رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام الثورة والخلاص 10 سنوات على الانتصار

محمد عبدالعزيز: «تمرد» لم تتواصل مع الجيش قبل «30 يونيو».. وكنا نعلم أن الانتصار على الإخوان لن يحدث إلا بتحرك القوات المسلحة

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز ومحمد عبد العزيز

- قال: البرادعى كان يعلم أن اعتصام رابعة «مسلح».. ثم قال عنه «سلمى»

- رفضنا فكرة الاستفتاء على بقاء مرسى رئيسًا استجابة لمطالب 30 مليون مصرى فى الشارع

- الحسينى أبوضيف كان له دور كبير فى فضح جرائم الإخوان والفساد الخاص بأعضاء الجماعة فقتلوه

- القيادى الإخوانى سعد الكتاتنى رفض الحضور فى اجتماع 3 يوليو رغم الاتصال به مرتين

-٢٢مليون توقيع تم جمعها لسحب الثقة من محمد مرسى

-١ مايو يوم تدشين الحركة ميدانيًا بالتزامن مع عيد العمال

-٣ يوليو نجحت الحملة فى تحقيق هدفها بإسقاط مرسى

-٢٠١٣ بداية الدعوة لحركة تمرد 

قال النائب محمد عبدالعزيز، أحد مؤسسى حركة «تمرد»، إن الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، كان يعلم تفاصيل خارطة طريق ما بعد ٣٠ يونيو، وكان يعلم أن اعتصام الجماعة الإرهابية «رابعة» مسلح، لكنه حكى الرواية بطريقة أخرى، مؤكدًا: «قد يكون البرادعى أصبح ينسى بحكم السن.. أو أنكر الحقائق لأسباب سياسية».

وشدد «عبدالعزيز»، فى حواره مع الدكتور محمد الباز، فى برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، على أن حركة تمرد كانت ترفض الجلوس للتفاوض مع الإخوان، لكن «البرادعى» كان يحاول إقناعها بذلك، وفى النهاية رفض سعد الكتاتنى، ممثل حزب الإخوان، حضور الاجتماع.

■ ما اللحظة التى أدركت فيها أنه لا بد من رحيل الإخوان؟

- كنت مقتنعًا بأن قصة الإخوان فى حكم مصر ستكون قصة فشل كبيرة، وحينما أصدر الرئيس المعزول محمد مرسى الإعلان الدستورى أدركت حينها أن النهاية اقتربت، لأن هذه الجماعة تتحدى المجتمع وتعادى الجميع.

وأكثر ما يؤكد إصرار الإخوان على الفشل وتحدى الجميع هو قرار عزل النائب العام، وتحدى القضاء وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى.

وعندما استشهد الصحفى الحسينى أبوضيف أقسمت بألا تستمر هذه الجماعة فى حكم مصر، فقد كان الحسينى صديقى ومن أقرب الناس إلى قلبى، وكان يحرص على توثيق الأحداث ونقل الصورة كاملة، وله دور كبير فى فضح جرائم جماعة الإخوان الإرهابية.

الحسينى كشف الفساد الخاص بأعضاء الجماعة، وكان يرى أن فساد هذه الجماعة أسوأ من فساد ما قبل ٢٠١١، فقد كان الإخوان يرتكبون الجرائم دون خوف ويتصرفون بعنجهية شديدة، وكان لدى الإخوان يقين من أنهم موجودون للأبد فى السلطة.

■ كيف كانت مشاركتكم كشباب فى الحراك السياسى ضد الإخوان؟ ومتى تبلورت فكرة «تمرد»؟

- لم نتوقف عن النضال ضد الجماعة الإرهابية، وطوال فترة حكمها كانت هناك أحداث كر وفر بين القوى السياسية والجماعة، وكانت هناك مظاهرات أمام قصر الاتحادية وفى ميدان التحرير.

وبحلول فبراير ثم مارس ٢٠١٣، تأكدنا من أنه إذا استمرت الأحداث بالطريقة التقليدية، وهى الخروج فى مظاهرات يوم الجمعة من كل أسبوع، سيفقد المواطن غير المنتمى لأى حزب اهتمامه بهذا الحراك، وستقل ثقته.

