رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنجي همام: السينما حاضرة بقوة في كتاباتي الأدبية

إنجي همام
إنجي همام

 

بورتريه للكاتبة والسينمائية “إنجي همام”

تعد رواية (في الليل على فراشي) هي العمل الثالثة للكاتبة إنجي همام بعد "موت الجدة مليكة"، و"بالقرب من الحياة"،فهى تواصل السرد اللاهث والمتقطر عن مألات الطبقة الوسطى في صراعاتها مع السياسات الفكرية والثقافية، نهلا من تلك الأماكن التي سكنت الروح قبل الجسد، في وسط القاهرة والتى دائماً ما تتجلى فيها سرديا وفنيي جمالى، بمزج التاريخي بالسياسي والمعيشي بحثاً عن تلك المصائر الشبحية متعددة الدلالات لشخوصها الساكنات ممالك الليل والأحلام، يخص العيش والعشق والألفة والأعمار الضائعة

الروائية التى حصلت على ليسانس الحقوق من جامعة حلوان ودبلوم النقد السينمائي من جامعة عين شمس، عملت بالصحافة السينمائية لأكثر من 15 عاما، وقامت بتأسيس المركز العربي للثقافة والفنون "سلافة" في 2009، عن تلك الرحلة السرمدية في ليل المدينة ومنتهى خلاص البطلة وتماهي فطوم وأديل وحسنة ورقية والخال أديب والمسيو حنا ومصر الكوزموبوليتانية، تحدثت للدستور.

صورة ل غلاف رواية" في الليل على فراشي" للكاتب إنجي همام.

_عن فطوم وآديل وغيرهن في كنف الألفة والفراق، كيف استفادت انجي همام من تلك الصداقات الواقعية بسردها الروائي" في الليل على فراشي"؟

فطوم وآديل وكثيرون ليسوا من وحي الواقع، شخصيات مخترعة، فهناك صداقات كثيرة لها ظلال في كتاباتي، أما في هذه الرواية فهناك كثير مخترع، الصداقات الحقيقية بـ " في الليل على فراشي" كانت لشوارع وبنايات المدينة، الشوارع الصغيرة المتخمة بالحكايات، تلك هي صداقاتي بالواقع التي نقلتها كما هي داخل العمل، الشخصية التي تصادق أرصفة المدينة ومَن فوقها.

بورتريه للكاتبة إنجي همام.

_ هناك كثير من الأمكنة الأثيرة في وسط المدينة الكوزموبوليتانية لم تزل في الذاكرة، فما هو الدافع لاستحضار تلك الأماكن تاريخيا وفنياً؟

تلك الأمكنة أصدقاء فعليون لروحي وعقلي، ثمة علاقات وطيدة قديمة انعقدت بين روحي وروحها منذ زمن، أشعر كوني مدينة لها بالكتابة عنها، كل من استفزني يوما للكتابة، جماد كان أم بشر، خلق آخر أيا ما كان جنسه ونوعه.

في أعمالك الروائية السابقة، هناك الولع بدفء الأسرة والعائلة، فهل للفقد الواقعي علاقة بتلك الخارطة الروائية ومساراتها؟

النفس البشرية شديدة التعقيد، كذلك الكتابة، لم أتبع ذلك عن قصد، لم تكن ثمة خطة واضحة داخلي للكتابة عن هذا الخط دائما، فأنا شخص محظوظ أسريا قياس على كثيرين، لستُ هذه البطلة أوتلك، حتى بالقياس على بطلاتي أحظى باستقرار أسري ربما يحسدني عليه البعض.

_ عن علاقتك بالتاريخ، هل روايتك الأخيرة تعتبر تأريخ لمدينة القاهرة التى كانت؟

كثيرون تداخلوا مع التاريخ، وما الكتابة سوى التاريخ الآخر، التاريخ من يوميات البسطاء، أوعنهم، لذا أرى ذلك طبيعيا وعاديا، لكن روايتي ليست عن القاهرة التي كانت، بل هي عن القاهرة اليوم، الموجودة المنسية، المنظورة غير المرئية، بشوارعها وشخوصها الأبطال الواقعيين.

_ ماهو مستقبل الكتابة الذاتية، هل هى نوع من الخلاص، أم نشوة السرد ووهجه؟

الطبقة الوسطى آخذة في التفسخ والتحلل منذ سنوات، ربما أحاول وغيري من دون وعي لملمة بعض شتاتها ولو بالفن وحده، قد تكون لمسة ترضية لا يملك سواها الفنان، بالطبع نشوة السرد تأخذنا وتحلق إلى حيث لا ندري، لكن ذلك في حد ذاته خلاص كبير.

_تكتبين النقد السينمائى بعد دراسة أكاديمية، فأين انت من الأنشطة المتعلقة بالسينما؟

تفرغتُ في السنوات الأخيرة لهذه الرواية، فكتاباتي الأدبية تستحوذ على وقتي، درستُ السينما وكتبتُ عنها وأعيش معها دون مبالغة، ربما ليس هناك الوقت الكافي حاليا للكتابات النقدية، لكن السينما حاضرة بقوة في كل كتاباتي الأدبية.

 

_ عن طقوس المشاهدة والقراءة والكتابة في رمضان، ماذا تتذكر إنجي همام من تلك الذكريات في الطفولة والصبا؟

صورة لغلاف رواية " بالقرب من الحياة للكاتبة إنجي همام.

أتذكر رمضان بمسلسل واحد أو إثنين، أسامة أنور عكاشة، يسري الجندي، محمد جلال، محمد جلال عبد القوي، أو محفوظ عبد الرحمن، ومن العِشاء للفجر قراءات كثيرة في مكتبة أبي الذهبية، الهلال وكتابي ومترجمات الأدب العالمي، المسرح والشعر والقصص، وكثير من الفلسفة والسياسة، كنتُ أعب طيلة الليل منها، كأنما سأصوم عنها في الصباح التالي مع الطعام والشراب.

_ عن المباغتة والحب والعشق والتوق “في الليل على فراشي”، هل تكتب انجي_ أحلامها في تلك الصبغ الصوفية التى تسعى للتوحد من خلال الصمت؟

 أترك نفسي للكتابة تماما، كأنما في حالة غياب عن الوعي، لا أعود منها سوى بعد الفروغ التام، أعود ويمكنني فعل الكثير، لكني أفضل ألا أفعل، أدع الأمر بطزاجة روحه وجموحها. 

_ كيف ترى الكاتبة مستقبل الفن والآدب؟

لا أحترف التفاؤل في مثل هذه الأمور، لكني أرى أن كل ما سيحدث جيد، بمعنى، أن التطاول وغسل المعنى سيحدث، لكنه لن يستمر إلى الأبد، ثمة يوم ستعود فيه الأشياء إلى حقيقتها، سنسترد الروح مهما طال الأمد.

_ في السنوات العشر الأخيرة، كيف تبلور إنجي همام رؤيتها لأشكال وفن الأسماء القريبة لذاتها روائياً؟

أجمل ما في تلك السنوات سقوطكثير من القيود، وانفتاح الكتابة الأدبية على ما يشبه اللاحدود، تلاشي الأنماط الجامدة، المحددات المجحفة لروح السرد، منح الكتابة أدوات تحليقها البعيد، تداخل الأشكال والأنواع والأنماط، التواسط داخل الفنون لا سيما السينما، بات موجودا وبجلاء في كتابات الكثيرين، مما خلق مناخا مثيرا للتوقف أمامه، هناك ما يزعج أو يقلق بخصوص الهوية، لكن في هوية الكتابة نفسها، هناك ما يدعو للأمل.