رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نيكاراجوا تتمسك بسيادتها

حكومة نيكاراجوا، رفضت استقبال فرناندو بونز، سفير الاتحاد الأوروبى الجديد، الذى تم تعيينه بعد طرد بيتينا موشايت، السفيرة السابقة، فى سبتمبر الماضى. وأكد دينيس مونكادا، وزير خارجية أكبر دول أمريكا الوسطى، فى بيان، أن بلاده لن تستقبل سفير «هذه القوة المستعبِدة»، بكسر الباء، مستنكرًا «الوقاحة والعجرفة والتدخل فى الشئون الداخلية» التى تضمنها بيان أصدره الاتحاد، الثلاثاء الماضى، أدان فيه ما وصفه بـ«القمع المنهجى» الذى يتعرض له معارضو الرئيس دانيال أورتيجا.

الشىء نفسه، فعلته نيكاراجوا مع الولايات المتحدة، أواخر يوليو الماضى، حين قررت منع سفيرها الجديد، هوجو رودريجيز، من دخول البلاد، إثر «تصريحات تنم عن تدخل وعدم احترام للبلاد»، أدلى بها رودريجيز أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، قال فيها إن نيكاراجوا «تتحوّل بشكل متزايد إلى دولة منبوذة فى المنطقة». ومع ذلك، صادق المجلس، فى أكتوبر التالى، على تعيين رودريجيز فى المنصب، وبالتالى جدّدت نيكاراجوا رفضها له وأكدت أنها لن تسمح له بدخول البلاد تحت أى ظرف. 

مساحتها ١٣٠ ألف كيلومتر مربع، ويحدها من الشمال هندوراس، ومن الجنوب كوستاريكا، ومن الغرب المحيط الهادى، ومن الشرق بحر الكاريبى، وظلّت تحت الاحتلال الإسبانى منذ سنة ١٥٢٢ حتى استقلت فى ١٨٣٨، ثم تحت الاحتلال الأمريكى منذ سنة ١٩١٢ إلى ١٩٣٣، وفى بداية ثمانينيات القرن الماضى تدخلت فيها الولايات المتحدة عسكريًا ومخابراتيًا، لمساندة عصابات أو ميليشيات صنعتها، ووصفتها بـ«المعارضة المسلحة»، وقامت بتوجيهها وتدريبها وتسليحها وتحريضها وتشجيعها على القيام بعمليات إرهابية. 

فى سياق البرنامج التدريبى، قامت المخابرات المركزية الأمريكية بإعداد وتوزيع كتيب عنوانه «عمليات نفسية فى حرب العصابات» تضمن إرشادات بشأن استخدام الشائعات والتخويف والعنف، للحصول على الدعم الشعبى، وتبريرات للقيام بعمليات إرهابية ضد أهداف محددة، كالمحاكم وأقسام الشرطة، واغتيال القضاة، والضباط وبعض المسئولين بهدف التخويف. والطريف أن الرئيس الأسبق، رونالد ريجان، أقر فى مؤتمر صحفى بأن أحد موظفى المخابرات المركزية هو الذى قام بإعداد هذا الكتيب!.

الأكثر طرافة، أن محكمة العدل الدولية، التى لجأت لها نيكاراجوا، أدانت الولايات المتحدة، فى يونيو ١٩٨٦، لاستخدامها القوة العسكرية بشكل غير شرعى، وقيامها بتدريب وتسليح وإمداد وتمويل وتشجيع ودعم وإعانة عمليات عسكرية راح ضحيتها أكثر من ٧٥ ألفًا. كما أدانتها أيضًا عن تفجير الموانئ وتلغيم المياه الداخلية والإقليمية، وخرقها مبادئ القانون الإنسانى، وانتهاكها القانون الدولى، الذى ينص على عدم جواز التدخل فى شئون الدول الأخرى، و... و... وقضت المحكمة بتغريمها ١٢ مليار دولار، غير أن إدارة ريجان رفضت الحكم أو القرار وسحبت اعترافها بالمحكمة، كما لم تنفذ قرارًا لاحقًا أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تسديد الغرامة المالية، صدر بموافقة كل الدول الأعضاء باستثناء إسرائيل والسلفادور.

مع كل ذلك، لم تتوقف الولايات المتحدة عن التدخل فى شئون نيكاراجوا الداخلية، منذ ذلك الوقت، وصولًا إلى إعلانها، أمس الأول الخميس، فى بيان أصدرته خارجيتها، عن اتخاذها المزيد من الإجراءات، لمحاسبة مرتكبى ما وصفته بـ«الأعمال القمعية لنظام أورتيجا». وكالعادة، استعملت منظمات توصف بأنها حقوقية، كـ«منظمة العفو الدولية»، التى أدانت «الأساليب الجديدة لانتهاكات حقوق الإنسان التى تستخدمها حكومة نيكاراجوا». كما استعملت «الاتحاد الأوروبى»، الذى أبدى استعداده، لـ«دعم جميع الجهود للتوصل إلى حل ديمقراطى وسلمى وتفاوضى للأزمة السياسية الطويلة»، بحسب بيان الثلاثاء، الذى أشرنا إليه فى البداية.

.. أخيرًا، وخلال جولته فى أمريكا اللاتينية، زار سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، نيكاراجوا، الأربعاء الماضى، واستقبله الرئيس دانيال أورتيجا، الذى قال فى اليوم التالى، خلال كلمة ألقاها بمناسبة اليوم العالمى للسلام، إن روسيا تخوض حربًا من أجل السلام ضد «أوركسترا إرهابى دولى» من دول حلف شمال الأطلسى، الناتو، موضحًا أن الحلف، الذى تتحكم فيه الولايات المتحدة، يطارد روسيا ويطوقها بالكثير من القواعد العسكرية، ويدعم الفاشيين والنازيين، الذين قاموا بانقلاب فى أوكرانيا منذ ١٦ سنة.