رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دبلوماسيون وسياسيون لـ«الدستور»: لجوء مصر لمجلس الأمن قانونى ويدعم موقفها بسد النهضة

سد النهضة
سد النهضة

أكد دبلوماسيون وسياسيون، أحقية مصر في التوجه إلى مجلس الأمن الدولي بسبب موقف إثيوبيا المتعنت في مفاوضات سد النهضة، وكذلك حقها في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ حقوقها التاريخية والعادلة في مياه نهر النيل، خاصة بعد إعلان أديس أبابا بدء الملء الثالث لسد النهضة.

وشدد السياسيون والخبراء، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، على أن مصر لن تصمت في الدفاع عن حقوقها العادلة، وتسعى لوضع المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن أمام مسئوليته القانونية والتاريخية، وإلى نص اللقاءات:

 

محمد مهران: القاهرة محقة في اللجوء لمجلس الأمن

أشاد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام بتحركات الخارجية المصرية والخطاب الموجه إلى مجلس الأمن، لتسجيل اعتراض مصر وإعلان رفضها التام لتعنت إثيوبيا والاستمرار في الملء الثالث لسد النهضة بشكل أحادي دون عقد اتفاق قانوني ملزم بين أطراف النزاع حول مواعيد ملء وتشغيل السد بالمخالفة للبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021 بضرورة استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد.

ولفت الدكتور "محمد مهران" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى إصرار الجانب الإثيوبي على مخالفة قواعد القانون الدولي، والاتفاقيات الدولية المبرمة بين الجانبين، علاوة على مخالفة اتفاقية المبادئ لعام 2015، موضحًا أن كل ذلك كان يوجب على إثيوبيا إخطار مصر والسودان بأية أعمال على المجرى المائي، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والتعاون وإعمال مبدأ حسن النية، وكذا عدم الإضرار بهذه الدول المشتركة في ذات النهر الدولي.

وقال مهران إن مصر لجأت للخيار التفاوضي، وهو الأمثل في مثل هذه النزاعات، كما طرقت كل الطرق الودية لأجل تسوية النزاع إلا أن هناك تعنتًا واضحًا من الجانب الإثيوبي يؤدي دائمًا إلى عرقلة المفاوضات وإفشالها لفرض سياسة الأمر الواقع، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تتنبى نظرية "السيادة المطلقة" التي أصبحت غير معمول بها في القانون الدولي، ومؤكدًا أحقية الدولة المصرية في اللجوء لمجلس الأمن وفقًا لما قرره ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السادس المواد 33 حتى 38.

وأوضح "مهران" أن معيار اللجوء إلى مجلس الأمن هو وجود نزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين، وضرر قد يؤثر على المجتمع الدولي، لافتًا إلى أن مجلس الأمن إذا رأى أن هناك تهديدًا يمس السلم والأمن الدوليين بشأن نزاع ما فإنه يجب عليه التدخل في الحال بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، مشددًا على وجوب تدخله في النزاع المصري الإثيوبي بشأن السد.

وحذر "أستاذ القانون الدولي" من خطورة النزاع المصري الإثيوبي بشأن سد النهضة نظرًا لتهديده لسيادة مصر والسودان وحياة أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني نتيجة عدم الوصول لاتفاق قانوني ملزم، واتخاذ إثيوبيا قرارات أحادية الجانب، موضحاً أن هذا الأمر قد يؤدي إلى سيناريوهات أخرى لا يمكن تداركها، وقد يشعل الحرب بالمنطقة إذا لم يتدخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

وطالب بضرورة استدعاء مشروع القرار التونسي، ووقف أي أعمال بالسد حتى يتم استئناف المفاوضات بين كلّ من "مصر وإثيوبيا والسودان" بناء على طلب كلّ من رئيس الاتّحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتّحدة، لكي يتوصّلوا، في غضون 6 أشهر، إلى نصّ اتفاق ملزم لملء السدّ وإدارته.

 نادر نور الدين: مصر تكشف للعالم تعنت إثيوبيا

ومن جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، إن لجوء مصر لمجلس الأمن مجددًا هو محاولة لخلق ضغط دولى على إثيوبيا لاستئناف المفاوضات ومنعها من فرض سياسة الأمر الواقع وتوضيح الصورة أمام دول العالم بأن الأنهار الدولية العابرة للحدود لا تترك لتصرفات منفردة من دولة منبع لا تراعى القواعد الدولية في شروط إنشاء السدود في دول المنابع وتطبيقها لمبدأ عدم الضرر على باقي شركائها في النهر، وأيضًا إيضاح أن هذا الأمر خطير للغاية ويعرض الأمن المائي والاقتصاد المصرى للخطر بما قد يؤدى إلى إشعال المنطقة في صراعات وأن من حق مصر الدفاع عن حقوقها المائية وما تعودت على استلامه من المياه عبر آلاف السنين والذي اعترفت به قوانين الأمم المتحدة للمياه بأنه الحقوق المكتسبة.

