رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المصرعودى" العظيم!

بسبب متعجلين، لا يعرفون كيف يعبرون عما في دواخلهم سوى بالسير في طريق الإساءة، ومتعجلين من الجهة الثانية يردون الإساءة بمثلها وربما أكبر منها؛ قد يجري توتر بين بلدين قائدين ملتئمين، يرفعان راية واحدة على الدوام، بلدين لا ينفصمان في الظواهر ولا الأعماق، كمصر والسعودية، ولقد توحد البلدان منذ الأزل فخلقا مواطنهما الواحد العظيم. "المصرعودي".. لا أقول ما أقوله الآن توهما أو تلطيفًا لأجواء تبدو محتقنة، لكنها الحقيقة التي لا تغيرها أقلام المتعجلين، ولا حتى المتهورين، ولا الفتن التي يريد صناعتها صناع فتن محترفون، في الداخل العربي وفي الخارج الأجنبي المليئ بالتدبير الخبيث!
مصر تعني الحضارة القديمة الأصيلة، أُم حضارات الدنيا بأسرها، وتعني النيل الذي لا مثيل له باليقين لا الظن، وتعني تاريخًا لا يتكرر في العالم كله، تاريخًا فنيًا وأدبيًا وعلميًا وعسكريًا ورياضيًا، وقولوا ما شئتم لأنها البلد الذي ينقلب فيه وجه السائح من التكذيب إلى التصديق، تكذيب ما يشاع من الأباطيل وتصديق الواقع المدهش الآسر، ومن قرار العودة إلى المكوث وهدوء التأمل.. 
والسعودية تعني المقامات الكبرى الشريفة، تعني القلوب التي تحن من كل الدنيا إلى مكان واحد، وتعني الغنى المادي والمعنوي الراسخين الكريمين، وتعني الحكمة والرشاد، في أبهى أشكالهما، وتعني القدرة على التغير في اللحظة المناسبة وبالصورة المناسبة.. من اجتماع المحبة الصادقة الصافية، جرى خلق الشخصية الجديدة التي ذكرناها آنفًا، واشتققنا اسمها من اسمي البلدين الشاهقين..
عندما يتحدث مصري عن السعودية، أو الخليج العربي عمومًا، فإنه يجب أن يكون واعيًا وراقيًا ومستوعبًا لإنسانية المناطق المحددة للحديث وتاريخها، وعندما يفيض سعودي أو خليجي في حديث عن مصر فيجب أن يكون كذلك بالضبط، والذين سوى هاتين الحالتين، بالأخلاق المذكورة المتمناة، هم الذين لا يقدرون خطورة الشروخ التي يصنعها الكلام الحماسي المندفع منعدم الكياسة، بل هم الأدعياء وهم العالة على مصر والسعودية والخليج، لدي مزيد لكنني لا أحب الزيادة! 
أكاد أن أقول إن "المصرعودي" الذي اخترعت أنا اسمه هنا، وأحتفظ لنفسي بملكية الاختراع طبعا، هو أمل جديد، علينا أن نحرص على وجوده ونتبنى فكرته بالكلية؛ فالتكامل الحميم بين وزنين ثقيلين راجحين، بحيث يمتزجان فتمتزج خصائصهما المميزة، قوة ما بعدها قوة ومهابة ما بعدها مهابة.. ولعمري إن العالم الذي يتربص بنا ويتمنى لنا الشر، لا أظنه يجدي معه غير هذا الامتزاج الذي يجعل الآخرين كلهم في رعب من أن ينفردوا بنا ويبغوا علينا..
لم يحدث شيء في النهاية، فالكيانات الكبيرة أعلى من أخطاء أفرادها مهما تكن، ومما خطته الأيدي المتعجلة المتهورة، وما أرادته الفتن، وسنرى في الفترة القريبة القادمة تلاقيًا فوق العادة وتعاونًا فوق الوصف، وسنرى بروزًا لاسم الزهرة العطرية التي تمثل حديقتين!.