رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين التحالف والتنسيق.. كواليس زيارة الرئيس الصيني المرتقبة لروسيا

الدكتورة نادية حلمى
الدكتورة نادية حلمى

أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن زيارة الرئيس الصيني شى جين بينج المرتقبة إلى موسكو، ستصبح الحدث المركزي في العلاقات بين البلدين خلال 2023.

وفى هذا السياق، قالت الدكتورة نادية حلمى، الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بنى سويف، إنه سيتم تنظيم زيارة الرئيس الصينى شى جين بينغ، لدولة روسيا، والتى تجرى على الأرجح بعد انتهاء جلسات البرلمان الصيني، التي تقام بشكل تقليدي سنويًا في أوائل الربيع من كل عام.

وأضاف “حلمى” فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن العلاقات بين روسيا والصين، والتى يصفها الجانبان بأنها شراكة بلا حدود، اكتسبت أهمية كبيرة بعد انطلاق العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا فى 24 فبراير الماضى، وبينما فرضت الدول الغربية عقوبات غير مسبوقة على روسيا، أحجمت الصين عن إدانة حملة موسكو العسكرية واكتفت بالتشديد على الحاجة للسلام وزادت صادرات الطاقة الروسية إلى الصين بشكل كبير منذ اندلاع الحرب، وأصبحت موسكو أكبر مورد منفرد للنفط إلى الصين.

وأشارت “حلمى” إلى أن بكين تلتزم حتى الآن، بالحذر فى عدم تقديم دعم مباشر قد يجعلها عرضة لفرض عقوبات غربية عليها بشأن حرب روسيا ضد أوكرانيا، وفى قمة عقدت فى سبتمبر 2021 فى دولة أوزبكستان، أقر بوتين بمخاوف نظيره الصيني بشأن الوضع فى أوكرانيا.

وأوضحت الخبيرة في الشأن الروسي، أن زيارة الرئيس الصيني لروسيا تمثل تأكيداً على تضامن بكين مع روسيا مع استمرار حملتها العسكرية فى أوكرانيا، وتظهر تلك الزيارة للعالم مدى تقارب العلاقات الروسية الصينية بشكل وطيد.

وتابعت: “فى مكالمة فيديو سابقة أجريت عبر رابط فيديو بين الرئيسين، أكدا على أن الطريق إلى محادثات السلام بشأن أوكرانيا لن يكون سهلاً، وأن الصين ستواصل التمسك بموقفها الموضوعي والعادل بشأن تلك القضية”، وفقاً لما نقله تلفزيون الصين المركزي فى بكين.

وأشارت “حلمى” إلى أنه من المتوقع زيادة إمدادات الغاز الروسي إلى الصين بعد تلك الزيارة وهو ما أكده الرئيس الروسي  بأن التعاون الروسي الصيني يزداد كعامل استقرار على الساحة الدولية. 

وأوضحت أن زيارة الرئيس الصيني لروسيا، ستكون بمثابة إعلان مشترك عن الشراكة "بلا حدود"، والتي تم إعلانها بين الطرفين خلال قمة فبراير 2022، وقت استضافة بكين لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية، حيث سعى كلاهما إلى تحدى نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، والضغط من أجل عالم متعدد الأقطاب.

وتابعت: "هنا تقدم موسكو وبكين نفسيهما كثقل جيوسياسى موازن للولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الآخرين كما أجرت موسكو وبكين عدة مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة فى مناطق نفوذهما القريبة، بما فى ذلك مناورات بحرية فى بحر الصين الشرقى لرسالة تحذير لأمريكا وحلفاؤها حول مضيق تايوان".

الصين تحاول الاستفادة من إمدادات الغاز الروسية 

ولفتت “حلمى” إلى أن الصين ستحاول خلال تلك الزيارة على زيادة الاستفادة من الإمدادات الروسية من الغاز للاقتصاد الصيني، باعتبار بكين هى المستهلك الرئيسي للمحروقات، فى الوقت الذى يحاول فيه الأوروبيون التخلص من اعتمادهم على الطاقة الروسية.

وأضافت أن زيارة الرئيس الصينى لموسكو، تعكس رفض بكين لإدانة الحرب الروسية فى مواجهة أوكرانيا علناً، مع اتهام الصين للولايات المتحدة بدلاً من ذلك، باستفزاز روسيا من خلال الضغط لتوسيع منظمة حلف شمال الأطلسى "الناتو" للاتجاه شرقاً نحو مناطق النفوذ الصيني الروسي المباشر. 

وأكملت الخبيرة في الشأن الروسي، أنه مع عدم وجود مؤشرات تذكر على قرب انتهاء الصراع فى أوكرانيا فى الوقت الحالى، اتخذ الرئيس الصيني خطوات للنأي بنفسه عن نظيره الروسي، ومنها توقيع الصين على بيان خلال قمة مجموعة الـ 20، فى شهر نوفمبر الماضى، وأكدت الصين مع الدول الأخرى الأعضاء فيها، على إدانتهم بشدة للحرب الدائرة فى أوكرانيا.

كما ساعدت القمة بين الرئيس شى جين بينغ ونظيره الرئيس الأمريكى جو بايدن، على هامش إجتماعات مجموعة العشرين، في تخفيف حدة التوترات بين أكبر قوتين فى العالم، حيث قام الزعيمان بشكل مشترك بتحذير الكرملين فى روسيا، بسبب تصريح روسى، حول قرب إندلاع حرب نووية ضد أوكرانيا.

وأضافت حلمى أنه خلال زيارة الرئيس الصينى لروسيا، سيتم التأكيد على استعداد الصين لمواصلة تقديم الدعم المتبادل لروسيا فى القضايا المتعلقة بمصالحهم الجوهرية، مثل قضايا السيادة والأمن، وتكثيف التنسيق الإستراتيجى بين البلدين، وتعزيز الإتصال والتنسيق فى المنظمات الدولية والإقليمية الرئيسية المشتركين فى عضويتها، مثل الأمم المتحدة، مجموعة بريكس، منظمة شنغهاي للتعاون".

ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يدعو الرئيس الصينى خلال الزيارة جميع أطراف النزاع بين روسيا وأوكرانيا إلى إيجاد حل سلمى، مع استعداد القيادة الصينية للعب دور بناء فى هذه العملية، وبينما دعت الحكومة الصينية فى وقت سابق إلى تبنى السلام بين روسيا وأوكرانيا، أكدت فى ذات الوقت على تفهمها لمخاوف روسيا الأمنية، وإدانة توريد الأسلحة من الغرب إلى العاصمة "كييف".

الموقف الأمريكي من الزيارة الصينية 

وحول الموقف الأمريكى، قالت “حلمى” إن أول تعقيب أمريكى على حدث زيارة الرئيس الصينى لروسيا، عبر المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية، فى بيان له، عبر عن قلق واشنطن بشأن تحالف الصين مع روسيا، فى ظل مواصلة موسكو غزوها الوحشى وغير القانونى لأوكرانيا، وفقاً للتصريحات الرسمية الأمريكية.

وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الصين من عواقب تقديم أى مساعدة عسكرية لروسيا فى حربها ضد أوكرانيا أو مساعدتها على التهرب من العقوبات المفروضة دولياً عليها.