كان السؤال الرئيسى: كيف للمواطن الموجود فى قرية ما من قرى مصر أن يكون شريكًا فى المعركة ضد الإخوان؟.. فقد كان لدينا إدراك تام بأن الجماعة تنظيم له قدرة على الانتشار على مستوى الجمهورية، وكان كل عضو فيه مستعدًا لأن يدفع حياته ثمنًا مقابل الجنة، كما أقنعوه فى التنظيم.

المعركة مع التنظيم لم تكن سهلة، لأن العضو المنتمى لهذا التنظيم مستعد لأن يفعل أى شىء، فتأكدنا من أن الحل بيد الشعب بكامل فئاته، ولا بد من أن تشارك جميع الفئات فى التصدى للجماعة الإرهابية.

ومن هنا فكرنا فى أن نرصد الرفض الشعبى للتنظيم الإرهابى عبر استمارة يوقع عليها كل رافض للإخوان.. حينها لم يكن النزول يوم ٣٠ يونيو مطروحًا.

■ كيف بدأت حكاية تمرد؟ 

- بدأت الحكاية فى إطار التفكير المستمر فى التصدى للجماعة الإرهابية، ففى أثناء إحدى المناقشات بينى وبين أصدقائى على أحد مقاهى وسط البلد، طرحت فكرة جمع استمارات لسحب الثقة من الإخوان، وقلت إن فكرة جمع استمارات حدثت فى التاريخ المصرى على يد سعد زغلول، وما كنا نجمعه ليس توكيلات بل توقيعات لسحب الثقة، فالشعب صاحب السيادة وله أن يسحب الثقة.

بدأنا فى صياغة نص الاستمارة بالتعاون مع مجموعة من المثقفين، وكتبت أنا فى النهاية نص الاستمارة، وكنت أستهدف الوصول بالفكرة لكل مواطن مصرى، حتى فى القرى البعيدة.

كنت أريد أن يصل الكلام للمقهى والحقل والمصنع والمصلحة الحكومية، وكنا نستهدف جمع أصوات أكثر من الأصوات التى حصل عليها مرسى فى الانتخابات، بمعدل ١٥ مليون توقيع، ولم نكن نعلم ماذا سنفعل بعد ذلك.

بعد ذلك اخترنا يوم ٣٠ يونيو، لأنه يوم إعلان نتيجة الانتخابات وفوز مرسى بالرئاسة، وأردنا أن يكون احتجاج الشعب على الحكم بعد مرور عام بالضبط، وما ساعدنا هو تجاهل الإخوان لحركة تمرد والاستهانة بها.

وبمرور الوقت، بدأت الجماعة فى مهاجمة «تمرد»، وكان الرد المباشر جمع المزيد من التوقيعات، وكانت المفاجأة بنزول أعداد ضخمة تفوق عدد التوقيعات التى جُمعت، والتى كانت تتجاوز ٢٢ مليونًا، وكان حجم المشاركة فى «تمرد» حوالى ٣٠ مليونًا.

■ هل كانت هناك مؤشرات ترجح إمكانية التفاف الشعب حول «تمرد»؟

- نعم.. فقد كان لحركة «تمرد» تأثير كبير على الشعب المصرى، والدليل على ذلك توقيع ملايين المواطنين المصريين على الاستمارات لدعم تلك الحركة الشعبية.

الشعب المصرى الذى نزل إلى الشوارع والميادين فى ٣٠ يونيو كان أكثر بكثير من الذين وقعوا على استمارة حركة تمرد التى اتسمت بلغة بسيطة للوصول لجميع فئات الشعب.

■ هل كره الشعب الإخوان بسبب حركة تمرد؟

- لا.. لم تكن حركة تمرد السبب الأساسى فى كره المواطنين المصريين لجماعة الإخوان، لكن «تمرد» أخبرت المواطنين بالوسيلة التى يمكن من خلالها التخلص من هذه الجماعة، ولولا أن المواطنين يحملون فى نفوسهم كرهًا شديدًا للإخوان لكانت تلك الحركة الشعبية ذهبت إلى الجحيم.

الشعب المصرى هو من أسهم فى نجاح وانتشار حركة تمرد، فالشعب قرر أن هذه الجماعة لن تحكمه بعد اليوم.

