رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مراتب مبدأ السمع والطاعة بحسب موقع العضو من التنظيم (تفاصيل)

جريدة الدستور

يواصل الباحث أحمد الصغير كشفه وفضحه لحقيقة جماعة الإخوان الإهابية، من خلال كتابه "تاريخ جماعات الفاشية الدينية في مصر"، كاشفًا عن أصل مبدأ السمع والطاعة، الذي تعتمده الجماعة ولا تتهاون أبدا مع أعضائها في حال الإخلال به.

يقول الصغير: ظلت دائما مبادئ السمع والطاعة التامة للقائد، وتنفيذ المهام والأوامر دون معرفة المقصود منها من السمات الأساسية لمن ينتسب لجماعة الإخوان، وتزداد هذه المبادئ حسما لمن يتدرج في السلم الهرمى للجماعة، وتتعدد اختبارات مدى التزام العضو بهذا المبدأ بداية من تحديد الكتب التي يجب أن يقرأها مرورا بالأمر بصلاة الفجر، مثلا، في مسجدٍ يبعد عن قرية العضو بواحدٍ أو اتنين كيلومتر سيرا على الأقدام كما أورد ذلك أحد قادتهم السابقين..

والسؤال هل هذه المبادئ والسلوكيات من الإسلام؟ هل يجب على المسلم حتى يكون مسلما حقيقيا مقيما لدينه أنْ يكون له قائدٌ يطيعه هذه الطاعة، سواء قلت أو كثرت؟ نحن نعرف- كمسلمين- أن الوحيد الذى كانت تجب له هذه الطاعة هو الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن بعده لا طاعة لأحدٍ إلا في حدود الالتزام الطبيعي بالقانون الذى يُحكم به في أى بلدٍ يعيش به المسلم، ثم الطاعة الفردية لله عقائديا وأخلاقيا وتعاملا مع البشر "عبادة الله ثم الاستقامة الأخلاقية"..
والطاعة الوحيدة المماثلة لما تفعله جماعة الإخوان هي طاعة الأوامر العسكرية في الجيوش، إذن نصل للسؤال موضوع الفصل، إذن فمن أين أتى الإخوان بهذا المبدأ منذ بداية تكوين الجماعة على يد مؤسسها حسن البنا في مارس 1922؟ يقول أحد قادة الجهاز السرى الدموي الإخواني في 1965م: "لقد درس الإخوان جميع التنظيمات العالمية حين حاولوا بناء النظام الخاص، وقد تأثروا بالفكر الباطني في التاريخ الإسلامي، حيث كانت التنظيمات العباسية والعلوية والشيعية وما صاحبها من فرق سرية".

ومنها أيضا كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين، وكان الانبهار من وصولهم إلى حد الإعجاز في تنفيذ آليات السمع والطاعة، وكيف كان الأفراد يسمعون ويطيعون حتى لو طلب منهم قتل أنفسهم...".
الحركات الباطنية في التاريخ الإسلامي هي حركاتٌ سياسية هدامة استخدمت الدين لإخضاع أتباعها، أول من ابتدعها في التاريخ هو يهودي اسمه عبد الله بن ميمون بن ديصان أو مأمون القداح، كان يهوديا لكنه أسلم في القرن الثاني الهجري وابتدع أولا التفسير الباطني للقرآن ثم أنشأ الفرق الباطنية، وكان معه حمدان بن قرمط واثنان آخران "أحمد بن حسين والزنداني"، وهؤلاء الأربعة هم مؤسسو أول الفرق الباطنية في التاريخ الإسلامي بين القرنين الثاني والثالث الهجريين، ومن أشهر وأعنف الحركات الباطنية التي استطاعت تكوين دولة هي حركة القرامطة.

أما فرقة الحشاشين تلك فقد أسسها حسن الصباح المولود في النصف الأول من القرن الخامس الهجري، وقد خدع الناس في أول دعوته بالتمسك بمظاهر الزهد والتدين الشديد والورع حتى التف الناس حوله للتبرك به، ثم استولى على قلعة أطلق عليها الناس "قلعة الموت" واستمرت دولته أكثر من قرنين من الزمان حتى قضى عليها المغول، ومن أشهر ما تميزت به تلك الحركة التي أقامت دولة باسمها هي جرائم الاغتيال السياسي، وكانت لها فرق اسمها "الفدائيون" أو فرق الموت، هي التي تنفذ الاغتيالات، كما اشتهرت بقطع الطرق والنهب والسلب، وعرف عن الحركة الطاعة الشديدة والدموية الشديدة..

ويوضح "الصغير": هذه الحركات كان لها دورٌ كبيرٌ في إنهاك الدول الإسلامية وتعتبر حروب القرامطة ضد الدولة العباسية من أشرس هذه الحروب، كما أن هذه الحركات قد أشاعت الإرهاب بين الناس واشتهرت بكثرة سفك الدماء بطرق مخيفة جدا، وبالطبع عُرفت أيضا بنهب القرى واستباحة الأموال، وبعضها قد استباح الأعراض بما فيها أعراض المسلمين الذين لا يؤمنون بأفكار جماعاتهم.

هذا هو المصدر الذى درسه حسن البنا مع القادة الأوائل لجماعته الإرهابية، وإعجابا بتلك الجماعات ومبدأها في طاعة أتباعها للقادة طاعة عمياء توصّل حسن البنا لهذا المبدأ- السمع والطاعة- والذى استغله هو شخصيا في محاربة خصومه السياسيين ثم استغله- بعد مقتله- من ورث قيادة الجماعة في إرهاب الدولة المصرية شعبا ودولة، وذلك يوضح بجلاء لماذا عُرفت جماعة الإخوان بارتكاب جرائم الاغتيالات السياسية، ولماذا كان حسن البنا مهووسًا بفكرة المبايعة الغامضة على الموت في غرفةٍ مظلمة لا يرى المبايِعُ ممن يبايعه سوى يدين تمسك إحداهما بمصحفٍ بينما تمسك الأخرى بالمسدس، ومن يخن البيعة أو يفشى السر يحل دمه للجماعة، هذا هو أستاذهم الأفاق.

ويلفت الصغير: أنّ مبدأ السمع والطاعة في جماعة الإخوان يوجب ألا يكون هناك تناسبٌ منطقىٌّ بين مراتب الأعضاء في الجماعة ومراتبهم ومراكزهم في أى هيئةٍ أو وظيفةٍ خارج الجماعة، فرئيس العضو في الجماعة هو من تجب له الطاعة، فمثلا ممكن أن يكون هذا العضو ضابطا- مثل صلاح شادي- ويقسم على طاعة شخصٍ ما في الجماعة هو أقل منه مكانة خارج الجماعة.
بل ربما اختبروا ولاء هؤلاء الأعضاء المهمين في المجتمع وسيطروا عليهم أكثر من غيرهم للقضاء على فكرة الولاء للوطن أو الوظيفة عندهم، وأيضا للحصول على ما لديهم من معلومات، وهذا يفسر إضافة شعبة سُميّت شعبة الرئاسة بعد وصول الجماعة لحكم مصر، وفي تلك الشعبة كان لرئيس مصر رئيسٌ في الجماعة يعلوه ويرأسه، بل ويأمره، وهذا يفسر خطورة وصول هؤلاء للحكم على كيان ووجود أي وطن.