رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة «لم شمل» العرب

اليوم وغدًا، يجتمع القادة العرب، أو معظمهم، فى العاصمة الجزائرية، تحت شعار «لم الشمل»، لمناقشة العديد من الملفات، نرى أن أهمها مشروع القرار الخاص بـ«الاستراتيجية المتكاملة للأمن الغذائى العربى»، والتضامن فى مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، إلى جانب القضية الفلسطينية ومستجداتها، والتضامن مع لبنان ودعمه، وتطورات الأزمات السورية والليبية واليمنية، ودعم السلام والتنمية فى السودان والصومال وجزر القمر، و... و... وعرفنا أن هناك قرارًا، ستناقشه القمة، بشأن تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب.

جرى تزيين مدخل العاصمة الجزائرية بالورود والأشجار، وبمجسمات لرموز تمثل الدول العربية، كمجسم الأهرامات، الذى تم وضعه فى الساحة المقابلة لمسجد الجزائر الأعظم. كما انتشرت أعلام الدول، على أعمدة الإنارة والطرقات، مع لافتات عليها عبارات «مرحبًا بالأشقاء العرب» و«أهلًا بضيوف الجزائر». وبدأت المدارس عطلة، مدتها أسبوع، لضمان أعلى مستوى من الراحة لضيوف القمة، خلال تنقلهم. ومع تسلّم الجزائر، رسميًا، الرئاسة الدورية للقمة، الأربعاء الماضى، انطلق أول اجتماع تحضيرى لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، ثم اجتمع وزراء الخارجية العرب يومى السبت والأحد، وتوصلوا إلى «نتائج توافقية، بعد مشاورات ثرية ومعمّقة»، بحسب رمطان لعمامرة، وزير الشئون الخارجية الجزائرى. 

تلك هى رابع قمة عربية تستضيفها الجزائر، والقمة العادية الحادية والثلاثين، والتاسعة والأربعين، لو أضفنا القمم الطارئة. وكان مقررًا عقدها فى مارس ٢٠٢٠، وتسبب وباء كورونا، وظروف دولية، وإقليمية، فى تأجيلها عدة مرات، إلى أن وقع الاختيار على اليوم الأول من نوفمبر، الذى يتزامن، مع الذكرى الثامنة والستين، للثورة الجزائرية، التى انتزعت بها الدولة الشقيقة استقلالها، بدماء أكثر من ١.٥ مليون شهيد. وخلال لقائه مع الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون، الأسبوع الماضى، أشار أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إلى أن «الرأى العام العربى» يتطلع إلى أن تكون قمة الجزائر بالفعل «قمة للم الشمل العربى فى ضوء التحديات الكبيرة التى تواجهها المنطقة العربية والأزمات الضاغطة التى تفرضها الأوضاع العالمية».

قمة لم شمل العرب، قمة الجزائر، أو القمة العربية الحادية والثلاثون، كانت أحد أبرز الملفات التى ناقشها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع نظيره الجزائرى، فى يناير الماضى، خلال زيارة الأخير القاهرة، انطلاقًا من اقتناعهما الراسخ بضرورة تفعيل آليات العمل العربى المشترك. وفى هذا الإطار رحب الرئيس السيسى باستضافة الجزائر القمة معربًا عن ثقته فى نجاح الدولة الشقيقة فى استضافة أعمالها بالشكل الأمثل، ومشيرًا إلى أن تلك القمة تمثل محطة مهمة لتعزيز أطر التعاون والتنسيق وتوحيد الرؤى العربية إزاء مختلف القضايا.

التطورات الدولية الأخيرة الخطيرة، أدت إلى تراجع الأمن الغذائى العالمى، والعربى، بشكل مقلق، ما استدعى، أو استوجب أن يتصدر هذا الملف أولويات العمل العربى المشترك، وأن يقر القادة العرب مشروع القرار الخاص بـ«الاستراتيجية المتكاملة للأمن الغذائى العربى»، وأن يتمكنوا من توفير التمويل اللازم، لبدء العمل على تنفيذها، خاصة بعد أن أعلنت جامعة الدول العربية، فى سبتمبر الماضى، عن انتهائها من إعداد «دراسة استراتيجية تكاملية» حول سبل تعزيز الأمن الغذائى. وبعد أن اتضح، أو ثبت بشكل قاطع أن ترابط مشكلات الطاقة والمياه والغذاء الحالية، وتداخلها يستدعى نظرة أكثر شمولية لعلاجها، تتجاوز الحلول الجزئية المنعزلة، وتعمل على بناء القدرات الوطنية والعربية فى مجال إدارة هذا الترابط بشكل فاعل. 

.. وأخيرًا، نرى أن لم شمل العرب لن يتحقق إلا باتفاق القادة، وتوافقهم، على تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، إذ إن «الدم العربى لا يزال يراق فى عدد من الأوطان العربية، بأيدٍ عربية حينًا، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية، تسعى للتدخل فى الشئون العربية لإعلاء مصالحها، أحيانًا أخرى». وما بين التنصيص ننقله من كلمة مصر، التى ألقاها الرئيس السيسى فى الجلسة الافتتاحية للقمة العربية السابقة، ولخصت، فى حوالى ألف كلمة، كل أزمات المنطقة، سواء الموروثة من مرحلة التحرر الوطنى، التى تزامنت مع تأسيس جامعة الدول العربية، أو تلك التى تفجرت، منذ ١١ سنة، فى أكثر من بلد عربى.