رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تشكو إثيوبيا لمجلس الأمن.. خبراء: خطوة مهمة تضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته

سد النهضة
سد النهضة

شدد دبلوماسيون وسياسيون على أحقية مصر فى التوجه إلى مجلس الأمن الدولى، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على حقوقها التاريخية والعادلة فى مياه نهر النيل.

وبعثت مصر رسالة رسمية إلى مجلس الأمن، سجلت فيها اعتراضها على استمرار إثيوبيا فى خطواتها الأحادية الجانب فى ملء وتشغيل سد النهضة، دون الاتفاق مع مصر والسودان.

وقال الخبراء، الذين تحدثت إليهم "الدستور"، تعليقًا على الخطاب المقدم إلى مجلس الأمن، إن مصر تدافع عن حقوق شعبها، وتسعى لوضع المجتمع الدولى- خاصة مجلس الأمن- أمام مسئوليته القانونية والتاريخية، لإيقاف التصرفات الأحادية للجانب الإثيوبى.

محمد مهران: المجلس الأممى مختص لأن النزاع الحالى يهدد السلم الدولى

أشاد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام، بتحركات الدبلوماسية المصرية، وآخرها الخطاب الموجه إلى مجلس الأمن، فى ظل إصرار الجانب الإثيوبى على مخالفة قواعد القانون الدولى، والاتفاقيات الدولية المبرمة بين الجانبين، علاوة على مخالفة اتفاقية المبادئ لعام ٢٠١٥.

وقال "مهران": "إثيوبيا كان عليها إخطار مصر والسودان بأية أعمال على المجرى المائى، إضافة إلى تبادل المعلومات والتعاون، وإعمال مبدأ حسن النية، وعدم الإضرار بالدول المشتركة فى ذات النهر الدولى".

وأضاف: "مصر لجأت إلى الخيار التفاوضى، وهو الأمثل فى مثل هذه النزاعات، كما اتخذت كل الطرق الودية لأجل تسوية النزاع، إلا أن هناك تعنتًا واضحًا من الجانب الإثيوبى، يؤدى دائمًا إلى عرقلة المفاوضات وإفشالها بسبب فرض سياسة الأمر الواقع".

وأشار إلى تبنى إثيوبيا نظرية السيادة المطلقة، التى أصبح غير معمول بها فى القانون الدولى، مشددًا على أحقية الدولة المصرية فى اللجوء لمجلس الأمن، وفقًا لما قرره ميثاق الأمم المتحدة فى الفصل السادس بالمواد ٣٣ حتى ٣٨.

وأوضح أن معيار اللجوء إلى مجلس الأمن هو وجود نزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين، وضرر قد يؤثر على المجتمع الدولى، والمجلس إذا رأى أن هناك تهديدًا يمس السلم والأمن الدوليين بشأن نزاع ما، يجب عليه التدخل فى الحال للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وهو ما يستوجب تدخله فى النزاع المصرى الإثيوبى بشأن سد النهضة.

وحذر من خطورة النزاع المصرى الإثيوبى بشأن سد النهضة، نظرًا لتهديده سيادة مصر والسودان وحياة أكثر من ١٥٠ مليون مواطن مصرى وسودانى، نتيجة عدم الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم، واتخاذ إثيوبيا قرارات أحادية الجانب.

ونبه إلى أن "هذا التعنت قد يؤدى إلى سيناريوهات صعبة لا يمكن تداركها، وقد يشعل فتيل الصراع بالمنطقة، إذا لم يتدخل مجلس الأمن والمجتمع الدولى"، مطالبًا بتنفيذ مشروع القرار التونسى، ووقف أى أعمال بالسد حتى يتم استئناف المفاوضات بين كل من مصر وإثيوبيا والسودان، بناء على طلب رئيس الاتحاد الإفريقى والأمين العام للأمم المتحدة، لكى يتم التوصل فى غضون ٦ أشهر إلى نص اتفاق ملزم لملء وإدارة السد.

نادر نورالدين: محاولة لخلق ضغط لاستئناف المفاوضات

قال الدكتور نادر نورالدين، أستاذ الأراضى والمياه فى جامعة القاهرة، إن لجوء مصر إلى مجلس الأمن مجددًا هو محاولة لخلق ضغط دولى على إثيوبيا لاستئناف المفاوضات.

وأضاف "نورالدين": "هذه الخطوة تسعى لمنع إثيوبيا من فرض سياسة الأمر الواقع، وتوضيح الصورة أمام دول العالم، وهى أن الأنهار العابرة للحدود لا يجب أن تُترك لتصرفات منفردة من دولة منبع، لا تراعى القواعد الدولية فى شروط إنشاء السدود فى دول المنابع، ولا تطبق مبدأ عدم الضرر على باقى شركائها فى النهر".

