رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد رمضان.. الحرية الفنية والقمع الثقافى!

في النهاية نجح الفنان محمد رمضان نجاحًا باهرًا، كوّن قاعدته الجماهيرية العريضة، وهي قاعدة تشمل جميع الطبقات والأذواق، ولا تشمل الشعبيين دون غيرهم كقول المثقفين القمعيين، ولو كانت تشملهم وحدهم لأغنته بالمناسبة، لكنها بالفعل وسعت الجميع، وصفت المثقفين بالقمعيين لأنهم للأسف لا يتخيلون فنًا يجرح قوانينهم الخاصة، والواجب أن ينفتحوا أكثر، ويستوعبوا الأشكال الفنية الجديدة.

لا أرغمهم على الإيمان بها طبعًا، ولكنني أرى تشددهم بإزائها مخلًا بمعنى الفعل الثقافي ورحابته أصلًا، بل يدخل في باب الإقصاء، بالرغم من أن المثقفين، وخصوصًا المستنيرين منهم، يقفون مع قضايا خلافية كثيرة، لكنها القضايا التي توافق هواهم، فيما يبدو، لا التي ينبغي وقوفهم معها لاستحقاقها المناصرة!

ينتمي رمضان إلى محافظة قنا، قيل إنه مولود فيها (23 مايو 1988)، وقيل إنه مولود في الجيزة، وأصول أبيه المهاجر الصعيدي من هناك، له شقيق وشقيقة هو أصغرهما: محمود، إيمان. اهتم بالكرة في مرحلته الإعدادية، وفي الثانوية كان أكثر حرصًا على التعليم من الرياضة، كما بدأت موهبته التمثيلية تبزغ على المسرح المدرسي؛ هنالك شاهده من شاهده، وكتب عنه في الصحافة القومية، ونصحه بأن ينال شهادة فنية لاحقًا (الأمر الذي لم يتحقق) ولكن لم يكن ليحوز إشادة مبكرة بأدائه التمثيلي لولا تميزه بالطبع، تزوج صاحبنا مرتين وأنجب من زيجتيه ابنتين وابنًا: حنين، كنز، علي.

بدأ تمثيله الاحترافي في عام 2005 بدور صغير في مسرحية "قاعدين ليه"، وبمرور السنين أدرك "الرقم الأول" في البطولة والنجومية ولقبته جماهيره الغقيرة بـ"الأسطورة".. لا أنسى هنا احتضان العالمي عمر الشريف له، في فترة من الفترات، وإفادته إياه بخبرات من الفن والحياة ولمحات من الجمال الإنساني. أعماله اعتلت عرش المسرح والسينما والتليفزيون، آخرها مسلسله "جعفر العمدة" وفيلمه "هارلي" (موسم رمضان 2023 والعيد) وضمن ما يمارسه من الفنون، بمحبة كبرى وولع شديد، أنه يغني، لكنه يغني حرًا كطائر السماء، ولا يغني، حين يغني، وهو على الأرض، والمعنى أنه ينتقل بالغناء إلى طور متقدم يلائم روحه الوثابة؛ ولذلك يتخفف ويتبسط، وليس كظن المتربصين به يتصرف بنزق وطيش، مستغلًا فراغ العقول والقلوب، ثم يستفرد بالمكاسب الوافرة!

على كل حال دخل رمضان معارك جمة لا داعي لتكرارها فقد قتلها الإعلام إخبارًا وأجج الجدل حولها، والمهم أنه خرج منها برمتها سالمًا، وهو، على الأرجح، شخص لصيق بنفسه تمامًا، لا أتحدث عن الأنانية أو ما شابه، لكن أقصد ملازمة الذات ومعرفتها والبناء على تلك الملازمة والمعرفة، البناء العليم الذي يعزز التحرك الفعال حتى يرفع الهامة فخورًا بالإنجاز الشخصي، ولا أعتقد أنه يبالي بآراء تصفه بالهبوط والتفاهة، مهما فهم من الكلام تذمرًا، فالواقع يدعم خواطره وتصوراته، ونمطه المدهش صار حقيقة ثابتة!