رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأبارتيهايد الصهيوني

جريدة الدستور

تمر إسرائيل الآن بلحظات عصيبة، توحي بأن الكيان المسرطن في المنطقة العربية قادم على حرب أهلية تعيد عقارب التاريخ للوراء كما كان في الولايات المتحدة الأمريكية وقت الرئيس السادس عشر إبراهام لينكولن ولكن هذه المرة بنسخة الألفية الجديدة مع العلامة الصهيونية التي ألهمت زعماء السود والزنوج في الماضي بالتشبه بهم وقت الخروج الكبير.

أتت النيران المندلعة حتى الآن في الكيان الصهيوني، لكي تكشف عن فصيل ينتمي لليهود يعاني التهميش كما هو المعتاد للملونين في جميع أنحاء العالم وهو فصيل الفلاشا المنتمي لليهود الأحباش الذين عرفوا باسم (بيتا إسرائيل) أو جماعة إسرائيل الذين نزحوا إلى أرض الميعاد في الثمانينات والتسعينات ويقدر عددهم إلى 130 ألف شخص، حاملين في جعبتهم كباقي يهود العالم أمال بوضع نقطة فاصلة لكوابيس الخروج الكبير!!

أُطلقت نيران الصهيونية على جسد الشاب سالمون تيكا ذو ال18 عام نتيجة لمشاجرة شبابية دفعت شرطي سابق لإستعراض قوته السابقة، كدليل قاطع على بدائية الإنسان في عصور التكنولوجيا والتطورات السريعة.

كشفت هذه الرصاصات عن جذور العنصرية التي خرجت من رحِم الصهيونية منذ فكرة (الجوييم) أو الأغيار التي تعني (شعب الله المختار) لتنتقل تباعًا عبر العصور والعقود والأجيال لمختلف البلاد بمسميات متنوعة لتظل الدائرة مستمرة في دورانها لتعود لأصلها في مكمن من أسسها كبداية حقيقية لمفهوم الفاشية.

أظهرت الحادثة مدى المعاناة التي يعاني منها الأقليات اليهودية وهما السوفردييم (يهود الشرق) والفلاشا بإهمالهما في كافة الحقوق الطبيعية لأبسط إنسان، لتعود الدائرة على من إبتكر التمييز منذ فجر التاريخ تحت دعاوى دينية بنكهة سياسية، كي تُعمر الجنة الموعودة بمن يتسمون بالرُقي والتحضر !!

تنبأ الكاتب المسرحي الكبير علي أحمد باكثير في مسرحيته (شعب الله المختار) بأن الكيان الصهيوني المؤسس في العام 1948 هو كيان قوي من الناحية الظاهرية وهش من الناحية الباطنية لوجود التمييز العنصري بين فئات اليهود، خاصةً بتهميش السوفردييم وتمييز الشكنازيم (يهود الغرب).

أتت صرخات أبطال المسرحية وقت إكتشاف أبارتيهايد الشكنازيم ضد السوفردييم عبر مداد باكثير الذي طمئننا مع دعوته بالسعي والحركة بإستغلال تلك الثغرة التي إن وضعنا أيدينا عليها، ستنتهي الأكذوبة الكبرى بأن إسرائيل هي واحة الديمقراطية كما قال الزعيم الأفرو أمريكي مارتن لوثر كنج الذي شبه الزنوج بيهود الخروج !!

السؤال المطروح الآن:

هل سيخرج من بين أنقاض الفوضى ماردًا من الفلاشا على خطى كنج باحثًا عن حقوق زوييه المفقودة بين براثن الأبارتيهايد الصهيوني ؟

ننتظر الإجابة في تحريك الأحداث لتكشف عن دورية التاريخ كما حدث لروزا باركس التي أخرجت المارد الأسمر مارتن لوثر كنج في ديسمبر من العام 1955 في واقعة الحافلة الشهيرة، لرفضها ترك مكانها والجلوس بأماكن الملونين والتي جعلت من ذلك المارد يصرخ قائلًا:

لدي حلمًا.

هل سيأتي من بين شظايا الإنتفاضة من يصرخ بالعبرية والأمهرية معًا بنفس ما قاله كنج ؟
كيف يواجه بنيامين نتنياهو ذلك المصير المفزع من خلال حزب الليكود (التكتل) القائم على العنصرية منذ مناحم بيجين الذي سمي بهتلر الصهيونية ؟

كلها إجابات مرجأة في سجلات الأقدار، باحثة عمن ينقب عنها حسب سير الأحداث.