كما أن حماقة الإخوان كانت سببًا مباشرًا فى نجاح حركة تمرد، إذ كانت هذه الجماعة تمتلك الكثير من الفرص لكنها لم تستغل أى فرصة، وتسببت اعتداءات الإخوان المستمرة على أعضاء حركة تمرد فى الريف والمحافظات فى زيادة الغضب الشعبى من تلك الجماعة.

■ متى جرى الإعلان عن حركة تمرد بشكل صريح؟

- يوم ٢٨ أبريل ٢٠١٣، وطبع أعضاء الحركة ٧٠٠٠ استمارة، وجرى الاتفاق أنه يوم ١ مايو سينزل الأعضاء إلى ميدان التحرير لجمع الاستمارات من الشعب المصرى، وجرى توزيع هذا العدد فى غضون ساعة واحدة، ونظرًا لزيادة عدد المقبلين من الشعب على توقيع الاستمارات وفرنا نسخة من هذه الاستمارة على منصات التواصل الاجتماعى، كى يطبعها المواطنون ويرسلونها عبر أرقام محددة تم الإعلان عنها مسبقًا.

وبعد أقل من عشرة أيام وجدنا أن المواطنين طبعوا نحو ٢٠٠ ألف استمارة، وجرى عقد المؤتمر الصحفى الثانى لحركة تمرد فى ١٠ مايو، والذى استطعنا من خلاله جمع مليونىّ استمارة.

ومن ثم شعر المواطن بأن طباعة الاستمارة وتوزيعها عمل وطنى بطولى، والدليل على ذلك أن أحد بائعى الأدوات الكهربائية وضع لافتة مكتوبًا عليها «ممنوع دخول الإخوان.. هنا مقر توزيع استمارات تمرد».

■ ماذا كان رد فعل الإخوان أثناء جمع الاستمارات من الشعب؟

- فى بدايات جمع الاستمارات كان أنصار الإخوان يفتعلون الخلافات من أجل الهجوم على الشباب فى أثناء توزيع استمارات تمرد، وكان للمواطنين دور كبير فى حماية أعضاء تمرد، وكانوا يطردون الإخوان خارج المنطقة.

كما كان أعضاء حركة تمرد يتعرضون للتهديدات بالقتل يوميًا، لذا كنا نتبع أسلوب التخفى من هذه العناصر الإجرامية، وكان الشعب المصرى الدرع الحامية لنا و«آخر شهر كنا بنبات فى أماكن غير منازلنا».

■ كيف كان تصوركم المبدئى ليوم ٣٠ يونيو؟

- المؤشرات كانت ترجح أن عددًا كبيرًا من المواطنين سينزلون للاحتجاج فى هذا اليوم، بناءً على عدد الاستمارات ومعدل زيادته واستجابة الشارع للفكرة، وكنا نعلم أنه لا يمكن الانتصار النهائى على هذه الجماعة إلا من خلال انحياز القوات المسلحة لصالح إرادة المصريين، دون أن يكون هناك أى اتصال يذكر بين أعضاء حركة تمرد والجيش المصرى، وهذه اعترافات حقيقية نسجلها للتاريخ.

■ ماذا دار فى النقاشات التى جرت بين وزير الداخلية محمد إبراهيم وحركة تمرد؟

- لم يحدث اللقاء الذى دعا له وزير الداخلية آنذاك، اللواء محمد إبراهيم، بينه وبين أعضاء حركة تمرد، وهذا التواصل كان غرضه التأكد من أن حركة تمرد ليست لديها أى نوايا للعنف على أرض الواقع فى الميادين والشوارع.

اللقاء لم يحدث فى الواقع، بل جرى من خلال اتصال هاتفى بين وزير الداخلية والزميل محمود بدر، كى يخبرنا بأن المظاهرات يجب ألا تخرج عن السلمية.

■ ما تفاصيل ما دار من نقاش فى جلسة ما قبل ٣ يوليو؟

- فى يوم ٢ يوليو مساءً، كان لدى تخوف من أن يشعر المواطنون بالملل نتيجة لتعنت الإخوان وإصرارهم على عدم الاستجابة لمطالبنا، ولم أكن أعلم ماذا سيحدث فى ٣ يوليو. 

