنزلة كأن لا قيمة لهما!
أنا واحد من الذين يرون الاغتصاب هو الأكثر انحطاطًا بين الجرائم؛ فالمغتصب صائد بائس قذر أبعد ما يكون عن الدراية بالجسد، يبتغي الالتذاذ به، ولا يدرك صفته، ولا ينفذ إلى الحرية الكامنة فيه، والتي لا تفتح أبوابه إلا لطارق حميم رقيق، وما عدا ذلك فإنه مغلق لا مفتاح له ولا الموت!