رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القوى الناعمة.. ظهير فكرى

أتذكر ما جرى فى مقابلة هامة للمشير عبد الفتاح السيسى المرشح الرئاسى مع مجموعة رائعة من أهل الإبداع السينمائى والتشكيلى والمسرحى والغنائى والفكرى.. نخبة من رموز ورواد الإبداع فى بلادى.. وفى ختام كلمته التى حفز فيها الحضور على المزيد من الإنتاج الإبداعى الحضارى الداعم لإثراء الوعى العام والمجتمعي، قال إن هناك من نصحه بأن يكون له ظهير سياسى، ولكنه يرى أن الظهير الفكرى الأهم لتوعية الشعب المصرى فى تلك المرحلة، وأكد أن وسائل الإعلام تلعب دورًا هامًا فى إيجاد هذا الظهير الفكرى..
وعليه، كان أمر إعادة بناء الدولة المصرية، بنظامها الجديد، تحتاج لأن تكون قوية فى اعتماد النهج الفكرى المعاصر وفق عقد اجتماعى جديد بين الدولة والمواطن، وتبنى مشروع ثقافى يناهض كل أسباب قيام الحروب الظلامية التى تتبنى وتبث مفاهيم من شأنها التكفير والتحقير والتبخيس والتضليل وإقحام تعاليم دينية ومذهبية بعد إعداد التأويلات الفكرية المضلة والمعاكسة لمعانيها المنزلة فى الشأن السياسى والاقتصادى والاجتماعى والعلمى والتعليمى والإبداعى..
وهنا قد تبرز أهمية الظهير الفكرى الذى تحدث عنه المشير والذى ظل يؤكد ضرورة دوره حتى الآن، فرغم أن للرئيس ظهيرًا شعبيًا، إلا أنه يجب أن يكون هناك كيان سياسى يعبر عن رغبة المصريين ورؤية النظام الجديد، أولًا للحفاظ على الظهير الشعبى وزيادة الارتباط به، وأن يكون قادرًا على العمل كفريق واحد من أجل تحقيق أهداف المصريين، وها نحن نلتقى ونلتف حول مائدة للحوار الوطنى الرائع فى إدارته وتجلياته الفكرية، يمكن أن تشكل توصياته وثيقة تقدم للرئيس القادم..
ولأن حوار المشير مع تلك النخب السابق الإشارة إليهم كان من الأهمية بمكان، أستأذن القارئ العزيز، لجريدتنا الغراء، فى عرض بعض ما جاء على ألسنة الحضور فى اللقاء بتصرف بسيط، لعله يكون من المفيد طرحه على طاولة الحوار الوطنى ولجانه المعنية بأمر الإبداع وأحواله..
• إن الحس الثقافى موجود داخل الشخصية المصرية على مدار التاريخ الحضارى والإنسانى الطويل للمصريين، والفن موجود بأصالته داخل المواطن المصرى..
• قصور الثقافة كانت تقوم بدور حقيقى فى إنتاج كم كبير جدًّا من المبدعين والمفكرين والكتاب خلال فترة الخمسينيات والستينيات، حيث كان الفن عنصرًا ثقافيًّا مهمًّا، ومكونًا رئيسيًّا فى منظومة الوعى المصرى.. نحن فى بلد عظيم ومبدع على طول تاريخه، ويجب أن نترك الفن ليعبر عن نفسه..
• الفن وصناعة السينما فى الوقت الراهن تحتاجان إلى الكثير من الجهد والوقت لاستعادة دورها الريادى مرة أخرى، على رأسها الموارد الاقتصادية اللازمة، حيث المرحلة الراهنة تحتاج إلى ضرورة أن يكون للفن دور أكبر فى دعم قضايا الوطن والتعبير عن همومه ومشكلاته..
• السينما فى القرن الماضى كانت تعكس تحديات وطموحات المجتمع المصرى المتحضر، دون أن تعرض البلطجة والزوايا السلبية داخل المجتمع، مثل العشوائيات والفقر والسلوكيات غير المقبولة اجتماعيًّا ودينيًّا، ونرى أن الدولة الغربية على الرغم من أن بداخلها مشكلات ونقائص عديدة إلا أنها لا تركز عليها فى الأفلام والمواد الدرامية التى تعرضها وتصدرها إلى دول العالم..
• إيمان الدولة بالفن سمعنا عنه فقط، قبل أن نولد، وفى عصر كان يوصف فيه الفن على أنه عيب، ولكنه كان فى الفترة ذاتها قوة اقتصادية وصناعة كبرى، والوضع الآن يحتاج إلى علاج حقيقى، ولا قيمة للديمقراطية والحرية فى مجتمع يسيطر عليه الانفلات الأخلاقي، فلا قيمة لأن نكسب كثيرًا ونخسر أخلاقنا، مهما كانت النتائج أو الأرباح التى نجنيها..
• الفن هو القادر على تشكيل الوعى واستعادة دور المواطن القادر على العمل والعطاء، مشيرًا إلى أنه دون الفن لن تكون هناك تنمية حقيقية دون فن حقيقى يقدم المجتمع بصورة مختلفة، ويطرح رؤية متطورة لكل القضايا والتحديات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن..
• أن إنتاج الأفلام والمسلسلات أصبح إنتاجًا استثماريًّا ضخمًا وصناعة كبيرة تحتاج إلى تطوير، خاصة أن صناعة الفن يستفيد منها الكثير إلى جانب الفنانين أنفسهم، مما يشير إلى ضرورة أن تتولى الدولة خلال الفترة المقبلة توجهًا لدعم الإنتاج الفنى المحترم، والإعلام القومي، الذى يعتبر داعمًا لكل توجهات الدولة، ورؤيتها نحو التقدم والتنمية التى تنشدها مستقبلًا، فلا يمكن للفن أن يقوم بدور حقيقى دون إعلام جيد..
• إن الشعب المصرى يثبت دائمًا أنه على قدر المسئولية، ويمكنه فعل المستحيل، إذا صح حاكمه..
• إن الشعب المصرى بدعم من جيشه العظيم حقق معجزة عظيمة عندما أطاح بنظام «الإخوان الإرهابى»، الذى كان سيؤدى بالبلاد إلى حرب أهلية وخراب ودمار... وينبغى التنبه إلى أن الدولة لم تبن مسرحًا واحدًا منذ ثورة يوليو 1952، بالإضافة إلى أن السنوات الأخيرة الماضية شهدت إغلاق 30 مسرحًا، وعليه نطالب بضرورة عودة دور المسرح والسينما والموسيقى مرة أخرى من أجل خلق منظومة فنية متكاملة يمكنها التأثير فى قلب وعقل المواطن المصرى، ويجب أن تتكاتف الدولة مع المبدع والفنان..
• إن حضور الفنانين لقاء المشير السيسى ليس من أجل عرض مشكلات أو قضايا، ولكنهم حضروا لمعرفة ما يمكن أن يقدموه لمصر خلال المرحلة المقبلة، والدور الذى يمكن من خلاله استعادة الريادة المصرية فى المجالات المختلفة..