رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقال عبر مدونة وزارة الخارجية..

شكرى: يجب مضاعفة تمويل التكيف مع تغير المناخ بحلول عام 2025

 سامح شكري
سامح شكري

نشرت المدونة الرسمية لوزارة الخارجية، اليوم الجمعة، مقالًا لوزير الخارجية سامح شكري، حول استضافة مصر الدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP 27».

وكتب سامح شكري، الرئيس المعين لـ«COP 27»، مقالًا بشأن حشد التمويل لعمل المناخ الدولي، وذلك بمناسبة انعقاد اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وجاء في نص مقال وزير الخارجية: "أصبحت الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي هذا العام ذات دلالة أكثر من المعتاد، إن قدرة العالم ذاته على التعاون في مجال المناخ أصبحت على المحك، ناهيك عن العمل معًا لتحقيق تحول عادل ومنخفض الانبعاثات الكربونية ومقاوم لتغير المناخ.

إن اتفاق باريس الذي يوجه عمل المناخ الدولي هو بمثابة «صفقة كبرى»، حيث توافقت الدول النامية على تقديم إسهاماتها العادلة لمعالجة أزمة لم تتسبب فيها، في مقابل الدعم المالي الذي تحتاجه لاستكمال عملها على المستوى المحلي، مع السعي في ذات الوقت نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

فرصة لتغيير التفكير حول تمويل المناخ

لكن مع اقترابنا من قمة الأمم المتحدة للمناخ، المنعقدة في نوفمبر بمصر، فهذه الصفقة أضحت موضع تساؤل، وتراجعت آفاق نجاحها.

وفي هذا الإطار، تأخذ الاجتماعات السنوية لهذا الشهر منحى خاصًا، حيث تمثل فرصة لتغيير الطريقة التي نفكر ونتحدث بها عن تمويل المناخ، وكيفية توفيره، ومن خلال أي أدوات، ووسائل النفاذ إليه. فإذا فعلنا ذلك، يمكننا أن نبث حياة جديدة في عمل المناخ العالمي. وإذا لم نتمكن من فعل ذلك، فقد يتفاقم الشعور المتزايد بالظلم، وتتآكل الثقة الهشة، وتزداد المهمة صعوبة على صعوبتها.

إنني أدرك أن جدول الأعمال ممتلئ، حيث تتصاعد أسعار الغذاء والطاقة، والتوترات الجيوسياسية، وأزمة التمويل المتزايدة في العديد من البلدان، وهي كلها أمور تستوجب الاهتمام بها.

ومع ذلك، فإن أزمة المناخ طاغية، فموجات الحرارة المرتفعة والجفاف والحرائق والعواصف وارتفاع مستويات سطح البحر وتدهور الأراضي والتصحر والفيضانات تدمر المجتمعات في جميع أنحاء العالم وتقضي على العديد من مكاسب التنمية، والملايين يواجهون المجاعات وانهيار الزراعة ومعركة محتدمة على الموارد.

كل هذا وفقًا لمعدل 1.1 درجة مئوية من زيادة معدلات الحرارة العالمية، ومع كل عُشر درجة إضافية ستزداد الآثار سوءًا، مع تأثير متباين، خاصة على أولئك الذين لا يزالون في طور النمو ويفتقرون إلى الموارد والإمكانات.

لذلك، دعونا نبدأ بالاعتراف بهذه الحقيقة، فلا يمكن تحقيق مهام مؤسسات «بريتون وودز» والمؤسسات المالية الدولية الأكبر دون معالجة تغير المناخ، ولا توجد معالجة لتغير المناخ دون استعادة العدالة المالية لنظامنا الدولي والتركيز على تحقيق تحول عادل.

مقال سامح شكري عبر مدونة وزارة الخارجية

مضاعفة تمويل تغير المناخ

منذ أكثر من عقد من الزمان، في عام 2009، تعهدت الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لتمويل المناخ بحلول عام 2020، واليوم، لم يتم الوفاء بهذا الوعد، الذي يعد مجرد جزء بسيط مما هو مطلوب.

ووفقًا للجنة الدائمة المعنية بالتمويل لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، فإن تكلفة تنفيذ الإسهامات المحددة وطنيًا لخفض الانبعاثات في الدول النامية تقدر بحوالي 5.8 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2030.

يجب على الدول المتقدمة أيضًا أن تحترم «تعهد جلاسكو» بمضاعفة تمويل التكيف مع تغير المناخ بحلول عام 2025، حتى نتمكن من الاستعداد وحماية أنفسنا من التأثيرات المناخية التي وقعت بالفعل.

