رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسين عبدالرحيم يكتب: حكايات عن محمود مرسي أو أبو العلا البشري

لقطة للفنان محمود
لقطة للفنان محمود مرسي من فيلم شيء من الخوف.

أمس سجّلتُ حلقة للقناة الثانية عن مسلسل "رحلة أبو العلا البشري" في برنامج “يا مسهرني” ستذاع غدًا ليلا. الجميل أنّ ما قلتُه وركّزت عليه هو معرفتي بالعظيم الكاريزما الزاهد الرفيع محمود مرسي وكيف بدأت هذه المعرفة.

بورتريه أو لقطة ل محمود مرسي من فيلم سعد اليتيم.

في سنة تسعين، عقب أزمة الخليج وقتها، بسؤاله عبر التليفون الأرضي لجريدة “الوفد” في صفحة “نجوم وفنون” التي كنت أكتب لها برئاسة عبد الرازق حسين في عهد جمال بدوي عن تأثير حرب الخليج الثانية أو ضرب العراق على حركة الإنتاج في دراما الفن التليفزيوني والسينمائي، ردَّ بحزن: "لو بتحبني بصحيح شوف لي أي حد تعرفه من الدكاترة، قطتي بتموت من ساعة وعايز ألحقها، يا ريت تعرف دكتور بيطري شاطر".

بورتريه.للفنان العظيم الراحل الممثل محمود مرسي

محمود مرسي الذي اعترض وهو في الـBBC بلندن على العدوان الثلاثي على مصر وترك عمله بالإذاعة كمترجم وأستاذ دراما ليعود إلى مصر في اليوم نفسه ويبدأ مسيرة متفردة يقدم فيها رؤية موسوعية لماهية التمثيل ودور الممثل وعلاقته بالنص المكتوب لم يشبهه فيها أحد أو حتى يقترب من حضوره بكاريزما لا يستطيع من يراها الفكاك منها إذ تظل عيناه مسمّرة على الشاشة لا تغفل لحظة عن الملامح والنظرة الأخّاذة والصوت الذي ينقل إليك كل ما يدور في الشعور الرهيف والعقل العملاق لمحمود مرسي.

بورتريه للفنان الراحل ، الممثل محمود مرسي.

في حواري ولمّا ملكت ناصية الحديث مع محاور أو مذيع مثقف وهادئ وغير مدعي أفضت في هارمونيكا تلك الأعمال في العام 86 بعيدًا حتى عن أبو العلا البشري ورحلته..يعني عن عّمار وأسامة أنور عكاشة ومحمد فاضل والأبنودي وقبلهم العملاق محمود مرسي في تفاصيل بطل دونكيشوتي يحارب طواحين الهواء في رؤية استبصارية للآت وهو المفجع والحاصل حاليًا من التمزق المجتمعي والأسري بل الإنساني.

جميل ما راق لي وانطلقت فيه من سينما الثمانينيات والواقعية الجديدة والصدق في الفن من الأغاني حتى اللوحة التشكيلية مرورا بالتمثيل وإعداد النص، ما زادني دهشة كل هذه التهاليل والاحتفاء بي وبما قلت فأصابني الحرج وخرجت فورًا وأنا أفكر في أحوال الفن في مصر، كيف كانت وكيف أصبحت، كنت أتكلم وكان وقتها والفارق في الزمن على ما مر من 86 يعادل منطقيًّا مئة عام، ختمتها بما حدث من هلس وتعرية وتفاهة ولا مضمون، الدراما المسروقة هذا العام في برامج ومسلسلات رمضان..فيالنهاية قال لي المحاور الرائع عصام أو عمرو: "للأسف الرأي بلا سخط"، وبخاصة أننا تحدثنا كثيرا عن ماسبيرو زمان وثقافة الأبيض × أسود وحتى أفلام عاطف الطيب وبشارة وخان وداود ووقفنا عند الواقعية الجديدة ومسوخها التي تعرض حاليًا بلا أدنى موضوعية، لا سينما بل لا فن ولا جمال ولا دراما على الإطلاق..

لقطة من أحد الاعمال للفنان/ الممثل الراحل محمود مرسي.

"لو مش هتحلم معايا مضطر أحلم لنفسي مع إني في الحلم حتى عمري ما هحلم لنفسي".

أدندنها الآن وأنا أذكر حوارًا لم يتم مع الفنان الفريد محمود مرسي الذي وعدني بحوار معه إذا عثرت على دكتور شاطر يشفي ألم قطته  فاستيقظت فعلا في اليوم التالي من 8 صباحًا أسأل الأستاذ عبد الرازق حسين وكان مسؤول القسم الفني في جريدة “الوفد”، دلّني الأستاذ على مجدي مهنا قائلا: "ضروري تسأل الأستاذ مجدي مهنادا الوحيد اللي ممكن يفيدك.. وساعتها أكيد محمود مرسي هايحقق وعده ليك ويسمح لك تحاوره دا فنان عظيم".. لساعات بحثت ملهوفًا عن طبيب بيطري ووجدته، عندما اتصلت بالأستاذ كانت الساعة وصلت أربعة ونص بعد العصر.

رد عليا وهو شبه مخنوق كأنه فقد عزيزًا وقال:

  • للأسف يا حسين القطة ماتت.
بورتريه للفنان محمود مرسي.