رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مثقفون ونقاد ينعون الدكتور صلاح فضل: خبر صادم

الدكتور صلاح فضل
الدكتور صلاح فضل

توفي في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، المفكر والناقد الأدبي الدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية، بعد صراع مع المرض، ومن المقرر أن تقام صلاة الجنازة على الراحل عقب صلاة الظهر بمسجد فاطمة الشربتلي بالتجمع الخامس.

بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة الدكتور صلاح فضل، تحول موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى سرادق عزاء، وعبر العديد من الكتاب والمثقفين عن حزنهم الشديد على رحيل الناقد الأدبي الكبير، بعد حياة حافلة بالعطاء.

وعلق الكاتب محمد بركة مؤلف رواية "حانة الست" على رحيل الدكتور صلاح فضل قائلا: خبر صادم هذا الصباح رحيل د. صلاح فضل آخر الآباء المؤسسين في النقد والبلاغة وجماليات الأسلوب.. الراعي الصالح لحديقة الموهوبين في الإبداع و الحقل الأكاديمي.

وتابع: حتى اللحظات الأخيرة، ظل يملك العديد من المشاريع والمؤلفات والأحلام المؤجلة.. كان موسوعي الفكر، يملك ذاكرة حافلة بالأسرار التاريخية و الوقائع المدهشة، كما كان حكاء بارعا، خفيف الظل، صاحب "فضل" على كثيرين، شديد الكرم والحفاوة بالمواهب وضيوف بيته.. لم تكسره وفاة زوجته ثم الرحيل السريع المتوالي لابنه وابنته وعاش وحيدا في فيلا صغيرة بالمعادى.

واستطرد: تحمس لروايتي " أشباح بروكسل" دون سابق معرفة وكتب عنها مشيدا وأهداني نصائح ثمينة حين علم أنني أكتب عن الوجه الآخر لأم كلثوم رواية بعنوان "حانة الست".. رحمه الله رحمة واسعة.

أما الناقد الأدبي رضا عطية فنعاه بكلمات مؤثرة قائلا: بأي الكلمات أرثيك وأنت سيد الكلمة؟! أي كلمات تعطيك بعض حقك وأنت الذي أعطيت الكلمات حقها وقيمتها؟! إنَّه حقًا اكتمال يتمي وتمام وجعي برحيلك! حقًا أنا بعدك يتيم والأدب العربي بعدك يتيم والنقد الأدبي بعدك يتم، فمن للأدب العربي والنقد الأدبي بعدك سيدي؟!....هذا ثالث أيامي الحزينة مع يومي رحيل أبي وأمي... كيف أحرم من سماع صوتك بعد الآن؟! من يعوضني عنك أو يمنحني بعض محبتك لي؟! الخرس حقًا يلجمني ويقيد كلماتي.... وداعًا ناقدنا الأعظم الأستاذ الأجل.... الراعي الصالح... أبي الثاني وحبيبي... قطعة غالية من قلبي وروحي وشمس تملأ كل وجداني وتشرق عليَّ بالخير وأنوار الفكر كل أيام عمري.. وداعًا حبيبي الأغلى صلاح فضل.

من جهته؛ قال الكاتب إيهاب الملاح: رحم الله الدكتور صلاح فضل رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. فقدنا عالما وناقدا وأستاذا كبيرا ينتمي صلاح فضل إلى جيل الخمسينيات في الحركة الأكاديمية المصرية التي كانت تحرص على ابتعاث متفوقيها إلى جامعات أوروبا للحصول على درجاتهم العلمية الكبرى، وكان من حظ الطالب المتفوق الذي تخرج في كلية دار العلوم السفر إلى إسبانيا للتخصص في الأدب الأندلسي والأدب المقارن.

وتابع: ولم يفوت الطالب النابه الفرصة، فأتقن اللغة الإسبانية وأخذ نفسه مأخذ الجد والحزم والانضباط حتى أتم دراسته العالية بتفوق وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن، ومن حينها استهل نشاطه العلمي والثقافي بهمة عالية، وأخذ يراكم الإنجاز وراء الإنجاز، ويملأ الدنيا بزاخر مؤلفاته وترجماته ومقالاته؛ حتى صار دون شك في الطبقة الأولى الممتازة من النقاد المصريين والعرب؛ وعلى رأس الرعيل الأول من النقاد والباحثين الموسوعيين في الأدب والنقد والحياة الثقافية والفكرية بعامة، الذي تتلمذ على جيل الرواد الأول وعلى تلاميذهم من الجيل التالي في الجامعة المصرية، ويصير حاليا على رأس الجيل الأكبر المخضرم في مصر والعالم العربي.

واستطرد: ما يزيد على نصف القرن من العطاء الزاخر والنشاط المعرفي والنقدي الذي بلا شك يحتل مكانه ومكانته في مدونة الإنتاج المعرفي والنقدي العربي بجدارة وامتياز. لم يترك صلاح فضل تيارًا نقديا معتبرا لم يكتب عنه، ولم يقدم إسهاما نظريا عربيا لمذاهب وتيارات النقد الجديد والحداثة وما بعدها، وكان له "فضل" التعريف ببعض أبرز هذه المناهج (كتابه «نظرية البنائية» وكتابه عن «الأسلوبية» وكتابه عن «منهج الواقعية في الإبداع الأدبي» كانت من الكتب السباقة والمبكرة في النقد العربي التي قدمت هذه المناهج والنظريات إلى القارئ العربي).

وأوضح: تخصص في الأدب الأندلسي والأدب المقارن، ودرس التيارات والمناهج النقدية المعاصرة، ونشط في الكتابة والتأليف والترجمة، وأسهم بنصيب وافر في النشاط الثقافي والأكاديمي والدبلوماسي العام، وتولى إدارة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد، وعمل أستاذا ومستشارا ثقافيا بالمكسيك، وكتب في الصحف والمجلات والدوريات المختلفة، وشارك في المؤتمرات والندوات والفعاليات البحثية والعامة.. من الصعب إحصاء الجوانب المتعددة والمتنوعة والمتداخلة لموسوعة ثقافية ونقدية تجسدت في شخص صلاح فضل الذي كان واعيا تماما بضرورة استجلاء هذه التجربة الثرية على كل المستويات وإعادة قراءتها وكتابتها معا فيما سيطلق عليه "مقاطع من سيرة فكرية".. رحم الله الدكتور صلاح فضل وأسكنه فسيح جناته وألهم عارفيه ومحبيه الصبر والسكينة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

كما علق الكاتب سيد محمود على رحيله قائلا: البقاء لله في وفاة الناقد الكبير د صلاح فضل، والجنازة ظهر اليوم من مسجد فاطمة الشربتلي بالتجمع الخامس، سبحان من له الملك والدوام.

وأضاف: عاش الراحل ظروفا مرضية إنسانية صعبة في أيامه الأخيرة بعد أن فقد ابنه وابنته في عامين متتاليين، كان كريما متسامحا مع تلاميذه ومحبيه وجمعتنا ذكريات كثيرة داخل مصر وخارجها وتحمل شغبنا بمحبة كبيرة، ألف رحمة ونور.