الشويمي: مصر تريد اتفاق قانوني وملزم بشأن سد النهضة وهذا طبيعي

من جهته، قال السفير إبراهيم الشويمي مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية، إن مصر تحاول قدر الإمكان إفهام جميع الدول في إفريقيا وفي أوروبا وواشنطن وفي كل مكان مطلبها العادل الذي يتفق مع قواعد القانون الدولي واتفاق الأنهار الدولية واتفاقية 1988، كما تريد مصر اتفاق قانوني وملزم وهذا طبيعي لأن الاتفاقيات هي التي تحكم العلاقات بين الدول ولابد من الوصول لاتفاق قانوني ملزم قبل بدء التحرك في سد النهضة  سواء كان قبل الملء الأول أو الثاني أو أي تصرف بشأن السد وأي تصرف بشأن مياه النيل بشكل عام، وعلى إثيوبيا أن تمتثل لاتفاق 1929 الموقع مع القاهرة، ولا يجب إجراء أي أعمال على نهر النيل إلا بالاتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان.

وأضاف "نحن نريد من مجلس الأمن إلزام إثيوبيا بإجراء مفاوضات في مدة محددة للوصول لاتفاق قانوني ملزم، ونطالب بالوساطة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والوساطة الأوروبية".

 وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على أن مصر لا تزال تحاول التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة، وكما كانت جولة وزير الخارجية سامح شكري الأخيرة لإقناع  الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي أن مصر لا تطلب أشياء غربية وعلى الجميع أن يساعد في حل الأزمة، لتجنب مشاكل كبيرة تحدث توتر وقلق في المنطقة، لاسيما وأن المطلب المصري هو مبدأ قانوني وفق الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.

ومن جانبه قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن لجوء مصر لمجلس الأمن مجددًا هو محاولة لخلق ضغط دولى على إثيوبيا لاستئناف المفاوضات ومنعها من فرض سياسة الأمر الواقع وتوضيح الصورة أمام دول العالم بأن الأنهار الدولية العابرة للحدود لا تترك لتصرفات منفردة من دولة منبع لا تراعى القواعد الدولية في شروط إنشاء السدود في دول المنابع وتطبيقها لمبدأ عدم الضرر على باقي شركائها في النهر.

وأشار نادر نور الدين إلى أن الموقف المصري جاء كذلك لإيضاح أن هذا الأمر خطير للغاية ويصيب الأمن المائي ويعرض الاقتصاد المصرى للخطر بما قد يؤدى إلى إشعال المنطقة في صراعات، لكن من حق مصر الدفاع عن حقوقها المائية وما تعودت على استلامه من المياه عبر آلاف السنين الذي اعترفت به قوانين الأمم المتحدة للمياه بأنه الحقوق المكتسبة.

صلاح حليمة: مصر ستحمي حقها بكل السبل

وفي الإطار ذاته، قال السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، إن الخطاب الذى أرسلته مصر لمجلس الأمن هو رقم 3 ويتعلق بأزمة سد النهضة.

وأشار حليمة إلى أنه من خلال هذا الخطاب أكدت مصر رفضها لاستمرار إثيوبيا فى ملء السد بشكل أحادي دون اتفاق معها أو مع السودان، لافتًا إلى أن هذا الاتفاق حول ملء وتشغيل السد يجب أن يراعى مصالح الأطراف الثلاثة، مؤكدًا أن التصرف الأحادي وفرض الأمر الواقع من قبل إثيوبيا هو مخالف أولًا للقرار الرئاسي لمجلس الأمن ومخالف أيضًا للمبادئ ومخالف للقانون الدولى فى مواده رقم 5، 6 ،7، الذى يتحدث على ضرورة تجنب أي ضرر جسيم وان يكون هناك اتفاق منصف وعادل.

وأضاف حليمة أنه لاشك أن مصر لجأت لمجلس الأمن لأن إثيوبيا اتجهت للبدء فى الملء الثالث دون مراعاة لمطالب مصر والسودان ودون احترام للمواثيق والاتفاقيات والقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة بما فى ذلك إعلان المبادئ وهذا يعتبر تهديدًا للأمن والسلم الإقليمي والدولي والحياة والوجود لكل من مصر والسودان باعتبار أن الأمن القومي المائي مسالة تتعلق بالأمن القومي المصري والوجود والحياة.

ولفت حليمة إلى أن مصر لجأت لهذا نتيجة أن هناك جهودًا مكثفة بذلت على ما يقرب من عام لأن البيان الرئاسي لمجلس الأمن صدر فى نفس الموعد من العام الماضى، وبالتالى كان هناك جهود على الإطار الثنائى والمتعدد على سبيل المثال، قمة دول الخليج والولايات المتحدة والعراق تم بحث هذا الملف، وسبق أن تمت مناقشته فى اجتماعات الجامعة العربية والاتحاد الإفريقى وعلى مستوى الأمم المتحدة وعلى مستوى اللقاءات الثنائية بين مصر والدول التى تم اللقاءات معها على مدار عام كامل منذ يوليو الماضى، وللأسف الشديد كل تلك الجهود لم تكلل بنجاح حتى فى اجتماعات دولة الإمارات التى ضمت الدول الثلاث فى محاولة للتوصل لحل الأزمة.

