رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأزمة الأوكرانية.. فاتت سنة!

اليوم، الجمعة، ٢٤ فبراير، تمرّ سنة، بالتمام والكمال، على بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، التى أرهقت غالبية دول العالم وغيّرت أولوياتها وتحالفاتها. ومن المفترض أن تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد صوتت مساء أمس، الخميس، بأغلبية كبيرة، على مشروع قرار جديد، يؤكد «الحاجة إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم فى أسرع وقت ممكن»، ويدعو من جديد إلى «التمسك بوحدة وسلامة الأراضى الأوكرانية»، ويطالب روسيا بـ«وقف الأعمال العدائية»، والانسحاب الفورى!.

أربعة قرارات، تتعلق بالأزمة الأوكرانية، صوتت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال السنة الماضية. ثلاثة منها نالت تأييد حوالى ١٤٠ دولة ورفضتها ٥ دول وامتنعت ٤٠ دولة تقريبًا عن التصويت. بينما لم يؤيد القرار الرابع، الخاص بتعليق عضوية روسيا فى مجلس حقوق الإنسان، غير ٩٣ صوتًا، مقابل رفض ٢٤ وامتناع ٥٨. وبينما افتتح الأمين العام للأمم المتحدة، جلسات النقاش حول مشروع القرار الجديد، بالتحذير من العواقب المحتملة لـ«اتساع رقعة الصراع»، اتهم فاسيلى نيبينزيا، مندوب روسيا لدى المنظمة الدولية، دول الغرب، بأنها تريد تدمير بلاده بأى طريقة ممكنة، وأنها فى سبيل تحقق ذلك، ولـ«الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها»، يمكن أن تضحى بأوكرانيا وتغرق العالم كله فى الحرب.

المعنى نفسه، تقريبًا، قاله الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى خطاب، ألقاه الثلاثاء، أمام الجمعية الفيدرالية، استمر لمدة ساعة و٤٥ دقيقة، وخصص الجزء الأكبر منه لاتهام الغرب بأنه تسبب فى الأزمة وأجج الصراع بهدف «إنهاء روسيا»، قبل أن يؤكد أن هزيمة بلاده مستحيلة، وأنه سيتم التعامل بالشكل المناسب حال تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية، مشددًا على أن غالبية الشعب الروسى «متعدد الأعراق والأطياف»، يدعم العملية العسكرية الخاصة، داخل أراضيه التاريخية.

بالتزامن، اتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بالتخطيط لغزو إقليم ترانسنيستريا، المنفصل عن مولدوفا، بعد أن قالت الرئيسة المولدوفية، مايا ساندو، إنها حصلت على معلومات من أوكرانيا بشأن مخطط روسى لـ«الانقلاب على السلطة وتغيير النظام الدستورى»، بالشراكة مع قوى المعارضة!.

لو صح هذا الاتهام، أو حال حدوث هذه الخطوة، فإن نطاق المعارك سيمتد إلى حدود أوروبا الشرقية، ما قد يقود إلى مشاركة أطراف من حلف شمال الأطلسى، بشكل مباشر فى العمليات القتالية. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن روسيا أجرت تجربة على صاروخ «الشيطان ٢» العابر القارات والقادر على حمل عدة رءوس نووية، يومى الإثنين والثلاثاء، أى خلال انشغال العالم بزيارة الرئيس الأمريكى لأوكرانيا، وخطابه فى بولندا، وكذا بخطاب بوتين، الذى أعلن فيه عن تعليق مشاركة بلاده فى آخر معاهدة نووية مع الولايات المتحدة.

فى خطوة أخرى، تنذر بتصعيد محتمل للأزمة، لتصبح بين روسيا والصين من جهة وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسى، الذى تقوده الولايات المتحدة، من جهة أخرى، اتهمت واشنطن بكين بأنها تعتزم مد روسيا بالأسلحة. وفى المقابل، قال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الصينية، إن «الولايات المتحدة، هى من تضخ السلاح باستمرار داخل ميدان القتال.. ولا يجوز لها إصدار أى أوامر للصين». كما نقلت وكالة أنباء «تاس» الروسية عن وانج يى، رئيس لجنة الشئون الخارجية بالحزب الشيوعى الصينى الحاكم، الذى زار روسيا، أمس الأول الأربعاء، والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، وسيرجى لافروف، وزير الخارجية، أن الصين لن تتخلى عن موقفها «الموضوعى والحيادى»، أو عن لعب «دور بناء فى التسوية السياسية للأزمة»، مؤكدًا أن العلاقات الصينية الروسية ليست موجهة ضد أى دولة أخرى، ولن تخضع لضغوط أطراف ثالثة.

.. أخيرًا، وسواء اتسعت رقعة المعارك، أو ضاقت، نرى أن الصراع سيصل، عاجلًا أو آجلًا، إلى موائد التفاوض، وستتحول المواجهات المسلحة، والاقتصادية، إلى اشتباكات سياسية، ودبلوماسية، تنتهى بتحقيق مصالح الأطراف الرئيسية، أو الحقيقية، فى الأزمة: روسيا والصين و... الولايات المتحدة.