رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهداء الجوع فى اليمن

آلاف الفقراء احتشدوا، مساء الأربعاء الماضى، فى إحدى مدارس العاصمة اليمنية صنعاء للحصول على مساعدات، تقدمها إحدى المؤسسات الخيرية. ولدى إطلاق أعيرة نارية كثيفة، بشكل مفاجئ، انفجر محول كهربائى، وتدافع هؤلاء لمغادرة المكان، فسقط منهم أكثر من مائتين، بين شهيد وجريح، لم يلتفت إليهم ما يوصف بـ«المجلس العربى»، الذى أسسته اليمنية توكل كرمان، وأصدر بيانًا، صباح الخميس، عبر فيه عن «تنديده الشديد باعتقال الأستاذ راشد الغنوشى»، رئيس «حركة النهضة» الإخوانية التونسية!.

صحف يمنية وصفت الحادث بـ«مذبحة الجوعى»، وأطلقت عليها صحف أخرى «مجزرة الجوع»، وتحت عنوان «حادث صنعاء» تناوله الموقع العربى لهيئة الإذاعة البريطانية، «بى بى سى»، فى أقل من ٦٠ كلمة. وبينما تداول آلاف اليمنيين مقاطع فيديو، على شبكات التواصل الاجتماعى تظهر كل تفاصيل المأساة، المذبحة أو المجزرة، ذكرت وكالة أنباء «سبأ» أن مهدى المشاط، رئيس المجلس السياسى، عزى أسر الضحايا، ووجه «بتشكيل لجنة من الداخلية والأمن والمخابرات والقضاء والنيابة للتحقيق فى حادثة التدافع»، مشددًا «على أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعرفة أسباب ما حدث وسرعة الرفع بذلك».

فى حسابه على «تويتر»، أكد معمر الإريانى، وزير الإعلام فى الحكومة اليمنية، أن هذا الحادث يتحمل مسئوليته مَن وصفهم بـ«القتلة المجرمين القادمين من كهوف صعدة، والذين أوصلوا الأوضاع لهذه النقطة المأساوية، وأحالوا حياة الملايين من اليمنيين إلى جحيم».. و«مَن نهب الخزينة العامة والاحتياطى النقدى والإيرادات العامة للدولة، وأوقف صرف مرتبات الموظفين منذ ٨ أعوام».. و«مَن نهب الغذاء من أفواه الجوعى، ومارس التضييق على منظمات الإغاثة العالمية، ومنع التجار وفاعلى الخير من توزيع الصدقات على المحتاجين، ونهب الزكاة، وأموال الأوقاف، وفرض الرسوم والجبايات غير القانونية تاركًا ملايين اليمنيين تحت مستوى خط الفقر، وبمعدلات هى الأعلى عالميًا فى البطالة والفقر والبؤس والمجاعة».

يعيش فى البلد الشقيق حوالى ٣٠ مليونًا، ٨٥٪ منهم، تحديدًا ٢٥.٥ مليون، باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وفى حاجة ماسة إلى المساعدات، بحسب تقارير المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة. كما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أن أكثر من ٢٣ مليون يمنى يواجهون الجوع أو المرض أو مخاطر أخرى. وهناك تقارير عديدة تؤكد أن حوالى ١٩ مليونًا سيواجهون انعدامًا حادًا فى الأمن الغذائى، خلال الستة الأشهر المقبلة، إضافة إلى ٢.٢ مليون طفل، قالت منظمة «إنقاذ الطفولة»، إنهم يعانون مستويات طارئة من سوء التغذية.

أيضًا، أشارت ثلاث منظمات أممية إلى أن أزمة الجوع الشديدة فى اليمن تتأرجح على حافة كارثة، مؤكدة أن أكثر من ١٧.٤ مليون شخص يحتاجون الآن إلى مساعدات غذائية، إضافة إلى ملايين آخرين يعانون مستويات طارئة من الجوع. وفى التقرير المشترك، قال برنامج الغذاء العالمى ومنظمة الأغذية والزراعة والـ«يونيسف» إن الوضع الإنسانى يستعد لأن يزداد سوءًا. كما ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فى بيان، أنها لا تتوقع أن يتحسن الوضع الإنسانى فى اليمن خلال سنة ٢٠٢٣ فى ظل غياب حل للنزاع القائم وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمناخية وتقلص التمويل الموجه للعمل الإنسانى والتنموى.

.. أخيرًا، ومن أمام مسجد «لين» بمدينة بوسطن الأمريكية، التقطت اليمنية توكل كرمان صورة لنفسها، صباح أمس الأول الجمعة، «قبل صلاة العيد»، ونشرتها فى حسابها على «فيسبوك» مع تعليق يقول: «اللهم احرسنى بعينك التى لا تنام وامنحنى من لدنك سلطانًا نصيرًا أقهر به كل صعب وأذل به كل جبار عنيد». ولعلك تعرف أن المذكورة، التى تلقت، عن دورها فى تخريب اليمن، مكافآت عديدة أبسطها «جائزة نوبل للسلام»، صارت تحمل العديد من الجنسيات، وتتنقل بين تركيا وقطر والولايات المتحدة، حيث تمتلك قناة تليفزيونية فى الأولى، ولديها فى الثانية استثمارات ضخمة، وتدير من الثالثة لجانًا إلكترونية، وما يوصف بـ«المجلس العربى»، ذلك الكيان الوهمى، الذى شاركها فى تأسيسه التونسى المنصف المرزوقى والمرتزق أيمن نور.