رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح عبدالله: «أبونهرو» جديدة علىّ تمامًا.. و«سره الباتع» اسم على مسمى.. وأعمال «المتحدة» تدعم القوى الناعمة الدولية (حوار)

صلاح عبدالله
صلاح عبدالله

حجز الفنان القدير صلاح عبدالله، بموهبته وخبرته، مكانة خاصة فى قلوب المصريين والشعوب العربية، على مدار ٤٠ عامًا قدم خلالها أدوارًا تعد علامات فى تاريخ السينما والدراما التليفزيونية. صلاح عبدالله، صاحب قدرة فائقة على أداء الشخصيات المركبة، ولم يقع فى فخ التكرار، على الرغم من تقديمه أكثر من ٦٠ عملًا دراميًا، و١٠٠ فيلم سينمائى، إضافة إلى إبداعاته المتعددة فى المسرح، وقد واصل تألقه فى عمليه الجديدين المعروضين خلال الموسم الرمضانى الحالى، «سره الباتع» و«حضرة العمدة».

«الدستور» التقت الفنان القدير صلاح عبدالله، فى كواليس تصوير «حضرة العمدة» وأجرت معه حوارًا كشف خلاله عن الكثير من تفاصيل العمل، معرجًا كذلك على تجربته فى مسلسل «سره الباتع» مع المخرج خالد يوسف. وأشاد الفنان الكبير بالموسم الدرامى الرمضانى، وبالأعمال التى تنتجها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، مضيفًا أن الموسم هذا العام ثرى وملىء بالتنوع من حيث الأعمال الوطنية والاجتماعية والكوميدية والتاريخية، بشكل يحافظ على القوة الناعمة التى تتميز بها مصر.. وإلى نص الحوار:

■ بداية.. ما الذى جذبك لـ«حضرة العمدة»؟ 

- «حضرة العمدة» عمل درامى ضخم يحمل العديد من الرسائل والقضايا الاجتماعية والثقافية والإنسانية المهمة، وعندما عرض علىّ المنتج ريمون مقار المشاركة فى المسلسل، وجدت السيناريو محبوكًا ومكتوبًا بحرفية شديدة كعادة المؤلف والكاتب إبراهيم عيسى، فى تفجير القضايا المجتمعية المهمة ومناقشتها، وإيجاد حلول فعّالة لمواجهتها وحلها، وعلى الرغم من أننى فى البداية كنت متخوفًا بسبب ضيق الوقت، لارتباطى بتصوير مسلسل «سره الباتع»، لكن فى نفس التوقيت جذبتنى عناصر ومقومات فى «حضرة العمدة» جعلتنى أوافق وأتحمس كثيرًا لشخصية «أبونهرو».

■ كيف وجدت شخصية «أبونهرو»؟

- تمسكت بشخصية «أبونهرو» ووجدتها جديدة تمامًا علىّ، ولم أقدم مثلها على الإطلاق، على الرغم من تقديم الكثير من الشخصيات المتنوعة طوال مشوارى، ووجدت شخصية شيخ البلد الحكيم «أبونهرو» مختلفة، وبها تركيبة خاصة جدًا، هو رجل لديه أرشيف قرية تل شبورة بأكمله وشهادات ميلاد ووفيات أفراد العائلات، هو بئر أسرار وخبايا أهالى القرية بأكملها، كما أنها تحتوى على جزء «لايت كوميدى» ممزوج بالحكمة والإنسانية وبشكل مختلف.

والرجل يحاول مساعدة «صفية الفارس» عمدة تل شبورة، فى إصلاح جميع شئون القرية، والمسلسل يطرح فكرة أن تتولى المرأة مناصب قيادية، إذ تتولى «صفية» منصب العمدة، بشكل يخلق صراعًا بين أهالى القرية، حيث تواجه فى البداية بالرفض، إلا أنها تفعل ما ينبغى عليها فعله، لتبدأ فى كسب قلوب الأهالى شيئًا فشيئًا، وتكتشف أن صراعها الحقيقى مع الأفكار البالية والمغلوطة التى تحتل عقول الناس وليس مع الناس أنفسهم. 

