رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يعلن «داعش» الحرب البيولوجية على العالم؟

أرشيفية
أرشيفية

التنظيم يدرب أنصاره على صناعة السموم و"الجمرة الخبيثة" وقتل المرضى في المستشفيات.. والأمن الأوربي يحبط عمليتين إرهابيتين بقنابل بيولوجية خلال شهر

خبير سموم: يجب نستعد لتلك الحرب وإلا ستكون العواقب وخيمة

في 13 يونيو الماضي، ألقت الشرطة الألمانية القبض على مواطن تونسي وزوجته الألمانية في كولونيا بعد علمهم بتجهيز الزوجين لقنبلة بيولوجية مكونة من سم الريسين المميت من أجل إطلاقها في ألمانيا وإسقاط مئات الضحايا نتيجة هذا السلاح الفتاك الذي كاد التنظيم أن يستخدمه لأول مرة في عملياته الإرهابية في أوربا، مما يبشر ببدء التنظيم حربه البيولوجية على العالم.

ما يؤكد نية التنظيم خوض هذه الحرب اللاإنسانية المميتة والتي قد تكون سببا في وفاة مئات الألاف من البشر هو إلقاء فرنسا أيضا القبض على داعشي في باريس في شهر مايو المنصرم وكان بحوزته هو الآخر قنبلة بيولوجية مكون من سم الريسين وجاهزة للاستخدام، وهو نفس السم الذي وجده الأمن المصري في أغسطس عام 2014 مع المتهمين في قضية تنظيم أنصار الشريعة حيث وجد الأمر ضمن أحراز القضية كميات من سم الريسين وكتب تعليمية في صناعة السموم وبعض الأمراض القاتلة.

تدريب

يرجع لجوء داعش إلى هذه الحرب كانتقام من دول العالم وخاصة الدول الأوربية بعد الخسائر الكبرى التي كبدها التحالف الدولي للتنظيم في العراق وسوريا مما أسفر عن خسارة داعش كل أراضيه هناك، هذا بجانب فشل الذئاب المنفردة الداعشية في تنفيذ عمليات حقيقية في قلب أوربا باعتمادهم على الأسلحة المعتادة، الأمر الذي جعل التنظيم يعطي توجيهاته بهذه الحرب التي تعتبر من أشنع وأفظع أنواع الحروب في العالم وهي ما ستمثل انتقام شرس للتنظيم الإرهابي.

موسوعة السموم

وفي ضوء السعي للحرب البيولوجية على العالم بدأ تنظيم داعش الإرهابي عبر مواقعه السرية الخاصة على شبكة الانترنت بنشر دروس وكتب تعلم أنصاره في العالم طريق صناعة المواد البيولوجية السامة كي يبدأوا بتنفيذها في دولهم.

ومن ضمن ما نشره التنظيم الإرهابي منذ ظهوره الرسمي عام 2014 موسوعة تعليمية أطلق عليها "موسوعة السموم" ليشرح لأنصاره ومؤيديه خارج منطقة سيطرته والذين يطلق عليهم "الذئاب المنفردة" كيفية تصنيع هذه السموم وطرق استخدامها لضرب العالم بها لخدمة داعش.

تحوي موسوعة السموم طرق تحضير وأليات استخدام وأعراض عدد كبير جدا من السموم المختلفة، منها سم اللحم الفاسدة أو سموم البوتولاينم وهو سم يوضع على الغذاء ومن الممكن تلويث الأطعمة كلها به وتظهر أعراضه بعد ساعتين فقط من تناول الطعام الملوث ويتسبب في شلل جهاز التنفس ووقف القلب إلا أنه بطيء في القتل حيث يموت من تناوله في وقت ما بين يومين إلى 6 أيام وهو ما يجعل من الممكن إنقاذ المصاب به، ثانيا سم النكوتين من التبغ وهو سم سهل الحصول عليه من خلال السجائر وتأثيره قوي ولكن يسهل التعامل معه، سم جليكول الاثيلين وهو سم يستخرج من البطاطس، وأخيرا سموم عيش الغراب أو سموم الفقع وهو سم مستحضر من عيش الغراب ويضرب الكلى والكبد ويموت من تناوله خلال 3 أيام على أقصى تقدير.

