رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أساطير.. تسالى فى نهار العيد «5-5»

العيد.. عودة الربيع والحياة

 

يأتى عيد الفطر هذا العام متقاربًا مع قدوم عيد الربيع، حيث يقف العديد من الأساطير الشعبية والتاريخية خلف الاحتفالات بدخول فصل الربيع فى شتى بقاع الأرض.

تعود جذور احتفالات الربيع إلى حيث كان الإنسان يعيش على الزراعة، فكانت بداية فصل الربيع هى بداية الحياة له.

تقول الأسطورة فى بلاد الرافدين إن «تموز» تزوج «عشتار» وعاشا فى بيت الحياة، وككل حبيبين كانت تقع بينهما بعض المشاجرات، وبعد فترة رغبت عشتار فى إطلاق سراح الأموات وإعادتهم إلى عالم الأحياء، فقررت زيارة العالم السفلى الذى يسكن فيه الأموات، وهو العالم الذى تحكمه أختها الكبرى الإلهة «ارشكيجال» التى لا تحب أختها. 

وذهبت الإلهة عشتار مرتدية تاجًا وملابس وحليًا فاخرة إلى العالم السفلى الذى كانت له سبعة أبواب، حيث قام حارس الأبواب، وبناء على أوامر الأخت الكبرى، بتجريد عشتار من بعض ملابسها عند عبورها كل باب حتى وصلت إلى أختها وهى عارية، فأمرت الأخت سبعة آلهة يعملون لديها بقتل الإلهة عشتار فورًا، وبموت عشتار توقفت الحياة لتوقف التزاوج، وعندما سمع الإله انكى بمصير عشتار قرر الاستعانة بآصوشونامر، أجمل فتى على الإطلاق، وأمره بالذهاب إلى العالم السفلى والإيقاع بأخت الإلهة عشتار فى حبه إلى درجة الذهول، ويجعلها أن تقسم بعمل كل ما يريد، وبعد ذلك يطلب منها إعادة الإلهة عشتار إلى الحياة.

استشاطت الأخت غضبًا عند سماعها برغبته بإحياء عشتار، ولكن بعد فوات الأوان، لأنها أصبحت ملزمة بالتنفيذ، فأعادت عشتار إلى الحياة، ولكن بشرط وهو أن تعثر عشتار على من يحل محلها فى العالم السفلى، فخرجت عشتار مع سبعة من شياطين العالم السفلى لكى يأخذوا شخصًا بديلًا عنها، وأثناء البحث شاهدت زوجها تموز ولدهشتها لم يكن حزينًا لوفاتها، بل كان سعيدًا جالسًا على عرشها فغضبت وقالت للشياطين أن يأخذوه إلى العالم السفلى، فأخذت شقيقته «كتشن» فى الندب والصراخ عليه فى أرجاء المدينة، شعرت عشتار بتأنيب الضمير، فطلبت من أختها تسوية لإرضاء الجميع، فكان على تموز أن يقضى فى عالم الأموات ستة أشهر تبدأ بشهر تموز «يوليو» تموت أثناءها الزراعة والماشية وينتشر القحط، ويغادر بعدها ذلك العالم إلى عالم الأحياء، فتعود الزراعة والخير معه وتأخذ مكانه أخته للفترة نفسها، وبعد ستة أشهر يعود تموز إلى عالم الأموات، وهكذا.. 

اعتبر سكان وادى الرافدين نزول الإله تموز إلى العالم السفلى بمثابة وفاته وهى الفترة التى تنعدم فيها الأمطار وتنقطع الزراعة، أما خروجه من العالم السفلى بمثابة ميلاده، والموافق بداية شهر نيسان «أبريل» أو عيد الربيع. 

وفى الأساطير الإغريقية.. يقوم هاديس حاكم العالم السفلى باختطاف الجميلة بيرسيفونى ابنة الإلهة ديمتر، إلهة الطبيعة والنبات والفلاحة، فقد أعجبته حين رآها تلعب مع أترابها فى إحدى الحدائق. فخرج لها دون أن تدرى من الأرض وهو يركب عربته الذهبية فأخذت تصرخ، وتطلب الإنقاذ دون فائدة.

انفطر قلب الأم حزنًا على ابنتها وهامت على وجهها تبحث عنها فى كل مكان. فلما لم تجدها بين الآلهة، نزلت ديميتر إلى الأرض لتعيش بين البشر، راحت تمشى على الأرض حاملة شعلتها تسعة أيام دون طعام أو شراب، وبدت كعجوز شمطاء لا يكلمها أحد. وجلست تبكى ابنتها ومضت على الأرض سنة عجفاء لا زرع فيها ولا نماء وانتشرت المجاعة.

حاول الآلهة إرضاءها، لكنها رفضت هداياهم وأقسمت ألا تعود إلى جبل أوليمبوس وألا تنبت زرعًا حتى ترى ابنتها.

بعث زيوس إلى هاديس ليخلى سبيل بيرسيفونى. وأعلن هاديس عن أنه يمتثل لطلب كبير الآلهة بإعادة بيرسيفونى إلى أمها، ولكنه قبل أن يتركها أطعمها حبة من رمان تجعلها تعود إليه حتمًا. أخذ هيرميس بيرسيفونى وذهب بها إلى ديميتر التى فرحت بها كثيرًا واتفق الجميع على أن تقضى بيرسيفونى ثلث العام فى العالم السفلى مع هاديس ثم تعود للأرض فى الربيع، حيث تزدهر الأشجار وتثمر الحقول. 

فالعيد دائمًا هو بداية جديدة ومنحة ربانية للإنسان على الأرض. جعل الله كل أيامكم عيدًا.