■ بمناسبة المسلسل.. هل تؤيد فكرة تولى المرأة منصب العمدة؟

- بالتأكيد، والمرأة لا تقل فى أهميتها وقدراتها شيئًا عن الرجل، وأتذكر أننى رأيت فى إحدى القرى عام ٢٠٠٨، سيدة تتولى منصب العمدة، وهى «إيفا هابيل» وكانت أول امرأة تشغل المنصب عن قرية «كوم بوها» بمحافظة أسيوط بعدما كان حكرًا على الرجال، وفازت بالمنصب أمام ٦ رجال كانوا يتنافسون على العمودية فى ذلك الوقت، ونجحت فى تحقيق الكثير، الأمر قد يبدو غير مألوف أو مقبول لدى البعض، لكن ذلك لا يمنع من أنه متحقق على أرض الواقع، رغم أنه يثير الجدل لدى الكثيرين، وتوقعنا أن يثير العمل الجدل نظرًا لموضوعه الأساسى، ومؤلفه الكاتب إبراهيم عيسى الذى يثير اسمه وحده الجدل دائمًا، خاصة أنه يفجر قضايا نارية فى أعماله الدرامية وفى نفس التوقيت يطرح الكثير من الرسائل والقضايا.

■ ما أبرز القضايا التى لفتت انتباهك فور قراءة السيناريو؟

- المسلسل ينتمى إلى نوعية الدراما الاجتماعية المليئة بالإثارة والتشويق، ويناقش العديد من القضايا ليست الاجتماعية فقط، بل الإنسانية والاقتصادية والزراعية بشكل درامى وتراجيدى، وكنت متأكدًا من أنه سيكون أحد أهم وأضخم الأعمال الدرامية التى تعرض فى الموسم الرمضانى، وبالفعل حدث ذلك وتصدر المسلسل فى محركات البحث ومواقع التواصل، منذ الحلقات الأولى، بفضل القضايا التى يناقشها والتى تتعلق بالكثير من البيوت المصرية، وكذلك الموضوعات الاجتماعية التى يطرحها ومنها تمكين المرأة، وختان الإناث، والزواج المبكر، والتطرف الدينى، وتحديد النسل، وتطوير التعليم، والهجرة غير الشرعية، والابتزاز الإلكترونى، والذباب الإلكترونى.

■ كيف وجدت مناقشة قضايا المرأة بوجه عام خلال الموسم الرمضانى الحالى؟

- أنا فخور جدًا بهذا الموسم، وقضاياه وموضوعاته الثرية، خاصة التى تسلط الضوء على تحديات المرأة ودورها الفعال فى المجتمع، والجيل الجديد تحديدًا بحاجة إلى هذه الأعمال التى تؤكد قدرة المرأة على مواجهة التحديات، فالمرأة هى العمود الفقرى للحياة، وهذا يتواكب مع تفعيل استراتيجية تمكين المرأة فى المجتمع التى أوصى بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكى تصبح فاعلة رئيسية فى تحقيق التنمية المستدامة فى وطن يضمن لها جميع حقوقها التى كفلها الدستور، ويحقق لها حماية كاملة ويكفل لها كل الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تمكنها من الارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها، ومن ثم القيام بدورها فى إعلاء شأن الوطن.

كما أن لإطلاق استراتيجية تمكين المرأة المصرية أهدافًا كثيرة تتلخص فى مواجهة العنف ضد المرأة وامتهان كرامتها، ومواجهة توظيف بعض مُدعى التدين للنصوص الدينية بشكل مغلوط لتقليص مساهمة المرأة فى المجال العام وحصر دورها فى الحياة على الزواج والإنجاب فقط، كل هذا تتم مناقشته فى العديد من السيناريوهات الدرامية الرمضانية هذا العام.

