رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باستغلال التبرع للمنكوبين.. كيف أسس الإخوان إمبراطورية مالية حول العالم (تقرير)

إمبراطورية مالية
إمبراطورية مالية

- التبرعات يصعب حصرها نظرًا لسرية وغياب المستندات والوثائق المالية 

- المشروعات والشركات المملوكة لتنظيم الإخوان بلغت قيمتها حوالي 15 مليار دولار

- يوسف ندا أسس إمبراطورية الإخوان وعاونه خيرت الشاطر وحسن مالك

- أموال الزكاة تذهب حصيلتها إلى دعم أنشطة الجماعة 

- نشاط الإخوان الاقتصادي تركز في المجالات الريعية كالمقاولات والتجارة وتجارة العملة

- التبرعات تحكمها اعتبارات مرتبطة بالظروف السياسية منها خوض الانتخابات

- الإخوان شنوا هجومًا دينيًا على البنوك لدعم شركات توظيف الأموال وتجارتهم في العملة


لم تحظ مسألة تمويل جماعات الإسلام السياسي وبخاصة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والعالم باهتمام دوائر البحث العلمي والأكاديمي لعقود طويلة٬ ربما بسبب غياب البيانات والمعلومات والطابع شبه السري الذي تمارس من خلاله هذه الجماعات أنشطتها السياسية والاقتصادية والمالية٬ وفي كتابه "اقتصاديات جماعة الإخوان المسلمين في مصر والعالم" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب٬ ينطلق الباحث عبدالخالق فاروق من المبحث التاريخي راصدا ومتتبعا الإمبراطورية المالية والاقتصادية لتنظيم الجماعة المحظورة وأساليب عملها وتمويل أنشطتها.

ــ "بيزنس" الإغاثة والتبرعات

وأوضح الباحث عبدالخالق فاروق أن الكذب والخداع قد مارسته الجماعة وأعضاؤها تحت ستار جمع الأموال للمنكوبين والمحتاجين٬ أو ما يسمى التبرعات ولجان الإغاثة للمسلمين في البوسنة، والشيشان، والصومال، وغزة وغيرها، مشيرا إلى أن التبرعات التي يصعب حصرها نظرا لسرية وغياب المستندات والوثائق المالية تعد من أهم روافد الإمبراطورية الاقتصادية للجماعة المحظورة٬ وتتمثل في أموال الزكاة والتي تذهب حصيلتها إلى دعم أنشطة الجماعة، وبخلاف هذه الأموال فإن التبرعات تحكمها اعتبارات قد ترتبط بالظروف السياسية، كالانتخابات التي يشارك فيها أعضاء التنظيم أو مناصرة من يسمون "المجاهدون" سواء أكان في أفغانستان، أو البوسنة والهرسك، أو الشيشان، أو ظروف اجتماعية وإنسانية مثل إغاثة الجوعي في الصومال أو في مناسبات دينية محددة كشهر رمضان.

ــ نشاطات الاخوان الاقتصادية

و يمضي "عبدالخالق" مبينا أن مرحلة الانطلاق الاقتصادي في الداخل والخارج للجماعة في الفترة من 1974 إلى 2001 قد شهدت تحولا جذريا في بوصلة السياسة الداخلية المصرية، وتحول الدولة من معاداة تنظيم الإخوان إلى التنسيق والتعاون معهم والإفراج عن قياداتهم٬ ترتب على ذلك التحول واقع اجتماعي وثقافي جديد في البلاد وسع من نفوذ التيارات الدينية، وانعكس على أنشطة الجماعات الدينية عموما فشهدت تلك الفترة عودة الآلاف من أنصار هذه الجماعات من الخليج لتأسيس مشروعاتهم الخاصة، وتركز نشاطهم في مجالات "المقاولات٬ التجارة٬ تجارة العملة وملابس المحجبات" وغيرها من الأنشطة الريعية، التي لا تتطلب إقامة أصول إنتاجية ومشروعات طويلة الأجل تتناسب وتجربة الإخوان، الذين فضلوا إخفاء أموالهم وممارسة الأنشطة التجارية ذات الأرباح السريعة.