وواصل: "الخطوة هدفها إيضاح أن هذا التعنت خطير للغاية، ويضر بالأمن المائى لمصر، ويُعرض اقتصادها الوطنى للخطر، وقد يؤدى إلى إشعال المنطقة وإدخالها فى صراعات، وتشدد فى الوقت ذاته على أن من حق مصر الدفاع عن حقوقها المائية والراسخة عبر آلاف السنين".

يحيى الكدوانى: التزام بالقانون الدولى وليس ضعفًا

قال اللواء يحيى الكدوانى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن مصر لن تتنازل عن حق شعبها فى مياه نهر النيل، وستظل متمسكة بحقوقها أمام المحافل الدولية.

وأضاف "الكدوانى": "مصر تمتلك الأدوات والسياسات التى تجعلها قوية فى موقفها بهذا الملف، لكن ما زالت تريد أن تضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته لوقف الصراع".

وشدد على أن تعنت الجانب الإثيوبى واستمرار اتخاذ المواقف والإجراءات الأحادية أمر مرفوض، ولن تقبل به مصر أو يتم إجبارها عليه، مضيفًا: "لجوء مصر إلى مجلس الأمن ليس ضعفًا منها، بل لإثبات إرادتها ورغبتها فى اللجوء إلى المحافل الدولية، والتزامها بالاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بالأنهار".

طارق فهمى:  البيان يؤكد قوة الموقف المصرى

قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن خطاب مصر إلى مجلس الأمن بشأن سد النهضة مهم للغاية، وجاء حاملًا كل مضامين الموقف المصرى خلال الفترة الماضية.

وأضاف "فهمى": "الخطاب يؤكد بطبيعة الحال الحقوق المصرية فى المياه، والتزام مصر بآليات التفاوض وضرورة العودة والاحتكام إلى مجلس الأمن، باعتباره المنوط بحفظ الأمن والسلام الدوليين".

وواصل: "البيان أكد قوة الموقف المصرى، ومن خلاله تدعو مصر المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته فى هذا الملف لحماية الأمن القومى للبلاد، والتصدى لكل السياسات الأحادية التى نفذها الجانب الإثيوبى، مع وجود تخاذل واضح من الاتحاد الإفريقى".

ورأى أن البيان يشدد على عدة ثوابت، أهمها حق مصر فى تبنى أى إجراءات وتدابير سياسية ودبلوماسية وغيرها لحفظ حقها وأمنها المائى، وكذلك فى اتخاذ ما يلزمها للدفاع عن أمنها واستقرارها فى مواجهة الإجراءات الأحادية التى نفذتها إثيوبيا، مع إلزام مجلس الأمن بالتحرك باعتباره المسئول عن تقديم سبل الحل ووقف أى مخالفات تصدر من أحد أطراف النزاع.

إبراهيم الشويمى: المطالب المصرية بالوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن الملء والتشغيل "عادلة"

قال السفير إبراهيم الشويمى، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية، إن مصر تحاول قدر الإمكان إيصال الصورة الصحيحة لدول العالم، وتوضيح مطالبها العادلة التى تتفق مع قواعد القانون الدولى، واتفاقيتى الأنهار الدولية و١٩٨٨.

وأضاف "الشويمى": "مصر تريد التوصل إلى اتفاق قانونى وملزم، وهذا أمر طبيعى، لأن الاتفاقيات هى التى تحكم العلاقات بين الدول، وكان لا بد من الوصول لاتفاق قبل الملء الأول أو الثانى أو اتخاذ أى إجراء بشأن السد"، مشددًا على أن "إثيوبيا مطالبة بالامتثال لاتفاق ١٩٢٩ الموقع مع القاهرة، وعدم إجراء أى أعمال على نهر النيل إلا بالاتفاق مع دولتى المصب، مصر والسودان".

وواصل: "مصر ترغب فى أن يلزم مجلس الأمن إثيوبيا بإجراء مفاوضات فى مدة محددة للوصول لاتفاق قانونى، وتطالب بتفعيل الوساطة الأمريكية ووساطة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وأوروبا، وهى لا تزال تحاول التوصل إلى اتفاق بشأن السد حتى هذه اللحظة".

واستدل على ذلك بجولة وزير الخارجية سامح شكرى مؤخرًا لإقناع الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبى بأن مصر لا تطلب أشياء غريبة، وأنه على الجميع أن يساعد فى حل الأزمة، لتجنب مشاكل كبيرة قد تُحدث توترًا وقلقًا فى المنطقة، خاصة أن المطلب المصرى يعتمد على مبدأ قانونى، ويأتى وفقًا للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.