■ ما انطباعك عن التعاون الأول مع المخرج عادل أديب وتكرار التعاون مع «فنون مصر»؟

- سعدت جدًا وشرفت بالتعاون الأول مع عادل أديب، وبهذه المناسبة دعينى أقل لك إنه كان متمسكًا جدًا بوجودى فى المسلسل وتجسيدى لشخصية شيخ البلد «أبو نهرو»، وأنا كنت أنتظر التعاون معه منذ زمن، لكن لم يحالفنا الحظ من قبل، والحمد لله قد تم الأمر، والعمل معه ممتع ومطمئن للغاية، خاصة أنه يمتلك قدرات فنية عالية ولديه وجهة نظر تسهم فى تطوير العمل الفنى بشكل كبير، ويعطى مساحة وفرصة للممثل لأن يبدع فى كل مشهد. أما بالنسبة للتعاون مع مجموعة «فنون مصر»، فأنا أشعر بأننى أعمل وسط أهلى ومع أبنائى ريمون مقار ومحمد محمود عبدالعزيز، وهذا التعاون الثالث الذى يجمعنا بعد «الطوفان» و«قيد عائلى»، ودائمًا أعمال الشركة تعيش مع الجمهور، لأنها تتناول قضايا اجتماعية واقعية بهدف إثراء وإنعاش السوق الدرامية، وهى بالتأكيد تنعكس على كل العاملين فى مجال الإعلام، والفضل كله لهذه النصوص الجيدة التى تليق بالأسرة المصرية.

■ تشارك أيضًا هذا العام فى ملحمة «سره الباتع».. ألم تتخوف من العمل الذى يسجل شهادة ميلاد خالد يوسف دراميًا؟

- إطلاقًا.. خالد يوسف فتح نفسى على «سره الباتع» وأنا كنت متأكدًا أن العمل سيمثل بصمة درامية تاريخية، فهو مخرج قيادى وبذل مجهودًا جبارًا فى السيناريو والحوار، وعلى مستوى التكنيك والإخراج، و«سره الباتع» اسم على مسمى حقيقى، هو عمل سره باتع، وتقديمه بهذه الصورة الاحترافية وتحقيق الموازنة بين كل هؤلاء النجوم والفنانين أمر ليس سهلًا على الإطلاق.

■ بماذا شعرت وأنت تقرأ السيناريو؟ 

- انبهرت بسيناريو «سره الباتع» وعبقرية خالد يوسف فى قصة الكاتب الكبير يوسف إدريس، أو كما أحب أن ألقبه بـ«تشيخوف العرب»، لعمل درامى، ووجدت ملحمة درامية ثرية وضخمة تعرض خلالها الأحداث فى عصرين مختلفين تمامًا، الأول الفترة من ٢٠١١ لـ ٢٠١٣، والثانية فترة الحملة الفرنسية عام ١٧٩٨، مع الربط بين الزمنين فى شكل درامى غير معتاد ومثير للغاية. وجدت نفسى أمام ملحمة درامية وطنية اجتماعية تاريخية، وفى نفس الوقت مباراة تمثيلية تجمع بين جيلين مختلفين، ويكفى أن هذا العمل الدرامى مأخوذ عن قصة يوسف إدريس، وهذه القصة تحديدًا هى تجسيد لمقاومة المصريين، وخلال قراءة السيناريو وجدت خالد يوسف قد نجح فى الربط التاريخى بين الحملة الفرنسية وثورة يناير، بأسلوب حداثى يعتمد على التداخل بين الزمنين، كل هذه النقاط جعلتنى أوافق على المشاركة فى تلك الملحمة الدرامية العظيمة، وسعدت كثيرًا وتحمست لتجسيد دور «الجد» الذى من خلاله نتعرف على قصة «السلطان حامد»، والشاب الذى يبحث عن سر مقام «السلطان حامد» الموجود فى إحدى قرى الريف المصرى.