تطرقت الموسوعة الإرهابية لنوع ثاني من السموم وهي السموم الغازية التي تطلق في الجو مثل غاز كلوريد السيانوجين وهو غاز يخترق حتى القناع الوقي من السموم لو تم لبسه ويسبب في الوجه تهيجا شديدا، وغاز كبريتيد الهيدروجين وهو غاز سام تشبه رائحته رائحة البيض الفاسد ومن أعراضه وجود ألام في القرنية وصداع مستمر وغثيان، ثالثا الغاز الأشهر في العالم العربي والذي استخدمه داعش في بعض معاركه في سوريا وهو غاز الكلور وهو غاز محرم دوليا يضرب الرئتين ويقتل سريعا الضحية التي تستنشقه، غاز الخردل، غاز الأرسين، غاز أول أكسيد الكربون، غاز الفوسجين، غاز سيانيد الهيدروجين، هذا بجانب غازات الأعصاب وهم غاز تابون وغاز سارين وغاز زومان وهي غازات تدمر كل عضلات جسم الإنسان وتقتله وتم اكتشافه بواسطة الألمان عام 1944 وطورها الإنجليز عام 1955 وحولوها إلى غاز في إكس وهو غاز لا رائحة له وقنبلة واحد منه تقتل كل الكائنات الحية على مسافة ميل وربع.

تطرقت الموسوعة أيضا إلى السموم الكميائية وأشهرها سم السيانيد الذي يعتبر من أشهر السموم في داعش حيث يتم دهن الأسلحة البيضاء به لتكون مميتة وهو في نفس شهرة سم الريسين الذي يستخدم لنفس الغرب تقريبا.

سم الريسين

وبعيدا عن هذه الموسوعة الداعشية الشاملة يظل سم "الريسين" المستخرج من بذرة زيت الخروع هو السم الأشهر داخل صفوف تنظيم داعش الإرهابي بدليل أن كل الخلايا الداعشية التي قبض عليها في أوربا مؤخرا كانت تجهز لقنابل مكونة من هذا السم تحديدا وذلك بعد أن علمهم عناصر التنظيم كيفية صناعة هذه القنبلة تحديدا.

الريسين لا يستخدم فقط في صناعة القنابل بل أن التنظيم الإرهابي نصح ذئابه المنفردة في السابق بدهن الأسلحة البيضاء به أثناء قيامهم بعمليات الطعن الشهيرة التي انتشرت في أوربا وبكثافة في الأعوام الماضي، أو برش هذا السم في الجو حيث يستمر تأثيره لمدة إسبوعين كاملين ويتسبب لمن يستنشقه في إسهال دموي وألم في الحلق ثم يموت الشخص في عدة دقائق فقط.

ومن الأسباب الذي يجعل هذا السم هو الأشهر داخل داعش هو سهولة استخراجه واستخدامه حيث من الممكن استخراجه من بعض العقارات الموجودة في الصيدليات وخاصة تلك المحتوية على أجزاء بسيطة جدا من نبات الخروج الذي يستخدم كعلاج لـ ديدان البطن وكيفية استخدامه.

الجمرة الخبيثة

المواقع الداعشية مؤخرا لم تكتف بنشر السموم وطرق تصنيعها بل قامت بنشر كتاب كامل كي تعلم أنصارها كيفية صناعة الجمرة الخبيثة واستخدامها كجزء من الحرب البيولوجية على العالم.

وتعتبر الجمرة الخبيثة من الأمراض الخطرة جدا والقاتلة، وقد كان لها تاريخ طويل من القتل حيث استخدمها الأمريكان في قتل الهنود الحمر الذين كانوا يحاربون من أجل أرضهم، وتم استخدامها من خلال وضعها في البطاطين وتركها كي يحصل عليها الهنود الذين كانوا يعيشون في طقس بارد جدا في تلك الفترة، وما أن يستنشقوها يصابوا بالمرض ويموتون خلال أيام قليلة.

استهداف المستشفيات

وحشية داعش لم تقف عند السموم واستخدامها لقتل العوام في الشوارع بل وصل الأمر إلى حد تحريض التنظيم لذئابه المنفردة من الأطباء والممرضين في العالم بقتل المرضى والمستشفيات من خلال حقنهم ببعض هذه السموم، وقد كانت هذه الدروس من خلال كتب داعشي يعرف باسم "كيفية قتلى جرحى المرتدين في المستشفيات عن طريق الأدوية والعلاجات" وهو كتاب من إصدارات مؤسسة الوفاء الداعشية لمؤلف يعرف باسم "أبي قسورة القرشي".

في بداية الكتاب حذر التنظيم ذئابه المنفردة من كاميرات المستشفيات كونها تصور كل شيء، كما أعطى نصائح قبل استخدام سمومه القاتلة للمرضى مثل وضع السم في زجاجات أدوية تستخدم بكثافة في المستشفيات كالمضاد الحيوي الشائع "كالسيفوتاكسيم" أو "السيفترايكسون" بحيث لو دخل أحد على الطبيب وهو يحقن المريض بهذا السم وكأنه مضاد حيوي دون أن يرتبك أو يسمح لأحد بأن يشك فيه.

