رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرار القمة العربية بتشكيل قوات حفظ سلام فى غزة.. هل هذا فى مصلحة مصر؟

في ختام أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها العادية الـ33 التي استضافتها، المنامة بمملكة البحرين، دعا إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين، الذي يخوض معركة أخرى في الأروقة الدولية.

قرار براق في ظاهرة.. هل / كيف يمكن تنفيذه؟

يبدو الحل الذي أتت به قمة المنامة براقًا في ظاهره، لكن الأمر الواقع يقول إنه من غير المرجح أن يتم نشر قوات حماية/ حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة؛ لأن إرسال تلك القوات إلى أي منطقة صراع يتطلب أولًا موافقة مجلس الأمن، وهو ما سيواجه بعراقيل الفيتو الأمريكي. لا سيما بعد تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، إن جلب "قوات أمنية إضافية" قد يضر بالحملة الإسرائيلية لتفكيك حماس! على صعيد آخر، فإن قوات الأمم المتحدة، يتم تشكيلها عادة من القوات المسلحة لدول متعددة، لا تدخل مناطق القتال ولا تشارك في القتال، لكن من أي جنسيات بالتحديد؟ ومن يقودها؟ وماذا لو تعرضت لأي هجوم في ظل عدم احترام القانون الدولي الإنساني القائم من إسرائيل؟! كلها تفاصيل تسترعي الانتباه.

والأهم أنه سيتعين على كل من إسرائيل وحماس أيضًا الموافقة على وجود قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة على الأرض. ربما توافق حماس لأسباب عسكرية وسياسية، في حين ستميل إسرائيل للمقترح في حالة أزيح نتنياهو من السلطة، لا سيما بعد المشاكل العلنية بينه وبين وزير دفاعه "يوآف غالانت"، لكن هناك رفضا من نتنياهو لوجود الأمم المتحدة منذ بداية الحرب، وتشكيك دائم في مصداقيتها وحياديتها، ومعاداة واضحة لأمينها العام، ويظهر ذلك بوضوح في التضارب في التصريحات الأمريكية الخاصة باليوم الأول ما بعد الحرب!

قوات أممية على حدود مصر.. هل ستساعد مصر؟

أما عن الموقف المصري، فموافقة مصر على إعلان المنامة يعد موافقة على مقترح تشكيل قوات حفظ سلام، ويدعو لمزيد من التفكير حول فرص وتحديات هذا القرار بالنسبة لمصر. فمن ناحية، هو يعطي مصر مساحة جيدة لتخفيف مسئوليتها الدولية تجاه ملف فلسطين؛ وقطاع غزة المتاخم لحدودها، وكذلك يفتح الباب أمام زيادة دخول المساعدات عن طريق معبر رفح بدلًا من الميناء البحري الأمريكي الذي يُبنى ليكون شريان حياة بالنسبة للإسرائيليين وليس الفلسطينيين. كما ستساعد قوات حفظ السلام في عملية التهيئة السياسية نحو إعادة انتخاب سلطة جديدة بدلا من السلطة الحالية التي يجب أن تتخطاها الظروف القائمة بدلا من أن تخطو عليها. وتدرك مصر جيدًا أن تلك القوات لن تكون ولايتها حفظ السلام بالمفهوم التقليدي، لكن الأهم هو بناء السلام المستدام، وهو ما يصب في مصلحة مصر الاستراتيجية بالطبع.

فرص وتوصيات لصانع القرار المصري.. الآن ولاحقًا

ما يجب أن يأخذه صانع القرار في الحسبان هو أن الأمر يتطلب بذل مجهود كبير لإعادة طرح القضية على مجلس الأمن الدولي وإقناع الدول دائمة العضوية بعدم استخدام حق الفيتو. كما يجب أن تتمسك مصر بالمشاركة في تلك القوات، بما يضمن لها وصولا استخباراتيا يخدم أمنها ومصالحها على الدوام، في حين لا يجب أن تسعى مصر لرئاسة تلك القوات حتى ولو كانت منضوية تحت علم الأمم المتحدة الأزرق.

وفي مرحلة لاحقة، يجب الضغط على الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا؛ باعتبارها أكبر الداعمين لإسرائيل، بأن تتحمل المسئولية الأخلاقية والسياسية وتتولى تمويل العمليات السياسية والأمنية لما بعد الحرب، كما يجب أن يدعموا بناء القدرات لأفراد الأمن الذين تدعمهم السلطة الفلسطينية، والذين يبلغ عددهم حوالي 20 ألفًا، ويمكن لمصر التدخل من خلال مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، الذي يقوم بأداء متوازن وقوي في دول عديدة، للقيام بتلك المهمة.

خلاصة القول، إن قرار القمة العربية الجماعي بوجود قوات دولية يمكن وصفه بـ "الممكن" في حال عدم وجود نتنياهو، و"الصعب" في حالة استمراره، و"المستحيل" دون الدعم المصري والعربي لهذا القرار على كافة الأصعدة الدبلوماسية والأمنية، وبـ"الفرصة المتاحة لمصر" إذا ألقتنا رياح الظروف السياسية نحو بر توقف الحرب وما بعدها.. حفظ الله مصر.