وحان الوقت لمعالجة الخسائر والأضرار الهائلة الناجمة عن تغير المناخ التي يعاني منها الأشخاص الذين لم يتسببوا فيه إلا بالقدر الضئيل. إن هذا أمر شائك، ولكن لا يمكن تحقيق إيمان قوي بأجندة عمل المناخ العالمي ومصداقيتها بدونه.

إن النبأ السار هو أن الاستثمارات التي سنقوم بها لمعالجة تغير المناخ يمكن أن تلعب أيضًا دورًا في تحقيق التنمية المستدامة، والأدوات والتقنيات الموجودة تحت تصرفنا أصبحت أكثر فاعلية بمرور الوقت، حيث يزدهر الاستثمار في تكنولوجيا المناخ، من مصادر الطاقة المتجددة إلى التقنيات الجديدة للتخلص من الكربون، بجانب النقل الكهربائي، وتصبح الطاقة النظيفة أرخص كل عام.

الاستثمار في المناخ أيضًا منطقي من الناحية المالية، فوفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2022 الصادر عن صندوق النقد الدولي، فإن التكاليف على المدى القصير لخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 بما يكفي للوصول إلى مستوى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050 يمكن التحكم فيها وأقل من تكاليف التقاعس والتأخير في عمل المناخ.

سبل مساعدة المؤسسات المالية الدولية فى قضية المناخ

إن هذا هو الحال في كل من الدول المتقدمة ودول الجنوب، ومع ذلك، فإن الدول النامية لديها موارد أقل للقيام بذلك، ومن المرجح أن تكون التكلفة أعلى بالنسبة لها. لذا، فإن دعمها هو سياسة جيدة والعمل الصحيح أخلاقيًا الذي يتوجب القيام به، فليس من العدل أن نطلب من الدول الأقل إسهاماً في أزمة المناخ أن تتحمل تكلفة التحول نحو مصادر الطاقة الصديقة للبيئة.

إذن كيف يمكن للمؤسسات المالية الدولية المساعدة؟ أولًا: ينبغي عليها مواصلة التأكيد على ضرورة العمل المناخي العادل في تصريحاتها العامة، لا يمكن أن يكون هناك شك في أولوية هذه المهمة، هناك حاجة ماسة الآن إلى رسائل واضحة وسياسات أكثر وضوحًا.

ثانيًا: يجب عليها إعادة النظر في سياساتها من حيث النفاذ إلى التمويل، وقبول المخاطر وأدوات التمويل والبحث عن طرق لتوفير تمويل مناخي إضافي بشروط ميسرة للغاية يعتمد على المِنَح لدول الجنوب، إن هذه الاجتماعات السنوية تمثل فرصة للتفكير بشكل أكثر إبداعًا حول كيفية تكييف الخدمات والممارسات مع واقعنا المناخي، لخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز التكيُف أيضًا على وجه السرعة.

شعار قمة المناخ التي تستضيفها وتترأسها مصر

خلال الأسابيع الأخيرة، كان هناك تدقيق متزايد في البنية المالية العالمية، وقد دعت الدول النامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، إلى إعادة توزيع حقوق السحب الخاصة، وتعليق رسوم الفائدة الإضافية لكبار المقترضين الذين يحتاجون إلى موارد مالية، والنظر في سبل الإعفاء من الديون وتقديم تمويل ميسّر للبنية التحتية المقاومة لتغير المناخ.

كما كانت هناك دعوات لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة النظر في نسبها الموصى بها للدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وذلك فيما يتعلق بالاقتراض من أجل معالجة تغير المناخ وآثاره.

وبدون اتخاذ موقف محدد مسبق بشأن هذه المطالب، فإن توجهها يبدو معقولًا، وإذا أرادت المؤسسات المالية الدولية أن تظل فعالة في القرن الحادي والعشرين، فيجب على هذه المؤسسات بذل المزيد من الجهد لمواجهة هذه التحديات، وهذا يعني تطوير كيفية قيامها بأعمالها.

لذلك دعونا ننتهز هذه الفرصة ونساعد في وضع النظام المالي الدولي على مسار جديد، مسار يدرك تمامًا أزمة المناخ، ومصلحتنا المشتركة في مساعدة بعضنا البعض على التغلب عليها.. إذا فعلنا ذلك، فلدينا فرصة سوياً لبناء عالم أكثر عدلاً واستدامة".