رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم الزراعة.. والأمن الغذائى

خامس الأيام الموضوعية فى كوب ٢٧، كان «يوم الزراعة والتكيف مع المناخ»، الذى لم تركز جلساته فقط على الحلول الابتكارية والتمويلية، لمواجهة تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة ودعم إجراءات وبرامج التكيف والتخفيف فيه، بل بحثت، أيضًا، سبل تحقيق الأمن الغذائى، وتعزيز قدرات الدول النامية، خاصة الإفريقية والعربية منها، على بناء أنظمة زراعية وغذائية أكثر صمودًا وأكثر استدامة.

مساهمة الزراعة، والأنشطة المرتبطة بها، فى انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، تكاد تكون منعدمة، لكنها من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية، التى تؤثر على قابلية الأراضى للزراعة، وتتسبب فى ظهور آفات وأمراض جديدة، ما يؤدى إلى تقليل المحاصيل ويتسبب فى تفاقم الجوع. وعليه، وضعت جلسة «دعم العمل المناخى التحولى فى الزراعة»، الأمن الغذائى فى قلب التحديات المناخية. وتكرر الشىء نفسه فى جلسة عنوانها «التكيف مع التغيرات المناخية فى قطاع الزراعة»، نظمتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، «فاو». كما أوضحت جلسة «مبادرة الابتكار الزراعى للمناخ» أن إتاحة التمويلات والاحتياجات اللازمة لصغار المزارعين بشكل عادل، من المفاتيح الرئيسية لتخفيف المجاعات.

أيضًا، ناقشت جلسة وزارية عنوانها «من مالابو إلى شرم الشيخ» التدخلات المطلوبة، لتخفيف آثار تغير المناخ على الأمن الغذائى المستدام فى الدول العربية والإفريقية، وربطت بين مخرجات «مؤتمر مالابو» ورؤية قمة شرم الشيخ، «كوب ٢٧»، لبناء توافق جماعى، وطرحت تصورات لوضع آليات تمكّن تلك الدول من بناء أنظمتها الزراعية والغذائية، وتحقق التكامل الإفريقى العربى، الذى بات مهمًا وملحًا، حتى تتمكن دول المنطقة من تحقيق أمنها الغذائى، فى ظل محدودية الرقعة الزراعية وندرة المياه، وضعف كفاءة استغلال الموارد الطبيعية وارتفاع معدل الفاقد فى الإنتاج الزراعى والأنشطة المرتبطة به، مع انخفاض الميزان التجارى بين هذه الدول نتيجة عدم توافر البنية التحتية وضعف آليات تبادل السلع والخدمات بينها.

قرارات عديدة مهمة، صدرت فى المؤتمر الذى استضافته «مالابو»، عاصمة غينيا الاستوائية الشقيقة، سنة ٢٠١٦، كانت تهدف إلى دفع التنمية فى مجال الزراعة والغذاء والاستثمار والابتكار وتشجيع التجارة البينية بين الدول الإفريقية والعربية وصولًا إلى مشروعات خضراء تحقق أكبر قدر ممكن من الأمن الغذائى لشعوب المنطقة. غير أن عدم توافر التمويل الكافى حال دون تنفيذ هذه المشروعات. وعليه، جرى صباح أمس، إطلاق «مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام»، FAST، التى شددت على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة، لتحسين كمية ونوعية مساهمات تمويل المناخ فى دعم برامج الابتكار الزراعى وتطبيق التكنولوجيا لدعم الأمن الغذائى وتمويل أنظمة أغذية زراعية تحقق مكاسب ثلاثية للبشر والمناخ والطبيعة.

البرنامج المصرى الوطنى للاستثمار فى مشروعات المياه والطاقة والغذاء، «نُوفّى»، يجسد هذا الطموح، ويدعم هذا التوجه، ويهدف إلى توفير الدعم الفنى وحشد المنح والتمويلات الميسرة، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فى تحقيق التنمية و... و... وغيرها من الأهداف، التى تدمج أولويات العمل المناخى بسياسات واستثمارات التنمية المستدامة، وتقدم نموذجًا عمليًا قابلًا للتطبيق فى جميع أنحاء العالم، مع التركيز على الدول الإفريقية النامية والأقل نموًا. وعلى ذكر «مؤتمر مالابو»، نرى ضرورة التذكير بأن «إعلان القاهرة»، الذى صدر، أواخر يونيو الماضى، فى ختام الدورة السادسة والثلاثين للجمعية العمومية لـ«المركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة»، أكساد، أوصى بدعم الاستثمار فى مشاريع زراعية مشتركة، وبتبادل الخبرات والابتكارات، لإيجاد الحلول الجذرية لمواجهة تغير المناخ. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن سامح شكرى، وزير الخارجية، رئيس «كوب ٢٧»، بحث مع توم فيلساك، وزير الزراعة الأمريكى، على هامش «يوم الزراعة والتكيف مع المناخ»، سبل تعزيز التعاون بين البلدين فى قطاع الزراعة الحيوى، واستعرض الأخير، خلال الاجتماع، مبادرات بلاده فى هذا المجال، ومن بينها مبادرة «بعثة الابتكار الزراعى من أجل المناخ»، AIM for Climate، التى أعلنت، الجمعة، عن مضاعفة استثماراتها، التى كانت ٤ مليارات دولار فى «كوب ٢٦»، إلى ٨ مليارات دولار.