وفى غضون الساعة السابعة مساء يوم ٢ يوليو، جاءتنى فكرة عقد مؤتمر صحفى لحركة تمرد، نقول خلاله للشعب رسالة سياسية واضحة، وهى أننا سنظل محتشدين فى الشارع حتى سقوط هذا التنظيم الإرهابى، وألا يقلق أحد أو يُحبط، ومهما كان ما تهدد به جماعة الإخوان فنحن سنكمل الطريق وسنواجه هذه الجماعة الإرهابية.

حينها واجهنا مشكلة، وهى مكان عقد المؤتمر، فتواصلنا مع الكاتب الصحفى محمود مسلم، مدير تحرير جريدة الوطن وقتها، وقال لنا: «تفضلوا فى جريدة الوطن».

وبينما كنا جالسين مع الكاتب الصحفى محمود مسلم، والكاتب الصحفى مجدى الجلاد، جاءتنا اتصالات كثيرة جدًا من أرقام غير مسجلة لدينا، أو تحديدًا رقم أرضى غير مسجل لدينا، وكان تفسيرنا وقتها أنه ربما تكون قناة فضائية أو شيئًا من هذا القبيل، لكن اتضح لنا فيما بعد أن هذا الرقم كان للأمانة العامة للقوات المسلحة.

الأمانة العامة للقوات المسلحة تواصلت مع زكى القاضى، زميلنا الصحفى، والذى كان عضوًا فى حركة تمرد، وكان محررًا عسكريًا فى نفس الوقت، ومحمود مسلم ومجدى الجلاد وزكى القاضى كلهم شهود أحياء لهذه الواقعة، ويمكن الرجوع إليهم فى هذه الرواية. 

وعندما تواصلت الأمانة العامة للقوات المسلحة مع زكى القاضى، أخبروه بأن الأمانة تحاول التواصل معى ومع محمود بدر، وأبلغوه بأننا مطلوبان لأمر مهم، ثم تواصل معنا الأستاذ زكى القاضى، لكننا أيضًا لم نرد حينها، فأرسل لنا رسالة: «ردوا على التليفون ضرورى».

وحينما تواصلنا معه، أخبرنا بأن يرد كل منا على مكالمة مهمة ستصله خلال دقائق، ودعتنا الأمانة العامة لوزارة الدفاع إلى حضور اجتماع يوم ٣ يوليو مع القائد العام للقوات المسلحة فى ذلك الوقت الفريق أول عبدالفتاح السيسى.

وصلنا يوم ٣ يوليو إلى الاجتماع، وبدأ توافد الحضور، وكان آخر من دخل إلى الاجتماع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، والفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان فى ذلك الوقت.

بدأ القائد العام الاجتماع بتوجيه الشكر للجميع على الحضور، ثم قال إن هناك قرارًا يود مناقشته معنا، وإنه قرار مصيرى؛ لأنه يتعلق بمستقبل البلاد، واعتذر من جميع القيادات السياسية والدينية والعسكرية الموجودة، بشأن رغبة سيادته فى الاستماع إلى الشباب أولًا، وأعطانا الكلمة فى بداية الاجتماع.

بدأنا كلامنا بتوضيح أن الناس التى نزلت يوم ٣٠ يونيو وتحتشد الآن فى الشارع لها مطلب وحيد ومحدد، وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعزل جماعة الإخوان من الحكم، وليست هناك حلول وسط، فلن يرضى هذا الجمع من المواطنين بغير ذلك.. كانت هذه رؤيتنا.

تحدثنا عن رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتشكيل حكومة من الكفاءات واقتراح دستور جديد أو إجراء تعديلات دستورية واسعة، وكان هذا التصور المتماسك الذى قدمناه. 

التصور الذى قدمناه خلال الاجتماع الذى عقد يوم ٣ يوليو، مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، والمتمثل فى عرض مطلب المصريين فى ٣٠ يونيو بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعزل جماعة الإخوان عن الحكم، خضع للنقاش الذى استمر ٦ ساعات.

