رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل عام وعادل إمام بألف خير

لم تكن الكلمة التي ألقاها الفنان الكبير عادل إمام في حضور المشير عبدالفتاح السيسي المرشح للرئاسة مجرد كلمة انتخابية أو كلمة للدفاع عن الفن والفنانين، بل أراها مرافعة تاريخية منضبطة عن الشعب المصري وعن تاريخ مصر.
كان ذلك بعد نجاحنا جميعا في اجتياز سنة حكم الإخوان السوداء وبعد انتصارنا في ثورة 30 يونيو التي أعادت مصر إلى التواجد بثقلها المعهود على الخارطة العالمية، أصدر الجيش بيانه في 3 يوليو وتعطل الدستور وجاء الحكيم عدلي منصور رئيسا لمدة عام، وبعدها كان لا بد من انتخابات رئاسية تقدم لها المرشح الأوفر حظا المشير عبدالفتاح السيسي.
وفي التحضير لذلك كان لقاؤه مع الفنانين من مختلف الأجيال ومن مختلف المنابع الفكرية، في هذا اللقاء تكلم كثيرون من الفنانين وتكلم الزعيم عادل إمام أيضا وكانت كلمته هى الأوضح والأشمل.. الكلمة لمن يريد متابعتها صوتًا وصورة متوفرة على اليوتيوب حتى يتأكد أن الجمال أساسه الوعي والثقافة والرؤية السليمة والوطنية الصادقة، كل تلك المفردات تجلت بوضوح في كلمة النجم الأكثر حضورًا في حياتنا عادل إمام.
وبالرغم من أن مضمون كلمة إمام تتوافق تمامًا مع ما قدمه في مشواره الفني المنحاز لمصر المدنية ضد خفافيش الظلام وضد الإرهاب المتأسلم، إلا أنه في هذه المرة كان يقدم عريضة وافية الأركان لمن يريد معرفة مصر وشعبها ودينها وفنها.. يؤكد إمام أن نجاح الأوبرا المصرية لا يتناقض مع رؤية الإسلام السمح، وأن الشعب المصري الذي التهم كل الغزاة مازال قادرا على تقديم المعجزات وكانت معجزته الأخيرة هي نفض التراب الإخواني من على وجه مصر وتقديم وجها لائقا ومناسبا للمرحلة اسمه عبدالفتاح السيسي.
عندما يتكلم عادل إمام بكل هذا الوضوح وهذه الشجاعة فلا بد لهذه الكلمة أن تعيش طويلا موازية لإبداعه الغزير والمتنوع في السينما والمسرح والتليفزيون.
الآن ومصر كلها تحتفل بعيد ميلاده وتفتح الجرائد صفحاتها في ملفات تحتفي برحلة المصري الأصيل عادل إمام، من حقنا أن نفرح لأننا من سعداء الحظ الذين عاشوا وعاصروا زمن عادل إمام، الفنان الذي صار مؤسسة إبداعية متكاملة، ليس هذا فقط ولكنه صار سفيرا حقيقيا لمصر في كل عواصم العالم دون أوراق اعتماد من وزارة الخارجية.
إن عناصر القوة الناعمة التي وهبها الله لعادل إمام قد فتحت لنا في قلوب الأشقاء العرب شوارع وميادين ومحبة، ما من عاصمة عربية زرتها حتى يسألني الباعة في الأسواق عن الزعيم ويسألون أيضا بذات الشغف عن الأهلي والزمالك، هذه الأسئلة كانت تجعلنا نمشي في الشوارع واثقين من خطانا، سعداء بمن ننتسب إليهم في شجرة الفن والإبداع.
ظاهرة عادل إمام النجم الأكثر وضوحا في حياتنا لم تتأسس من فراغ، بل جاءت لتؤكد  قيمة الدأب والإصرار والتراكم والوعي المستند على الموهبة الجادة والعميقة المتشبعة بالثقافة ووضوح البوصلة، لذلك رأينا عادل إمام على مدار تاريخه يعرف جيدا هو مع من؟ ضد من؟ وهنا تصبح الإشارة إلى مواجهته الجادة للإرهاب مجرد تحصيل حاصل، لأن المنطقي هو أن مصر المحروسة لا يمكن لها أن تعيش في دهاليز الانغلاق والتطرف.
عادل إمام متعه الله بالصحة وموفور العافية يعرف جيدا أن البلاد التي خرج منها فجر الضمير والتي عاشت في نور الحضارة والعلم والتقدم والابتكار لا يمكن لها أبدًا أن تقبل بأن يقتل الإنسان أخاه الإنسان بسبب اختلاف الدين أو اللون.
بلدنا المتسامحة أنجبت عادل إمام حتى يؤكد لنا أن مصر هبة المصريين. . هذا بالضبط ما قاله الزعيم في محفل انتخابي يستعد لتقديم رئيس للجمهورية الجديدة .. 
كل عام ومصرنا وعادل إمامنا بألف خير.