رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نورا ناجي.. هُوِيَّة نقيَّة ونجوميَّتان

مع عقد تحويل رواية بنات الباشا للمبدعة نورا ناجي إلى فيلم سينمائي من إنتاج شركة العدل وإخراج محمد جمال العدل وسيناريو وحوار محمد هشام عبية؛ تكون الكاتبة الرائعة حققت نقلة جديدة مهمة من نقلاتها النوعية المتتابعة، بل قد يجدها متابعون نبهاء نقلتها الأهم حتى الساعة؛ لأن أوراق الأدب، بكل نضارتها، ميتة بالقياس إلى حيوية السينما!
نورا المولودة في طنطا بمحافظة الغربية (1987) والحاصلة على بكالريوس الفنون الجميلة قسم الديكور (2008) عملت بتخصصها إلى أن قررت التفرغ لأفكارها وتعابيرها، تزوجت، وسافرت مع زوجها إلى كوريا الجنوبية، أثمر زواجهما فاتيما، لكنها انفصلت وعادت بغاليتها، ربما ألقى الاغتراب المكاني والزماني عليها، حين كان، هموم ليال ضيقة وثقيلة، لكن عزيمة روحها كانت أقوى فعلا من ادلهمام الليالي. 
من روايتها بانا (2014 عن دار ليلى) إلى روايتها الأخيرة سنوات الجري في المكان (2023 عن دار الشروق) ومرورا بأعمال مدهشة جذابة: رواية الجدار (2016) رواية بنات الباشا التي بدأنا بها الكلام (2017) رواية أطياف كاميليا (2019) كتاب الكاتبات والوحدة (مقالات مجموعة 2020) كتاب مثل الأفلام الساذجة (مجموعة قصصية 2022) بالإضافة إلى ترجماتها البارعة لكتب اليافعين والأطفال، وآرائها الثرية، ورغبتها في التعلم بالرغم من امتلاء يدها؛ هكذا انتشر اسمها بتدرج طبيعي ناصع، وحازت جوائز متمناة، وترشحت لنوال الصدارة باستمرار، إلى أن وقفت بمحاذاة الأوائل..
عرفت نورا الراحل أحمد خالد توفيق، المنتمي إلى مدينتها، واحترمت سجاياه كما قلمه، وعرفت عمر طاهر وطارق إمام، نابغي جيلهما الواحد، أنست بصحبتيهما، وامتدحت شخصيتيهما الراقيتين وتجربتيهما الفريدتين، وإن لها، بجانب رجال النجاح الأدبي الباهر ممن أدركت معانيهم الباذخة، ونظرائهم النوادر، لصديقات مخلصات ذائعات الصيت جميلات الخصال مميزات الأقلام..
يهاجمها أجراء الزيف كثيرا، والأسباب مختلقة وبائسة، يريدون قتل ابتكارها ووداعتها.. والمهم أنها لا تذعن لهؤلاء المريبين، بل تصمد وتتقدم، مؤمنة بحرية
اختياراتها، وغالبا ما تركز على مشروعها المحدد أكثر، وتلبي دعوات ورش الكتابة لتدرب راغبي الإتقان على تنضيد الأفكار والسطور. يكون هذا الانشغال الإيجابي عن الصغائر عزاءها، والقانون، لا غيره، يكون ملجأها لو تفاقم الاعتداء..
الأخت وارفة الظلال نجمة أدب بامتياز، والآن تنضم إلى ألقابها نجومية السينما أيضا، والحقيقة أن كنهها البساطة والتواضع؛ فهي تحسن الاقتراب لا الابتعاد.. ويا لشدة اقترابها من صغيرتها، وأبويها الكبيرين، والكلب الذي يعيش في كنفها، فليست تبتعد عن عالمها الحميم، مهما عظمت استفادتها من وسطها الخاص لو أنها فضلت أنشطته الثقافية ذوات العوائد، وضمن أدوارها الكريمة التي تؤديها، باهتمام وأريحية، مساندة القريبين والبعيدين في أزماتهم.
أراها، باليقين، هوية نقية تتوخى خلاص النور وسلامته، أقصد خليط النور الإنساني والفني، وما انفكت تحاول تنجيته من ظلمات البغض والركاكة والادعاء!