كانت هناك آراء كثيرة، وكان الطرح الأقرب للواقع هو ما طلبه المصريون فى الشوارع، بعزل الجماعة الإرهابية.

■ ما تعليقك على شهادة الدكتور محمد البرادعى بشأن حقيقة ما دار خلال اجتماع ما قبل بيان ٣ يوليو؟ 

- الدكتور البرادعى روى رواية لم تحدث، وأقول إن خارطة الطريق جرت مناقشتها فى منزله، فقد التقينا به فى إطار مقابلتنا لكل القوى السياسية، وكان موجودًا بصفته منسق جبهة الإنقاذ وجزءًا من المعادلة السياسية، فكان لا بد من مقابلته.

التقينا به وشرحنا خارطة الطريق بالكامل، وقلنا إنه لا بد من العزل الفورى لمحمد مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ودستور جديد وحكومة من الكفاءات، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة البلاد، وأن هذا الكلام لن يحدث إلا بأن تنحاز القوات المسلحة لإرادة المصريين، وبالتالى كان هذا موقفنا منذ اللحظة الأولى. 

يوم ٣ يوليو، كان الدكتور البرادعى يعلم جيدًا أن الإخوان ضمن المدعوين لحضور الاجتماع، وأنهم رفضوا الحضور، فقد تلقى الدكتور سعد الكتاتنى، دعوة، كرئيس لحزب الحرية والعدالة، وكان الكرسى الخاص به موجودًا.. والدكتور محمد البرادعى كان حاضرًا بنفسه.

كممثلين لحركة تمرد رفضنا حضور الإخوان، لكن البرادعى أقنعنا بأن نقبل بأن يتواصل اللواء محمد العصار مع سعد الكتاتنى، حتى يحضر الإخوان، بل وجرى التواصل أمامه شخصيًا، إذ كنت أجلس أنا وبجوارى الفريق العصار ثم الدكتور البرادعى، لكن سعد الكتاتنى رفض مرتين بعد إجراء اتصالين، وقال البرادعى حينها: «خلاص الإخوان هما اللى ما رضيوش»، ثم بعد ذلك حكى الدكتور البرادعى الرواية بشكل آخر.

الدكتور محمد البرادعى قال، بعد ذلك، إنه لم يكن يعلم أن محمد مرسى جرى احتجازه، وهذا الكلام غير صحيح، لأنه بعد تسجيل بيان ٣ يوليو، كان يعلم أن محمد مرسى أصبح رئيسًا معزولًا، وأن الشارع يطالب بمحاكمته، بل وأبعد من محاكمته، وبالتالى فإن البرادعى كان يعلم فى هذه اللحظة من يوم ٣ يوليو أن محمد مرسى محتجز.

أما عن رواية البرادعى عن فض رابعة، فقد كان البرادعى نائبًا للرئيس فى الشئون الخارجية، وكان حاضرًا اجتماعات مجلس الدفاع الوطنى، والتى ظهر بها أماكن تواجد السلاح داخل البؤرة المسلحة التى سميت «اعتصام رابعة»، بل أكثر من ذلك، إذ إن كاثرين أشتون، وهى مفوضة الاتحاد الأوروبى للسياسة الخارجية، جاءت زيارة إلى مصر والتقت بالدكتور البرادعى، ثم التقت بنا، وأخبرتنا بأن الدكتور البرادعى قال لها إنه مستعد أن يركب طائرة من طائرات القوات المسلحة ويمر فوق اعتصام رابعة ويبين لها أين يوجد السلاح.

راجعنا الدكتور البرادعى بعد ذلك، فقال لنا إنه بالفعل قال لها إنه يعلم أن هذا الاعتصام مسلح، لكنه بعد ذلك جاء وتحدث عن فض اعتصام سلمى بالقوة، وكأن البرادعى رجل بشخصيتين، إما أنه ينسى بسبب السن، أو أنه يتناسى لأسباب سياسية.

