رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«منهم من مات منتحرًا».. مبدعون عرب رحلوا قبل الأربعين

مبدعون رحلوا في سن
مبدعون رحلوا في سن مبكر

يحفل تاريخ الأدب العربي بكثير من النماذج التي قدّم فيها المبدعون أعمالًا مهمة وفارقة حظيت بالتقدير والإعجاب في سنوات قليلة من عمرهم، إذ رحلوا في سن مبكرة لم تتجاوز الأربعين ولم يمهلهم القدر ليكشفوا عن مواهبهم بصورة أكبر أو ليقدموا مزيدًا من الإبداع. 

 

يقدم كتاب "بين الموهبة والموت.. مبدعون عرب معاصرون رحلوا قبل الأربعين" للكاتب أحمد العلاونة، رصيدًا لعدد كبير من المبدعين من مختلف أنحاء العالم العربي الذين تركوا أعمالًا مهمة ولكنهم رحلوا في الأربعين من عمرهم أو أقل من ذلك. 

 

وعلى الرغم من أن بعضًا من الأسماء التي يذكرها الكتاب لن يخطئها قارئ إذ يحظون بشهرة واسعة في جميع الدول العربية ونالت أعمالهم من التقدير ما تستحق، فإن مبدعين آخرين ذكرهم الكتاب قد يتعرف عليهم القارئ للمرة الأولى أو يقرأ عن آثارهم بدهشة الاستكشاف. 

 

مبدعون مصريون   

ذكر الكتاب عددًا من المبدعين المصريين الذين وافتهم المنية في العشرين والثلاثين من عمرهم، واختلفت أسباب وفاتهم؛ فبعضهم جاءت وفاته قدرية بسبب مرض أو حادث أو غير ذلك، فيما أقدم آخرون على الانتحار للتخلص من حياته.

 

من هؤلاء المشاهير تأتي ملك حفني ناصف؛ باحثة البادية، فهي أديبة وشاعرة مصرية اهتمت بقضايا المرأة ونالت تشجيع المجددين مثل: أحمد لطفي السيد، وكتبت عنها مي زيادة كتابًا، كما رثاها شعراء كبار منهم حافظ إبراهيم وخليل مطران، كل ذلك الأثر استطاعت الكاتبة أن تتركه رغم رحيلها في عمر 32.

 

ومن المبدعين الذين أنهوا حياتهم بأنفسهم، يطلعنا الكتاب على سيرة الشاعر المصري أحمد العاصي الذي ولد في دمياط 1903 وماتت أمه وهو صغير، والتحق بمدرسة الطب في القاهرة لكنه مرض مرضًا نفسيًا فتحول إلى كلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج في قسم الفلسفة، لكنه عاش حزينًا متشائمًا فأغلق غرفته بالقاهرة وصب على نفسه مادة كاوية أنهت حياته. 

 

ومن الأعمال التي تركها العاصي ديوان شعري في جزءين، ورواية بعنوان "غادة لبنان". وقد رثاه الشاعر أحمد شوقي في قصيدة قال فيها: هذا شباب الشعر يلمح ماؤه/  من جدول العاصي ومن ديوانه. 

 

من المنتحرين أيضًا، يأتي الأديب والشاعر والمترجم المصري فخري أبوالسعود الذي كتب شعرًا رومانسيًا وفلسفيًا، لكن أعصابه انهارت بعد وفاة ابنه غرقًا وانقطاع أخبار زوجته فأقدم على الانتحار بإطلاق النار على رأسه من مسدسه. 

 

ومن الأسماء التي يذكرها الكتاب الشاعر والأديب المصري إسماعيل الحبروك، من مواليد البحيرة 1925، والذي تخرج في كلية الحقوق وعمل بالصحافة ورأس تحرير جريدة الجمهورية وحاز جائزة الدولة عن أحسن مجموعة أغانٍ وطنية وأحسن مقال صحفي، وسُمي شارع في القاهرة باسمه. 

 

ترك الحبروك رغم رحيله المبكر في عام 1961  رواية "الزوجة العذراء"، و"بقايا امرأة"، و"امرأة بلا مقابل"، والمجموعة القصصية "زوجة للبيع".  

 

أيضًا من الشعراء الذين نالوا تقدير كبار الشعراء نجد الشاعر المصري عبدالحليم المصري الذي رثاه حافظ إبراهيم بقصيدة قال فيها: لك الله قد أسرعت في السير قبلنا/ وأثرت يا مصري سكنى المقابر. قد كنت فينا يا فتي الشعر زهرة/ تفتح للأذهان قبل النواظر.

 

ويلفت الكتاب الانتباه إلى الشاعر المصري فؤاد بليبل الذي يقول عنه: "كان في طريقه للعبقرية لو فسح له الأجل"، ورثاه عدد من الشعراء والكتاب مثل علي محمود طه وأحمد حسن الزيات وأنطون الجميل. 

 

وكذلك الكاتب والمسرحي محمد تيمور الذي مات في عمر 29 عامًا ورثاه أحمد شوقي بقصيدة، والشاعر مصطفى والي الذي قدّم لديوانه "صدحات عصفور" الشاعر إبراهيم ناجي. 

 

ومن المبدعين الذين توفوا إثر حادثة، نجد الشاعر صالح الشرنوبي الذي نشر له 12 ديوانًا جمعت بعد وفاته في ديوان ضخم، ومات تحت عجلات قطار، وكذلك الكاتب والمترجم جاك تاجر الذي أثار الجدل بأعماله وعلى رأسها كتابه "أقباط ومسلمون" الذي رد عليه الشيخ الغزالي بكتاب "التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام". توفي تاجر إثر زلة قدمه من سلم قطار القاهرة ليسقط تحت عجلاته. 

 

مبدعون عرب

من الأسماء التي حظيت بشهرة كبيرة بسبب أعمالها المهمة رغم وفاتها المبكرة، نجد المفكر والشاعر التونسي الطاهر الحداد الذي مات في عمر 36، وله أعمال فكرية مهمة أثارت ضجة ومنها "امرأتنا في الشريعة والمجتمع".

 

وأيضًا، الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، اشتهرت أشعاره منذ شبابه المبكر وكان لها أثر في تحريك الروح الوطنية والثورة على المحتل، والذي توفي في عمر 35. وكذلك الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي الذي وافته المنية في عمر الخامسة والعشرين بسبب مرض القلب. 

 

وممن مات مرضًا في عمر 38، نجد الشاعر العراقي الشهير بدر شاكر السياب الذي مات بالسل في مستشفى بالكويت ودفن بالبصرة وكتب عن أعماله الكثير من الدراسات. أما الأديب الأردني تيسير السبول فقد مات منتحرًا بإطلاق النار على نفسه بعمان في أعقاب حرب أكتوبر 1973. 

 

ومن الأسماء التي يوردها الكتاب أيضًا رفيق سلوم وهو أديب وشاعر سوري من أعماله "حياة البلاد في علم الاقتصاد" و"حقوق الدول"، أعدم شنقًا في ساحة المرجة بدمشق 1916. 

 

أما الشاعر والقاص السوري زهير ميرزا صاحب كتاب "الفضيلة العربية"، و"صفحة من حياة قيس وليلي"، فقد مات بسقوط طائرة ركاب سورية.