وأضاف حليمة أن الاتحاد الإفريقى عجز تمامًا فى إحراز أى تقدم أو تحرك أو عقد مفاوضات طبقًا لتوجيهات البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن وطبقًا لما هو متبع برعاية للاتحاد الإفريقى لهذه الأزمة وبدور وسيط للمراقبين والمشاركين فى المفاوضات.

وتابع حليمة "نجد أن كل هذه الجهود لم تحقق أى تقدم وبالتالى تقدمت مصر لمجلس الأمن لتحمله المسئولية الكاملة مسئولية تنفيذ بيانه الرئاسى الخاص بالتوصل لاتفاق قانونى لعملية ملء وتشغيل السد فى أقرب وقت وأقرب وقت مضى عام دون أن يتحقق".

وحول سيناريوهات الفترة المقبلة، قال حليمة لابد أن يتخذ مجلس الأمن خطوة إيجابية وبناءة لدفع الدول الثلاث وخاصة إثيوبيا نحو الجلوس لمائدة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم لعملية الملء والتشغيل فى أسرع وقت، ولا بد أن يتم فى أسرع وقت حتى لا يحدث ضرر لأي من دولتى المصب مصر والسودان.

وأشار حليمة إلى أن الرئاسة المصرية أكدت فى بيانها، أن مصر تحتفظ بحقها الشرعى المكفول فى ميثاق الأمم المتحدة لاتخاذ كل الإجراءات لضمان وحماية أمنها القومى، بما في ذلك أى مخاطر قد تتسبب فيها مستقبلًا الإجراءات الأحادية الإثيوبية، وهذا يعنى بشكل واضح أن مصر ستستخدم كل الوسائل والطرق لفض هذا النزاع بالطرق السلمية واستنادًا للمواثيق والقوانين الدولية التى تنتهكها إثيوبيا بتصرفها الأحادي وفرض الأمر الواقع وما قد تسببه من أضرار جسيمة تهد الأمن القومى، مشددًا على أن مصر تحتفظ بحقها فى استخدام اى إجراءات أخرى لوقف هذه الانتهاكات وتأمين وضعها كدولة وشعب له الحق فى الحياة والوجود بما تكفله القوانين والمواثيق الدولية.

سياسي سودانى: مصر لن تسكت والسودان لن يقف مكتوف الأيدى

من جانبه، قال الباحث السياسي السودانى محمد كامل، إن إيراد النيل سيشهد ارتفاعًا كبيرًا خلال أغسطس بسبب عبور المياه للممر الأوسط لسد النهضة.

وأضاف كامل "نحن الآن في السودان أكثر تأهبًا للتعامل مع كارثة الملء الإثيوبي الأحادي الثالث وسوف تحصل تطورات كبيرة فى الملف".

وأكد كامل أن دور مصر واضح وهو صحيح من كل الجوانب، مشددًا على أن القاهرة موقفها إيجابي فى التعامل مع ملف سد النهضة، والسودان يعمل على معالجة الملف أيضًا ولكن بطريقة لا تسمح للإثيوبيين المزايدة.

وأوضح كامل أن إثيوبيا تمعن فى الفصل بين مواقف دول المصب لكسب الوقت وتنفيذ الملء الثالث وسوف تدفع ثمن موقفها الأحادى.

وحول سيناريوهات الفترة المقبلة، قال كامل إن تطورات كبيرة غير حميدة قد تحدث للجانب الإثيوبى فمصر لن تسكت والسودان لن يقف مكتوف الأيدى، لافتاً إلى أن هناك غرفة عمليات سودانية رفيعة تتابع عن كثب وتضع الخيارات.

محمد حسب الرسول: ملء إثيوبيا بحيرة السد يضر بمصالح مصر والسودان

كما قال السياسي السوداني "محمد حسب الرسول" ونائب الأمين العام للمؤتمر القومى العربى، إن قيام إثيوبيا وللمرة الثالثة بملء بحيرة سد النهضة دون التفاهم مع دولتي المصب السودان ومصر يعد انتهاكًا صارخًا وصريحًا للاتفاق الإطاري الموقع بين الدول الثلاث في مارس من عام 2015، كما يعد انتهاكًا لقواعد القانون الدولي ذات الصلة.

وأكد حسب الرسول أن ملء إثيوبيا لبحيرة السد للمرة الثالثة يضر بمصالح السودان ومصر، كما يضر بالعلاقات التاريخية التي تربط الدول الثلاث.

وتابع حسب الرسول "الطلب الذي اودعته مصر على منضدة مجلس الأمن قد تأسس على قواعد قانونية راسخة، وعبر عن مخاوف حقيقية صنعها تهرب إثيوبيا من المفاوضات التي يجب أن تفضي إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات ملء وتشغيل السد وفق شراكة بين الدول الثلاث".