رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما فائدة التصوف الإسلامي فى حياتنا؟ قيادي بالطريقة النقشبندية بالصين يجيب

عبدالله الصينى
عبدالله الصينى

أكد الدكتور على عبدالله الصينى، مدير الشركة الثقافية الصوفية التنموية المحدودة بمدينة شيآن ونائب الطريقة الجهرية النقشبندية بدولة الصين، خلال مشاركته فى ملتقى الصوفية العالمي بالمغرب- أن التصوف الإسلامي فيه سعادة الإنسان وسلامة الدول والأوطان، وذلك لأن الطرق الصوفية هي صاحبة الفكر الإسلامى المعتدل والمنهج الوسطي الذي جاء به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والتصوف هو روح الإسلام وحقيقته.

وأوضح "الصينى" أنه من المعروف أن سعادة الإنسان ينبغي أن تكون من خلال تذوق حلاوة الإيمان، فلا يمكن للإنسان أن يحصل على حلاوة الإيمان إلا عبر معرفة النفس وتزكيتها وتنقية الروح، فلا نحصل على هذا المقام إلا ونحن نحب أولياء الله الصالحين، وأن يكون هناك ولي من أولياء الله فى قلوبنا، كما ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ قدّس الله سرّه: إﺫﺍ أﺭﺩﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻵﺧﺮﺓ؛ اﺟﻌﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻭلىّ ﻣﻦ أﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ! قيل له: ﻛﻴﻒ ذلك؟!.. ﻗﺎﻝ: "تحبهم ﻓﻴﺤﺒﻮﻧﻚ؛ فإﻥ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻫﻲ ﻣﺤﻞ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﺪﻙ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻴﺮﺣﻤﻚ، فإن أﺣﺒﺒﺘﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﻭﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﺍﺷﺘﻴﺎﻗﻪ ﻟﻚ، فإذا ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻟﻚ تأﺗﻴﻚ ﻫﻤّﺔ ﻭﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﺷﺘﻴﺎﻗﻪ ﻟﻚ".


وأضاف "الصينى" أن من أساس الشروط لمعرفة النفس: مخالفة الهوى ومجاهدة النفس وإزالة الحقد والحسد والكبر والغضب وغيرها من الصفات المذمومة حتى ترتاح الأرواح بكتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أما هذه الأهداف فلا تحققها إلا بتحقيق اتباع مشايخ الطريقة وعلماء الحقيقة لتطبيق طريقة التصوف، كما قال سيدنا علي، رضى الله عنه: لولا المربي ما عرفت ربي.

وتابع "الصينى" أن حضرة الشيخ عبدالرءوف اليماني الحسيني أشار إلى أن الإسلام مدينة ذهبية، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو باب تلك المدينة، والطريقة هي قفل بوابة تلك المدينة، ومرشد الصوفية هو مفتاح قفل تلك البوابة، وتتعلم علمًا ربانيًا من مشايخ الطريقة، حيث إن العلم شمع منير والطالب يصول حوله كالفراش.

وأشار "الصينى" إلى أن الصوفية جاءت من ذات الله تعالى، وظهرت من نور محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو منارة الحق ومصباح الإسلام، وأساسها مبني على حب الله تعالى ورسوله حبًا جمًا، ومحبة الصوفية هي محبة للمولى سبحانه وتعالى وتقرب إلى الله تعالى والوصول إليه بطريق التعبد، وهو معرفة الله معرفة حقيقة، والتصوف هو علم الأسرار وحكمتها، والنعمة الخاصة إلى الإنسان من عند الله تعالى، فهي النعمة الخاصة التي نزلت إلى الإنسان بأهل التصوف، والتصوف هو سلم الرجوع إلى الله تعالى لمعرفة بداية صفات الإنسانية، وسلم الله تعالى مبني على الصوفية التي هى العلامة الإيمانية، وحبله، والطريق المستقيم للإنسان، ويهدى الإنسان إلى السعادة بارتياح الروحانية، هو روح الإسلام، وظهور روحها من حقيقة الإسلام.

ويوضح شيخ صوفية الصين أن الطرق الصوفية هي طرق الفضل والإحسان والبركة والنعمة والرحمة والمحبة والعدالة، وهذه الطرق مبنية على النيات الصالحات والإخلاص، وأعمال أهل التصوف كلها مبنية بداية بسم الله تعالى وعلى نهاية الله سبحان وتعالى، لذلك هي طريق الخدمة وخدمة لجميع المخلوقات، وهى النظريات المعتدلة لروح الإسلام، وهى اهتمام الحوار بين الأديان والحضارات والاحترام بعضها مع بعض، والتشجيع فى التعاون والتبادل بين القوميات من أديانهم وعقائدهم وحضاراتهم وثقافاتهم لتحقيق سلامة المجتمع.