وتابع أن هذا التطور نتج عنه ثروات وتراكمات مالية على مستوى الأفراد والأعضاء المنتمين لجماعة الإخوان وتنظيماتها في الدول العربية، والآخر على مستوى التراكم المالي وزيادة الأرباح للشركات والمشروعات التابعة للجماعة وفروعها، سواء كانت تتبعها بصورة مباشرة أم غير مباشرة عبر أسماء أشخاص أو شركات مساهمة، بالإضافة إلي تراكمات دولية عبر حركتى الإغاثة الدولية والجهاد الأفغاني وفي غيرها من المناطق مثل الشيشان، والقوقاز٬ الصين، ويوغوسلافيا متمثلة في 40 مكتبا منتشرا في 29 دولة حول العالم، لتلقي الأموال التى تضخ في تمويل التنظيم.

ــ يوسف ندا مؤسس إمبراطورية الإخوان

وعن حجم أرباح المشروعات والشركات المملوكة لتنظيم الإخوان التي يتحرك في فضائها يوسف ندا ومعاونوه خيرت الشاطر وحسن مالك بما يقرب من 15 مليار دولار أمريكي، يؤكد المؤلف أن يوسف ندا، المشرف الرئيسي على التوظيف الاستثماري لأموال وأصول التنظيم الدولي للإخوان بكافة فروعه٬ كان قد كشف عن علاقاته ببعض أجهزة الاستخبارات العربية٬ وأصول وأموال الجماعة داخل مصر، والتي تزامن تضخمها وتراكمها مع انسحاب الدولة التدريجي من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة.

و دخل التنظيم وكوادره في استثمار اقتصادي وسياسي في هذه المجالات، فأنشأوا شبكة واسعة من المدارس الخاصة والمستوصفات الصحية فحققوا هدفين، هما اختراق قطاعات واسعة من الفقراء وبعض دوائر الطبقة الوسطى٬ وجني الأرباح والمكاسب المالية من الاستثمار في هذين المجالين٬ ومع نمو حركة السياحة، خصوصا الدينية منها، اتجه التنظيم للاستثمار في شركات السياحة الدينية والجمعيات الأهلية والقرى السياحية والمنتجعات السكنية.

- مهاجمة بنوك الدولة لصالح شركات توظيف الأموال

كما شن تنظيم الإخوان هجمات شرسة على البنوك الوطنية بدعاوى "ربوية البنوك" تمهيدا لتدشين ما يسمى البنوك الإسلامية، والتي كانت عنصرا رئيسيا لحركة أموال الجماعة، ولم تكن مصادفة أن يكون يوسف ندا أول وأكبر المساهمين في مشروع بنك فيصل الإسلامي٬ الذي اعتمد على الفتاوى الدينية التي سطرت خصيصا لصالح هذه البنوك وتجارة العملات الأجنبية والتي كانت مجرمة قانونيا٬ وكان أول من أفتى وصرح بالسماح بفتح مكاتب الصرافة في مصر واحد من رموز الإخوان المسلمين وواحد من أكبر تجار العملة في السوق السوداء السعودية والمصرية وهو " صلاح أبوإسماعيل" عضو مجلس الشعب عام 1984 والد حازم صلاح أبوإسماعيل.

كما فتحت هذه الفتاوى الباب على مصراعيه لظاهرة شركات توظيف الأموال التي نشأت في حضن كبار المشايخ والدعاة متسترة بالدين مستعينة بنصائحهم، حتى إن إحداها لم تتورع عن استخدام اسم ديني للشركة بينما كان صاحبها مسيحيا٬ ومع حالة الشك التي زرعت غصبا في عقول المصريين برزت ظاهرة جديدة على الحياة المصرية، ألا وهي اللجوء إلى أهل الفتوى والشيوخ للحصول منهم على تصريح بفعل أو الامتناع عن آخر.