■ معنى ذلك أنك تفضل الأعمال المأخوذة أو المقتبسة من روايات ونصوص أدبية؟ 

- بالتأكيد.. على الرغم من أن الأعمال المأخوذة من روايات تحتاج إلى تدقيق وتفحيص وتمحيص بشكل كبير، لأن أغلبها يتعرض لنقد دائم أو المقارنة بينه والرواية الأصلية، وإذا نظرتِ إلى أعظم وأرقى الأعمال السينمائية المصرية التى ساهمت فى ريادة السينما، ستجدين أغلبها وأنجحها مأخوذًا عن نصوص أدبية، وستظل محفورة فى الأرشيف السينمائى على مر الزمان، مثل أعمال العباقرة نجيب محفوظ، ويحيى حقى، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعى، ويحيى الطاهر عبدالله، وغيرهم الكثير من الكتاب العظماء؛ كما أنك فى بعض الأحيان تجدين الأفلام المأخوذة عن روايات عالمية، أفضل وأفخم من النصوص الأصلية للرواية، وهذا يتوقف على احترافية المعالجة الدرامية والرؤية الإبداعية للسيناريست.

■ .. حدثنا عن أجواء التعاون الأول مع المخرج خالد يوسف خلال فترة التحضير والتصوير؟

- خالد يوسف مبدع ونجم كبير فى منطقته الإخراجية، وأعتقد أنه وضع هذا العام بصمة مميزة، وخبرته فى عالم السيناريو لا تقل عن خبرته فى الإخراج، كما أن اختياراته الدقيقة جعلتنى أثق فى أننى سأشارك فى عمل متكامل.

وهو على المستوى الشخصى إنسان بمعنى الكلمة، يعشق عمله ويتفانى فيه، لا يكل ولا يمل فى مساعدة كل من حوله للخروج بالعمل فى أفضل صورة، والحقيقة أننى اندهشت من تحضيرات مخرج العمل، ومذاكرته، وتفانيه فى القضية الوطنية، فالعمل ملىء بالتفاصيل عن المقاومة والمعارك، كما يضم الكثير من المشاهد العاطفية، فتشعر أنك أمام عمل سينمائى طويل، وذلك صنع عملًا ضخمًا على مستوى الإخراج والسيناريو والحوار، ولم يكن هناك أى مشهد يمكن أن نعتبره سهلًا إخراجيًا، بل كل مشهد ظهر وكأنه فيلم، وكانت هناك مشاهد تم تصويرها على مدار عدة أيام. وتمت صناعة الديكورات والملابس والإكسسوار بتقنية عالمية، إضافة إلى وجود عدد كبير من الفنانين الذين يمتلكون موهبة فنية رائعة، وستجدين أعدادًا ضخمة من الكومبارس والمجاميع، تم تقسيمها لإظهار جيش نابليون، والمماليك والفلاحين، وهنا تظهر إمكانيات خالد يوسف، الذى برع وبذل كل الجهد فى السيطرة على هذه المجموعات بشكل رائع، لذا حقق المسلسل نجاحًا لافتًا وخطف أنظار المشاهدين والنقاد منذ انطلاق أولى الحلقات.

■ ما انطباعك عن المسلسلات المعروضة خلال الموسم؟

- حققت حالة إبداعية والموسم ملىء بالعبقريات الدرامية، ولفتت نظرى مسلسلات الـ١٥ حلقة هذا العام، ووجدت النص المشدود ولغة الدراما البعيدة عن المط، تلك المسلسلات مناسبة جدًا وتُقدم دون خلل، وهذا الأمر يحسب للصناع، وأشيد بجميع التجهيزات التى تضعها الشركة المتحدة، كما أن فتح باب الإنتاج المشترك بين «المتحدة» وشركات الإنتاج الأخرى، يساعد على تطوير الصناعة وتكثيف الأعمال المطروحة، هناك مثلًا مسلسل «الكتيبة ١٠١»، وهو ٢٠ حلقة.