رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة توضح الارتقاء بالقطاع الصناعي كضرورة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية

 الاختلالات الاقتصادية
الاختلالات الاقتصادية

نشر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة للباحثة هبة زين، بعنوان "جهود وتحديات: الارتقاء بالقطاع الصناعي كضرورة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية"، وتضمنت ضرورة تحريك عجلة الإنتاج والاستثمار والتصنيع بمصر، وذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك  بضرورة تحريك عجلة الإنتاج.

وأوضحت الدراسة، أن الحل الحقيقي لمحاربة التضخم المتزايد وارتفاع الأسعار –خاصة أن غالبيته مستورد- يكون عن طريق تقليل فاتورة الاستيراد، من خلال: زيادة الإنتاج، واستبدال المنتج المحلي بنظيره الأجنبي ما أمكن. لذا فالحل الأمثل الآن هو التوجه نحو دعم التصنيع المحلي وتوطين الصناعة.

كما أشارت الدارسة، إلى أن الاقتصاد العالمي حاليًا يواجه أزمات حادة ومتداخلة؛ فالاقتصاد العالمي يواجه تداعيات جائحة كورونا، وارتفاع معدلات التضخم والديون، وحالة من عدم اليقين بشأن السياسات العامة، إلى الحد الذي يمكن وصفها بأنها أسوأ أزمة اقتصادية منذ سنوات الكساد الكبير، بشكل يهدد تعافي الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية، مضيفًا أنه في غضون الأزمة الراهنة، شهد صافي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي معدلات سالبة لأول مرة منذ عقود، ويعاني العالم من أكبر انخفاض في حجم التجارة والإنتاج العالميين منذ الحرب العالمية الثانية، فنتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية انخفضت التجارة العالمية بحوالي 285 مليار دولار، وتفاقم عبء الدين العالمي فوصل حجم المديونية العالمية لعام 2021 إلى 303 تريليون دولار، فـ 60% من بلدان العالم الأشد فقرًا أصبحت إما في حالة مديونية حرجة بالفعل، وإما معرضة لمخاطر مرتفعة.

وتطرقت الدراسة لأعقاب الأزمة المالية العالمية 2008، والتي أدت إلى قيام العديد من الدول المتقدمة والنامية باتباع حزم تحفيزية مالية أو نقدية لتنشيط اقتصادياتها والتي أدت بدورها إلى تفاقم غير مسبوق لعجز الموازنات والديون الحكومية بهذه الدول، وما استتبعه من انخفاض معدلات النشاط الاقتصادي العالمي نتيجة سياسة التقشف المالي.

كما تطرقت الدراسة إلى الوضع الراهن في مصر والتي لم تكن بمعزل عن مجريات الأمور، فكان للأزمة الروسية الأوكرانية انعكاسها على الاقتصاد المصري، خاصة في ظل الصلات التجارية والسياحية الموسعة بين مصر ودولتي الأزمة، ومختلف دول العالم المتأثرة بالأساس.

هذا إلى جانب عدد من التحديات الأخرى، كضعف السيولة الأجنبية -خاصة إنه مع استقرار الجنيه المصري وارتفاع نسبة الفائدة التي تقدمها البنوك المصرية وعوائد الاستثمار العالية في السندات الحكومية الخاصة بمشاريعها- نتيجة خروج رؤوس الأموال الساخنة، وتباطؤ معدلات استثمارات القطاع الخاص المصري، وارتفاع فائدة الاقتراض السيادي، ومؤشرات الدين الخارجي، وتراجع معدلات جذب استثمارات أجنبية مباشرة. 

وأشارت إلى أنه لمعالجة الأزمة المالية تتطلب حسن إدارة الموارد ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي، وتنشيط الاستثمار وإعادة بناء القاعدة الصناعية، والعمل على زيادة الموارد الدولارية خاصة من الصادرات والاستثمارات المباشرة وتحويلات المغتربين في الخارج والسياحة، والعمل على تشجيع القطاع الخاص المصري على استثمار أمواله في مشاريع الدولة، وممارسة مختلف أشكال النشاط الاقتصادي فيها، بما في ذلك المشروعات الكبيرة التي تساهم في تحديث البنية التحتية. بما يسهم في النهاية في معالجة مشاكل البطالة عن طريق خلق فرص عمل، وتقديم التنوع المطلوب للدخل القومي، وتقليل تصدير المواد الخام.

واختتمت الدارسة، أن التجارب التنموية حول العالم رغم خصوصية كل حالة منها أكدت بما لا يدع مجالًا للريبة أن تنمية الصناعة قادرة على تحسين كل المؤشرات الاقتصادية للدولة، فضلًا عن خفض معدلات الدين والبطالة والفقر. ولنا في ماليزيا- التي مزق جسدها الصراعات العرقية والحروب الأهلية لتصبح أحد أهم مصدري الصناعات عالية التقنية، بعدما كانت تصدر المواد الخام- والبرازيل التي استطاعت جذب استثمارات أجنبية قدرت بنحو 200 مليار خلال الفترة من 2004 وحتى 2011 رفعت الطاقة الإنتاجية للدولة، كذلك كوريا الجنوبية التي استطاعت التحول من ثالث أفقر دولة في آسيا إلى عاشر دولة صناعية في العالم.

وغيرها دول كالصين، وسنغافورة، وألمانيا استطاعت ان تغير واقعها الاقتصادي بالعمل والكد والصبر، فيكاد يكون العامل المشترك بينهم جميعًا- رغم اختلاف الظروف والحقب الزمنية- وجود قيادة وطنية ذات رؤية وقرار، وشعب واع يؤمن بقدراته ويتطلع نحو غد أفضل، وهو ما لا تعوزه دولة ذات تاريخ وريادة مثل مصر، ومن هذا المنطلق نأمل أن يخرج المؤتمر الاقتصادي الذي دعا إليه الرئيس السيسي مؤخرًا بمقترحات وقرارات ثورية تدفع القطاع الصناعي والاستثمار إلى الأمام.