وأشار "الصينى" إلى أن الإسلام هو دين السلام ودين المحبة ودين الرحمة للعالمين، والدين يخلق أخلاق الإنسان بالرحمة والطاعة لله ورسوله والمحبة هى مقياس الأخلاق، أما تزكية النفس وتقية الروح فبذكر الله ومدح المصطفى، صلى الله عليه وسلم، والصحبة مع الصالحين والتراحم مع مخلوقات الله رحمة ومحبة وأدبًا، فلا يمكن لرجل أن يتعامل مع أهله وجيرانه وأصدقائه معاملة حسنة، ولا يحترم الناس بين القوميات من عقائدهم وحضاراتهم وثقافاتهم احترامًا، إلا بتزكية النفس وتقية الروح بجمع الأخلاق الحسنة.

وأكد أن أفكار الصوفية هى أفكار المنهج الوسطى، التى تعلم المسلمين حب السلام وطاعة السلطان ومحبة أوطانهم وطاعة خليفة الله فى الأرضو هم سلاطين الأوطان وأتباعهم، وكما علمنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سلاطين الأوطان هم ظلال الله فى الأرض، فقال: السلطان ظل الله فى الأرض، فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله، أما سلطان الأوطان فيجب أن يكون عادلًا فلا يكون ظالما، كما نعرف جميعا: إن الله ينصر عادلًا وإن كان كافرا، ولا ينصر ظالما وإن كان مسلما.

وأوضح قائلا: يقول الشيخ السمانى دومًا إن طاعة سلطان الله تعالى فى الأرض هو شرط من شروط محبة الله تعالى ورسوله، وهو جزء من أجزاء الإيمان، وجود الأسرة بوجود الأوطان، وسلامة الأسرة بسلامة الأوطان، وسلامة المجتمع بسلامة الأفراد، فإذا فقدت سلامة الأوطان فقدت سلامة الأسرة، وسلامة الأسرة مبنية على سلامة الوطن، لذلك يبنغي أن نعرف: حب الوطن من الإيمان، ففى طاعة سلطان الأوطان هى علامة لمحبة الأوطان، فلا يمكن أن يكون هناك تعاون بين القوميات والحضارات والثقافات إلا بتحقيق حب الوطن، وطاعة سلطان الأوطان.


وتابع "الصينى" أنه سئل شيخ صوفية الصين: من هم السعداء؟ فأجاب حضرة الشيخ: السعيد من أحب وطنه، السعداء يحبون أوطانهم، لأن وجود البيت بوجود الأوطان، إذا فقدت الأوطان فقدت البيوت، لذلك قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: حب الوطن من الإيمان.. روح التصوف هى معرفة الله تعالى وتعبده تعبدا حقيقيا من القلب، وتتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الحسنة ونعمته ويكرم مخلوقاته إكراما بفضل الله وحبه لتطبيق القرآن الكريم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، بحب الله تعالى وحب الرسول، صلى الله عليه وسلم، ورحمة الله ووراثة هذه الرسالة بعد وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى خلفائه من مرشدي الصوفية.

‏ويضيف: علمنا شيخنا حضرة الشيخ عبدالرءوف اليماني الحسيني: كل واحد من أهل التصوف وأهل السلوك ينبغي أن يتمسك بطريقة النبي، صلى الله عليه وسلم، تمسكًا من سنن أقواله وأفعاله، واتباع الشريعة الكاملة، فلا نتكلم كلامًا إلا بكلام النبي ولا نعمل عملا إلا بأعمال النبي، وتطبيق سنن الرسول، صلى الله عليه وسلم، تطبيقا كاملا لحصول قيمة التصوف، فقال: ما نتمنى الناس إلا المسلمون وما نتمني الناس إلا كلهم يحصلون على نعمة الله تعالى، والتصوف هو روح الإسلام وقلبها، وغاية التصوف هو خدمة للبشرية والمخلوقات جميعًا والحب لله تعالى والحب لجميع مخلوقات الله تعالى لحصول كمال الإيمان.

وقال حضرة الشيخ عبدالرءوف اليماني الحسيني: "إن الصوفي الحقيقي يجب أن يبني جنتين، جنة الدنيا في المجتمع وجنة الآخرة بعد الموت، أما جنة الدنيا في المجتمع فهي تحقيق سعادة الإنسان بين البشر، مع التعاون والتراحم والاحترام بين الديانات والثقافات والحضارات المتنوعة، والمعاملة الحسنى بالأخلاق".