ومن المواد التي رشحها الدواعش لهذه العمليات الإجرامية التي لا تمت للإسلام بأي صلة مادة الأنسولين الخام، أول أمبولة البوتاسيوم الخام أو غيرها من السموم.

واختتم الإرهابي الداعشي كتابه بمقولة لأبو محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم التنظيم الإرهابي الذي قتل مؤخرا كتأكيد على صدق تحريضه البعيد كل البعد عن الإنسانية والتي قال فيها: "ونجدد الدعوة للموحدين في أوربا والغرب الكافر وكل مكان باستهداف الصليبيين في عقر دارهم وأينما وجدوا وإننا خصوم بين يدي الله لكل مسلم يستطيع أن يريق قطرة دم صليبية واحدة ولا يفعل سواء بعبوة أو طلقة أو سكين أو سيارة أو حجرأو حتى بركلة أو لكمة".

كيف نواجه هذه الحرب؟

ولمواجهة هذه الحرب البيولوجية التي لم يستخدمها التنظيم في السابق خوفا على شكله العام بين أوساط المسلمين وخاصة المعجبين به والقريبين من أن يكونوا جزءا منه وسيستخدمها الآن تعويضا لخسائره وتأكيدا على إرهابه ودمويته، كان لـ "الدستور" هذا الحديث مع الدكتور محمود محمد عمرو، خبير السموم المصري الكبير ومؤسس المركز القومي للسموم الذي قال: يجب أن نكون مستعدون تماما لهذه الحرب، وعلى مستوى مصر أنا أدعوى أن يكون هناك مراكز سموم تغطي كل الجمهورية بدلا ما نملكه الآن وهم 5 أو 6 فقط، كما يجب أن ندرب الأطباء في جميع المستشفيات على طريقة التعامل مع الحرب البيولوجية، فالتعامل مع السموم ليس صعب جدا ولكنه ليس سهل أيضا، وأوربا قد تدربت منذ فترة طويلة على كيفية التعامل مع هذه الحروب المتوقعة.

ويرى مؤسس المركز القومي للسموم أن داعش عندما يقرر استخدام السموم في حربه سيستخدمها بطريقة تجمعية أي أنه سيطلق قنابله البيولوجية في تجمعات كبرى كالأسواق، أو في نادي رياضي، أو في تجمعات بسينما.

وأشار الدكتور محمود محمد عمرو إلى أن أخطر أدوات هذه الحرب هو سم الريسين الذي يرى أنه قد يكون كارثيا إذا استخدم بكميات كبيرة وفي أماكن مغلقة، حيث أنه يؤثر على الجهاز العصبي ويسبب في شلل لهذا الجهاز بعد أن يقوم بغلق خطوط كهرباء المخ الأمر الذي سيتسبب في شلل في القلب أو الأعضاء أو الكبد ويؤدي إلى الوفاة في مدة تتوقف على كمية الريسين الذي دخل الجهاز التنفسي للإنسان والحالة الصحية للمصاب نفسه فصاحب الأمراض وصاحب المناعة الضعيفة سيموت على الفور دون أي مقاومة.

تحدث خبير السموم أيضا عن الجمرة الخبيثة ومخاطر استخدامها في هذه الحرب، وقال عنها إنها عبارة عن التهاب رئوي قوي، فبمجرد دخولها جسم الإنسان تتسبب في التهاب رئوي بنزيف وتسبب الوفاة كونها تتسبب في وجود نزيف في الشرايين، موضحا أن الهنود الحمر تم القضاء عليهم في أمريكا من 300 عام من خلال استخدام الإنجليز الجمرة الخبيثة في الحرب البيولوجية عليهم، حيث كانوا يملأون البطاطين بالجمرة الخبيثة ويتركوها في أماكن وكأنهم أخلوها مضطرين، فيعتبر الهنود الحمر أنفسهم متقدمين وهذه غنائم أخذوها منهم، وفي ظل الشتاء القارص يستخدم الهنود البطاطين الملوثة ويموتوا جميعا واحدا تلو الآخر.
وفي ختام حديثه للدستور طالب مؤسس المركز القومي للسموم إصدار قانون يحظر شراء أي شخص للمواد الكيميائية في مصر والتي قد تستخدم في الحرب البيولوجية وخاصة أن التنظيم الإرهابي نجح في تجنيد عدد من الصيادلة والأطباء والكميائيين بهدف استخدامهم في صناعة القنابل البيولوجية.