الحقيقة كانت واضحة، فكل التهديدات المتعلقة بالإرهاب تحققت، فلم يكن كلامًا يقال للتفزيع، وإنما كانت خطة ممنهجة، ودفعنا ثمنًا كبيرًا لمكافحة هذا الإرهاب على مدار سنين حتى الآن، والدليل على ذلك، اغتيال المستشار الشهيد هشام بركات، النائب العام، ومحاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، وتفجيرات مديريات أمن مثل القاهرة والدقهلية، ثم حوادث إرهابية كثيرة تستهدف كمائن الشرطة والجيش، كل ذلك كان خطة ممنهجة والإخوان هددوا بها، وقيل على ألسنتهم بمنتهى الوضوح: «إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف إذا توقف ما تفعلونه».. وكان ذلك على لسان محمد البلتاجى.

وعندما طالب وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، بتفويض لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل من الإخوان. لم يكن يقول ذلك لإرهاب الشعب أو تفزيعه أو تخويفه؛ لكنه كان يتكلم عما لديه من معلومات يقينية عن خطط ممنهجة تتم.

■ ما تفاصيل إجراء استفتاء حول بقاء محمد مرسى رئيسًا وعدم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟

- إن من طرح فكرة بعمل استفتاء على بقاء محمد مرسى رئيسًا، وألا يكون هناك قرار بانتخابات رئاسية مبكرة، هو الفريق أول عبدالفتاح السيسى، حيث كان هذا الخيار من ضمن عدد من الخيارات التى طرحت.

الفريق أول عبدالفتاح السيسى، خلال اجتماع ما قبل ٣ يوليو، كان يدير النقاش، ولم يُدلِ برأيه إلا فى نهاية الاجتماع، وكان يصر طول الوقت أن تكون القوى السياسية هى التى تناقش وتقرر، وهو ينحاز للرأى الذى يراه الشعب، كما أنه لم يكن يفرض رأيًا على أحد، وهذا ما كان واضحًا منذ بداية النقاش، إذ كان يتحدث فى الاجتماع كمدير للنقاش.

أكد لنا الفريق أول عبدالفتاح السيسى أن ما ستستقر عليه القوى السياسية ستنفذه القوات المسلحة، وأن القوات المسلحة دعت للاجتماع فى إطار مسئوليتها الوطنية للحفاظ على الوطن وليس للتدخل من قريب أو من بعيد.

طرح القائد العام على الحضور فكرة عمل استفتاء على بقاء محمد مرسى رئيسًا، ونحن قلنا إن هذه الفكرة مرفوضة، لعدة أسباب؛ أهمها أن الإخوان لن يرضوا باستفتاء، فقد قالوا صراحة: «دونها الرقاب».

وأوضحنا أن الإخوان يريدون الحكم وأن أى أحد يحاول الاقتراب من هذه السلطة سيقتلونه، كما أن الشعب المصرى يرى أن شرعية محمد مرسى قد انتهت، لذلك فإن إقناع الشعب باستفتاء سيقسم هذه الآراء بين مؤيد لإجراء الاستفتاء ومقاطع لإجراء الاستفتاء وبين التشكيك فى الوعد الذى قطعته القوات المسلحة أنها منحازة لإرادة الشعب المصرى، وأنها ترى مطالب الشعب مشروعة، ومطالب الشعب واضحة، وهى الإنهاء السلمى لحكم هذه الجماعة الإرهابية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. 

كما أن أى استفتاء ديمقراطى فى ذلك التوقيت سيكون ضد الإخوان، والشارع المصرى لم يكن حتى مستعدًا لهذه الفكرة، لكنه بالفعل عمل استفتاء بنزوله، وأكبر دليل على ذلك احتفالات المصريين بإعلان قرار ٣ يوليو، ما عدا هذه الجماعة التى حشدت من كل الجمهورية واحتشدت فى ميدان الشهيد هشام بركات، رابعة سابقًا.

■ لماذا التقى الأستاذ محمد حسنين هيكل قيادة تمرد؟

- طلب الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل مقابلة أعضاء حركة تمرد كى يعرف أهداف تلك الحركة وليطرح سؤالًا واضحًا وصريحًا علينا، هو: «لو الناس نزلت ومحمد مرسى قال مش هاتنازل عن الحكم.. هاتعملوا إيه؟»، وكان ردى آنذاك أن الجيش المصرى ليس عصا لضرب المواطنين، بل جيش حر ووطنى ويقف إلى جانب الشعب فى النهاية.