رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار الوطنى والمناعة السياسية الوطنية

أرى أن تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أهمية تحقق من ينشر على الناس رؤيته الخاصة عبر وسائل الإعلام أو وسائط التواصل الاجتماعى دون دراية أو التأكد بصواب ما يحرره أو يشيعه بما يبدو لمتلقيه وكأنه معلومة يمكن البناء عليها، أمر مهم وفى غاية الخطورة، ويضع الرأى العام فى حالة ارتباك غير مطلوبة فى فترة تواجه البلاد والحكومة ومتخذ القرار الكثير من التحديات، فضلًا عن تأثيرها على بدايات ممارستنا للحوار الوطنى بشكل سلبى ومربك عبر حملات للتشكيك وفقدان الثقة بين أطراف الحوار.
ولعل المتابع لصفحات الرأى والبرامج المسائية ووسائل التواصل الاجتماعى يلاحظ ازدياد من يحاولون التسرب بنعومة وخبث لدعم فكرة أن سكان الكهوف الإخوانية هم فى النهاية أبناء الوطن، وأن أمر الاندماج الوطنى والمشاركة فى الحوار الوطنى أمر طبيعى ومطلوب، لتهيئة أن نلدغ من نفس الجحر مرة أخرى!
بدأ سكان كهوف الشر والكراهية، وبشكل خاص من أعلنوا تخارجهم من مؤسسات دولة الإخوان وباتوا يمارسون أعمالهم مع الحرص من آن إلى آخر أن يبدوا عداوتهم للجماعة وممارساتهم، ولكن مع إعلان انطلاق الحوار الوطنى أطلوا برءوسهم من جديد من فتحات فى تلك الكهوف بوجوه ماكرة .
منهم من  يحذرنا من الإخوان ودخولهم على خط الحوار الوطنى، فينبهنا لمحاولات الدخول التنظيمية على خط الدعوة الرئاسية لحوار وطنى مصرى، وينبهوننا للتحركات الإخوانية والتى تجسدت فى مبادرتين تقدم بالأولى رجل التنظيم القوى والتاريخى «يوسف ندا» معبرًا عن الكتلة التنظيمية الرسمية ممثلة فى القائم بأعمال المرشد «إبراهيم منير»، والثانية تقدم بها من تركيا جناح الإدارة التنظيمى المفصول وعلى رأسه «محمود حسين»، وكلا الطرفين يسعى لحلحلة الأزمة التنظيمية بنفس الآليات القديمة، وأما الثانية فهى أن هذا الدخول على خط (الحوار الوطنى) مِن قِبل التنظيم بأجنحته المتصارعة يخرج عادة بسياقات الحدث عن أصلها، انطلاقًا من خانات الإيمان بحقوق المواطنة وحرية الرأى والاعتقاد وفق ما يدعون، وهو أمرٌ محل اهتمام لدى كُثُر، وبالتالى يتم تحميل أجواء (الحوار الوطني) بمكدراتها وفق أحلامهم قبل أن تبدأ لها جولة.
وبعد تلك المقدمة الناعمة، يذكرون أن فتح الطريق نحو (حوار وطني) جامع، كما تطلب جسارة فى الطرح تلزمة جدارة فى الاستيعاب القادر على أن يفرق بين التنظيمات الإرهابية وعناصرها وبين أصحاب الأفكار ذات المرجعيات الإسلامية أو غيرها من صنوف المعارضة التى لم تتورط فى عنفٍ أو تخريبٍ أو دم، وبهذا تكون أرضية الحوار أكثر رحابة بما يضمن التنوع فى الأطروحات التى تدعم صيانة واقع الوطن وصناعة مستقبله، هكذا يصلون بتصورهم أن دخولهم استجابة لما أعلن عن أن الوطن رحب وأن التنوع مطلوب ليسهم الحوار فى صناعة الغد المشرق، ثم بكل نعومة يطرحون بوداعة أسئلة مطلوب إجابة الإخوان عنها، مثل هل راجعوا ما اقترفوه فى حق الوطن؟، وهل لديهم القدرة على الاعتذار؟، وهل يمكن حل التنظيم؟، وهل سيتخلى الإخوان عن السرية لينخرطوا فى مجالات النشاط الوطنى العلنية دعوية كانت أو خدمية أو سياسية؟ فإذا كانت الإجابة بالإيجاب واضحة وصريحة بأن يعلنوها قبل أن يوجهوا أى مبادرات إلى جهة إدارة الحوار!
هكذا بكل بساطة علينا أن ننسى جرائم امتدت على مدى ما يقارب قرن من الزمان، حتى ختموها بعام أسود حكموا فيه البلاد ليؤكدوا أنهم ليسوا من أبناء الوطن الذى يعتبرونه حفنة من التراب العفن!
أرى أن رفض وجود الإخوان بمختلف درجات ولائهم لجماعة الشر على الأقل فى المرحلة الأولى من الحوار الوطنى ضرورة وضمانة لاستقامة التقدم فى الممارسة الديمقراطية للحوار، وأسأل عن مغزى توقيت الإعلان الأمريكى بالتراجع عن وضع جماعة الإخوان كجماعة إرهابية ؟... لقد خطفوا منا الوطن وحلم تحقيق أهداف ثورة 25 يناير فأعادتها لنا ثورة 30 يونيو المجيدة بقيادة وطنية باسلة.. والعاقل من لا يكرر الأخطاء..
مطلوب حشد كل جهود ورؤى أهل الإصلاح والتنوير لصناعة وعى وطنى يشكل مناعة سياسية صلبة فى وجه لصوص الأوطان وردهم للعودة لكهوف النسيان والتردى والتخلف.